مذيعو (الهنا)...!!! صلاح عووضة * دعونا (ندردش) اليوم بعيداً عن السياسة توافقاً مع أجواء عطلة اليوم (السبت).. * وبصراحة؛ الفضل في فكرة هذه (الدردشة) يعود الى مذيع من مذيعي هذا الزمان الذي أُدين له بجميل يستحق عليه شكراً.. * فقبل أن أستمع بالصدفة الى هذا المذيع وهو يقدم محاضرة رفيعة عن فن الغناء النوبي كنت أظن – خطأً – أن صواردة هي بلدة في منطقة السكوت المتاخمة للمحس شمالاً .. * وصواردة هذه – للعلم – هي مسقط رأس الفرعون النوبي محمد وردي .. * ولكن المذيع المذكور مرَّ على منطقة السكوت كلها مرور الكرام دون أن ترد إشارة الى صواردة أو وردي في محاضرته القيمة.. * وبعد أن جاس خلال ديار حلفا – المذيع – فاجأني أنه مازال يتجه شمالاً حين قال: (والآن نغادر حلفا إلى.....).. * فاغتنمت فرصة تقعُّره في الكلام مما يجعل بين الكلمة والأخرى (مسافة) مثل التي بين السكوت وحلفا وتساءلت في سرِّي سريعاً: (هل تراه ينوي التوغل في ارض النوبة المصرية \"بالمرَّة\" من شدة الاعجاب بالغناء النوبي؟!).. * ولكني إكتشفت مدى جهلي بمنطقة انتسب إليها حين وجدت مذيعنا يشد الرحال صوب صواردة شمالاً ويبشرنا بقرب الوصول إلى القرية التي شهدت ميلاد العملاق وردي.. * فحمدت الله أن هناك مذيعاً من الزمن الجميل مازال يوثِّق لرموز الفن السوداني الاصيل عبر برنامج (أغنياتي وذكرياتي).. * إنه ملك المايكرفون عمر الجزلي الذي يحرص على أن يكون أداؤه عميقاً، بليغاً، صائباً، دون تقعُّر أو تكلُّف أو (تفلسف).. * ثم يحرص كذلك على أن لا يحل ضيفاً على برنامجه – جسداً أو روحاً – إلا من كان صاحب إبداع حقيقي في مجال التطريب وليس أصحاب (القنابل!!) و(السناتر!!) و(النقوش!!).. * والتطريب هنا يشمل الغناء والشعر واللحن والموسيقى.. * ورغم اختلافي سياسياً مع المعتَّق عمر الجزلي – حيث أنه مغرم بالأنظمة العسكرية – إلا أن الذي نتفق عليه، عدا ذلك ، كثير.. * ومن هذا الذي نتوافق عليه أن الغناء الإبداعي يُحدث في النفس أثراً لا ينمحي بكرِّ الأيام والليالي.. * والأثر هذا هو الذي يُعين على التطريب الذاتي عبر إجترار اللحن دندنةً صادحة او هامسة أو صامتة.. * وخلال جلسة نقاش مع بعض محبِّي غناء هذا الزمان من الشباب طلبت منهم ان يذكروا لي بعض الاغنيات التي يرون – حسب قولهم – أنها تبزّ كل ماسلفها من تطريب.. * فتباروا في الاشارة إلى عدد من الاغاني فضحت جهلاً من تلقائي لا يقل عن فضيحة جهلي الجغرافي بموقع صواردة.. * وبعد أن حصروا من الأغنيات هذه ما لا يقل عن عشرٍ – وقد تطاولت أعناقهم فخراً – طلبت منهم ان يدندنوا بواحدة منها؛ فعجزوا.. * قلت لهم: دعونا من الدندنة، غمغموا بلحنها الموسيقي فقط؛ فعجزوا.. * فطلبت منهم – عندذاك- أن يكتفوا بترديد المقاطع الأولى منها (كلاماً)؛ فعجزوا ايضاً.. * اما ما نعجز عنه نحن فهو فهم السر في إصرار ذوي الإختصاص من متحزِّبي الإنقاذ على (فرض) مذيعين على أجهزة الإعلام لا يميزون بين الألف وكوز الذرة في كل الذي كان يعدُّ من البديهيات لدى رصفائهم الذين أُطيح بهم لضرورات (التمكين!!).. * وبعض الذين أُطيح بهم هؤلاء يتجلون إبداعا الآن في فضائيات وإذاعات خارجية ليحل محلهم بالداخل من يجرجرون صواردة من قفاها ليضعوها شمال حلفا و(الماعجبو يشرب من مياه بحيرة السد العالي).. * ولو كان المذيع المذكور في قامة البروفسير عبدالله عووضه حمور لقلنا أن خطأه ذاك هو كبوة جواد بمثلما قلنا عن الخطأ الذي وقع فيه هذا الاخير وهو يذكر في تعقيبه بمساحتنا هذه أمس أن المحس والدناقلة يتحدثون بلسان نوبي واحد يختلف عن ذاك الذي يتحدث به السكود والحلفاويون.. * والبروف عووضه هذا – للعلم – من منطقة البديرية ولا صلة له بآل عووضه الذين ينتسب إليهم كاتب هذه السطور ويسمُّون بالنوبية (الشهودنجِّي).. * والبديرية هؤلاء نسب إليهم الزميل الشهيد محمد طه مرة – خلال لقاء تلفزيوني – أغلب الإبداعات الغنائية والشعرية التي تنسب (عادةً) إلى الشايقية.. * وأشار محمد طه – رغم أنه شايقي – إلى نفر من أصحاب هذه الابداعات منهم النعام ادم وصديق احمد وعبدالرحيم أرقي وعبدالله محمد خير .. * وحسب (علمنا) فإن منطقة البديرية هذه هي التي تفصل بين الشوايقة والنوبيين... * ولكِنَّا لا ندري موقعها الجغرافي الحالي بعد أن أمست صواردة شمال حلفا اجراس الحرية