بلا انحناء أحداث جنوب كردفان أزمة الديمقراطية بعد الحرب فاطمة غزالي [email protected] الحرب التي أطلت بصورتها البشعة والقميئة بولاية جنوب كردفان وجرّت معها بعض الممارسات الدخيلة على مسرح السياسة السودانية كالتحرش السياسي السيئ بالجنوح نحو مسألة التصفيات الجسدية ، ومحاولات الاغتيال المتبادلة، ما هي إلا نتاج لعملية سلام سادها الاضطراب والتناحر بين الشريكين(المؤتمر الوطني والحركة الشعبية)، لأن الشريكين تجاهلا مسألة تطبيق مسائل روتينية عادة ما تصاحب أي عملية تسوية سياسية لإنهاء الحروب الأهلية كما أورد ذلك تيموثي د. سيسك عضو الهيئة التعليمية لبرنامج فض النزاعات في جامعة دنفر وزميل عال في البحوث في كلية الدراسات الدولية العليا ، ومسؤول سابق في برنامج وعالم البحوث في معهد السلام الأميركي، ولا شك في أن تدابير تيموثي وأولها كيفية تطبيق الديمقراطية كنظام طويل الاجل لإدارة الصراعات الاجتماعية العميقة ، وتحقيق واسع لمفهوم المشاركة من أجل خلق مجتمع مدني يدعم التسامح وسياسات التعددية من خلال الالتزام بالقواعد الدستورية للعبة، لم تكن محل اهتمام من قبل شريكي نيفاشا، وبالرغم من أن السّودان به العديد من مراكز السلام بجامعة الخرطوم، وجامعة جوبا ، وغيرهما من المواعين التي تتحدث عن السلام إلا أفكار وتوصيات علماء السلام وفض النزاعات لم تحرك ساكناً في دواخل الوطني والحركة وكانت المحصلة النهائية للاتفاقية اقتطاع جزء عزيز وغالٍ من الوطن، ونشوب حرب في جبال النوبة أفرزت واقعا إنسانيا سيئا ، وتوترا متواتر في منطقة أبيي هلامية المصير. لا جدال مطلقاً في أن الطريق الأمثل والطرق الممكنة لوضع نظام شرعي جديد ليحكم مرحلة ما بعد الحرب وهو النظام الديمقراطي مع سيادة حكم القانون ، ولكن الشاهد أن اتفاقية السلام (الشامل) التي أوقفت الحرب بين الشمال والجنوب ، لم يكن للشريكين الموقعان عليها (المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية المخاطر) الرغبة في النظر إلى الديمقراطية كنظام بديل يخرج الاتفاقية من المخاطر التي تحفها، وكل واحد منهما دخل في بؤرة الانشغال باهدافه الخفية ومصالحه الخاصة دون اعتبار للمصالح الاجتماعية وأهمها كيفية تحضير مصل وقائي يمنع الاصابة بداء الحرب مرة أخرى، فالأول كان مشغولاً بتعزيز أدوات التمكين الاقتصادي وبقائه في السلطة والثانية كانت مشغولة بكيفية إحكام القبضة في الجنوب، ورعاية تقرير المصير الذي تنامى الشعور بضرورة أن تأتي نتائج الاستفتاء لصالح الانفصال بسبب التشاكس والتناحر والتنافر بينهما.. الواقع السياسي خلال الفترة الانتقالية لسان حاله يقول الشريكان اتفاقا على أن لا تلاقي بينهما إلا فيما يدعم موقف بقائهما في السلطة واحكام قبضتهما ، كل فيما نصب نفسه ملكاً له الأول ملكاً على شمال، والثانية ملكة على الجنوب على حساب مطالب المعارضة السودانية شمالية كانت أم جنوبية ، وانتخابات إبريل من العام الماضي كشفت بجلاء عن الصمت المتعمد وغض الطرف المتبادل لما حدث في الانتخابات في الشمال والجنوب. ويبدو أن حسن الطالع للشريكين جعل اهتمام المجتمع الدولي في اتفاقية السلام ينصب نحو تقرير المصير وفصل الجنوب، وعليه كان دوره متناقضاً في مسألة الديمقراطية في السودان، وباهتاً في الانتخابات إلى درجة جعلته يتناسى أن للسودانيين تجارب انتخابية ديمقراطية في عقود سابقة ،فصنف التجربة الانتخابية الماضية ضمن المهازل الانتخابية التي جرت في العالم الثالث وأنها الأفضل قياساً بتلك. عموماً البدايات الخطأ تأتي بنهايات خطأ بدأ الشريكين بثنائية ، وانتهيا بانفصال وحرب.. إذاً ما هو دور القوى السياسية والمجتمعية في السودان بعد فشل واضح لنيفاشا في تحقيق الوحدة ووقف الحرب تقرأ أخباره في كل وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية؟!!. الجريدة