إليكم الطاهر ساتي تعلموا ثم تدربوا أو ...( لسانك إستقالتك) [email protected] ** (إن المصريين لم ينضجوا سياسيا )، أوهكذا قال أحمد نظيف رئيس وزراء النظام المصري المخلوع، عندما قويت شوكة المعارضة وإشتعل غضب الشعب، فوصفت الصحف المصرية ذاك التصريح ب ( أغبى تصريح صحفي في تاريخ مصر)..وكذلك للواء عبد الفتاح عمر - النائب البرلماني بمجلس الشعب المخلوع أيضا - تصريح ساذج ، بحيث أراد أن يمدح الرئيس مبارك في جلسة برلمانية طالبت بتعديل القوانين المقيدة للحريات، فقال ردا على نواب تلك المطالب : ( لو أراد الرئيس مبارك أن يكون ديكتاتوريا لوافقناه، لانه سيكون الديكتاتور العادل )..أما تصريحات القذافي ذات المعاني الغريبة، فحدث ولاحرج، وكان آخرها : ( لوكنت رئيسا أيها الجرذان لرميت إستقالتي في وجوهكم)..!! ** وعليه..مخاطبة الرأي العام - كما قيادة السيارة - فن وذوق وأدب وثقافة ..وكذلك التعامل مع وسائل الإعلام صار علما يدرس في مراكز التدريب والتأهيل..نعم، سنويا يستهدف مركز التدريب بقناة الجزيرة - على سبيل المثال - المئات من العاملين بمكاتب العلاقات العامة والمتحدثون باسم المؤسسات العامة والخاصة، ليدربهم ويعلمهم ( فن الحديث الإعلامي)، وكيفية التعامل مع كل (وسيلة إعلامية).. أي كيفية الحديث للتلفاز تختلف عن كيفية الحديث للإذاعة، وكيفية الحديث للتلفاز والإذاعة تختلف عن كيفية الحديث للصحف، ثم كيفية الحديث لكل وسائل الإعلام تختلف عن الخطب الجماهيرية..والغاية من كل هذا التصنيف والتدريب هي أن يكون خطاب المتحدث إيجابيا، بحيث يتفاعل معه الرأي العام تفاعلا إيجابيا، وهكذا يكون قد نحج المتحدث في التعبير عن قضيته وإرسال رسالته بكل لباقة وسلاسة ..وأعظم القادة والفلاسفة - في التاريخ الإنساني- هم الذين سحروا آذان شعوبهم ومجتمعاتهم بعبارات بليغة وذات معاني عميقة ولاتزال الأجيال تتوارث عباراتهم الرشيقة..ورحم الله حبيب الشعب الأزهري، حيث قال ( الحرية نار ونور، ومن أراد نورها فليصطلي بنارها )..هكذا عبر الزعيم عن قضيته بسلاسة وب (ما قل ودل)، فتأمل دقة التعبير ووضوح المعنى وسلامة اللغة ..سوح السياسة خلت اليوم من مثل هذه اللوحة الأنيقة، فحلت محلها لافتات من شاكلة ( لحس الكوع، شم أباطك، علي الطلاق)، وغيرها من الترهات التي حين تسمعها تصيح في الناس : ( دثروني ) ..!! ** المهم ..خرجت للناس والصحف تصريحات بعض ساستنا في الأسابيع الفائتة عبر برنامج مؤتمر إذاعي، وتسببت تصريحاتهم في خلق أحداث لاتزال الصحف تلاحق آثارها وتداعياتها.. وأشهرها ( حقنة كمال عبيد) و( شريعة حسب الله)،و(بنقو وزير الداخلية )، وأخيرا تصريحات الدكتور نافع على نافع حول مستشارية الأمن والتي قابلها الفريق صلاح عبد الله بتصريحات مضادة ( كلام نافع يخصه )، فحدث ما حدث..والمتأمل - بحصافة - لجوهر كل تصريح ، يجد فيه حسن النية وسلامة المقصد، ولكن لم يحكم الرأي العام على كل متحدث بجوهر الحديث، بل بالمظهر الذي لم يكن لائقا ولا لبقا .. أي جوهر حديث عبيد كان عن حقوق المواطنة وما يميزها عن حقوق الأجنبي، وكذلك حديث حسب الله كان حول كيفية جمع الصف الوطني، أما وزيرالداخلية فتحدث عن مخاطر مادة مصنفة كمادة مهلوسة، وهكذا..جوهر الحديث يختلف عن المظهر الذي ظهر للراي العام، ولذلك لم يكن مدهشا بأن تكون النتائج - عند الرأي العام وصناع القرار - هي حزمة أحداث تراوحت أثارها ما بين الإقالة ( صلاح وحسب الله ) والإستنكار( كمال عبيد وابراهيم محمود )..وكل هذا مرده أن كل من تحدث كان لديه فرص التعبير عن تلك القضايا بلغة أخرى وأسلوب آخر، ولكنه - لسبب ما - أضاع تلك الفرص..و( سبب ما)هو مربط فرس الزاوية .. أي علي أي سياسي أو إعلامي - أو أي مواطن - أن يبحث عن السبب الذي يخرج حديثه بمظهر يختلف عن جوهره ، ثم يوصف عند البعض ب ( خانو التعبير )..فالتعبير لايخون صاحبه إذا تعلمه ثم أصقله بالتدريب..وعليه، تعلموا وتثقفوا ثم تدربوا، فليس في التعليم والتثقيف والتدريب ( حياء) ..!! ................... نقلا عن السوداني