تبريرات الوزير فيصل محمد صالح ربما يكون السيد علي محمود وزير المالية سئ الحظ، بدرجة تجعل كثير من قضاياه وأوراقه مكشوفة للصحافة أكثر من غيره من المسؤولين والوزراء، ربما كانت لدى الآخرين بلاوي \"متلتلة\"تهون إلى جانبها ما كشفت عنه الصحافة بخصوص الوزير، ولكن، والشهادة لله، فإن السيد الوزير ما دافع عن نفسه في مواجهة الصحافة، إلا زاد الطين بلة، فهو يترك الموضوع الأساسي وجوهر القضية ليمسك بالقشور والمواضيع الانصرافية. في موضوع الوثيقة التي كشفها الزميل أبو القاسم بصحيفة \"السوداني\" عن العقد الخرافي لمدير سوق الأوراق المالية ، ترك الوزير القضية الأساسية حول مدى قانونية العقد والتزامه بالشروط المالية والوظيفية للحكومة، والتفت لسؤال كيف ومن أين تحصل الصحفي على الأوراق، وصارت هذه هي قضيته الأساسية. هذا طبعا غير تصرفه الخاطئ باحتجاز الصحفي بشكل غير قانوني داخل سيارة الوزير مرة، وفي مباني حكومية مرة أخرى. في القضية الجديدة التي فجرتها الزميلة \"الوطن\" حول علاج ابن وزير المالية بأمريكا على حساب الوزارة ودون أي إجراءات تقتضيها اللوائح والقوانين، حول الوزير المسألة لاتهام مستشار الرئيس الدكتور أحمد بلال بتسريب الاوراق بغرض الابتزاز، وهذا موضوع آخر يستحق التحقيق والاجراء المناسب، لكن يظل السؤال الجوهري هل هذه الإجراءات الخاصة بعلاج ابن الوزير خطأ أم لا؟ تقول الإجراءات المتعلقة بدفع تكاليف العلاج بالخارج أن هناك لجان متخصصة بالقمسيون الطبي هي التي تحدد ضرورة الإجراء وتكلفته، ثم تحول الأمر لوزارة المالية للتصديق، والتي تخضع هذا الأمر أيضا لإجراءات وكشف أولوية، وقد تصدق بكل الميزانية أو جزء منها. وهناك مئات من المواطنين أصحاب الحاجات والأمراض الخطيرة يلهثون بين المكاتب وأجهزة الدولة للحصول على هذا التصديق، وقد لا يظفرون به. حديث الوزير والوثائق المرفقة تثبت أن مسالة علاج ابن الوزير لم تمر بهذه الإجراءات، وخطورة المسالة أن وزارة المالية هي الجهة المسؤولة عن الزام أجهزة الدولة الاخرى بالضوابط والاجراءات المالية، فكيف تخالفها بهذه السهولة؟. ثم لو اقتنعنا بأن هذا الإجراء تم من دون علم الوزير، ألم يتساءل الوزير لحظة كيف تم دفع نفقات العلاج، ولم لم يقم بتحقيق بعد عودته ليتأكد من صحة الإجراء وقانونيته، واتخاذ الاجراءات لتصحيح الوضع؟. ليست لدينا موجدة شخصية مع السيد الوزير، وليس من سبب لترصده، لكن ما يتكشف من أوراق الوزارة يثبت حجم الفوضى والتجاوزات التي تتم في أجهزة الدولة دون حسيب ولا رقيب، ودون أن تتوقف أمامها السلطات العليا لتحاسب وتعلن الحساب. وما يجب أن تركز عليه الدولة هو كيفية معالجة هذه الأخطاء والتجاوزات، وليس معالجة تسريب الوثائق للصحافة، وكأن هذه هي القضية الأكبر، فهي في النهاية تقود للشفافية وتفتح باب المحاسبات أمام الدولة، لو كانت راغبة وقادرة. نسأل الله الشفاء لابن الوزير وأن يسبغ عليه نعمة اكتمال الحواس. الاخبار