حديث المدينة مطلوب اختراق..!! عثمان ميرغني برغم لذة العيد.. وكثافة عواطف المحبة المتبادلة فيه.. إلاّ أنّ الفرحة تظل ناقصة.. طاما أنّ هناك أهل لنا في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور لا يزالون تحت ضجيج فرقعة السلاح والحذر والخوف.. تصور نفسك رب أسرة تعيش في هذه المناطق.. أولادك تحت بصرك بلا مستقبل.. لأنّ الحرب لا تمنح إحساساً لحياة أو لمستقبل.. تعيش إما في عراء أو في كنف معسكرات النزوح.. ولا تعلم متى تنتهي هذه الحال.. كيف يكون إحساسك.. بالعيد أو بغيره.. والله العظيم.. كل من يحتسي نشوة العيد بلا أدنى إحساس بهؤلاء المنكوبين في وطننا.. رجل ناقص عقل ودين ووطنية.. لا يمكن أن يكون الوطن وطنين.. وطن لآمنين إذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فهكين.. ووطن لخائفين تترصدهم الكوارث والمآسي.. والمستقبل المجهول. وبصراحة.. في المشهد السياسي الماثل أمامنا لا يبدو وميض شاهد على (جدية!) الساسة في حل معضلاتنا القومية.. ساسة يتحاورون وأيديهم في الماء البارد.. يدركون أن أبناءهم في نعيم المدارس والعيش الرغد.. ولا ينقصهم من نعيم الدنيا إلا انتظار مجد (سياسي) قد يأتي على أكفان مواطنيهم.. أو لا يأتي. انتظار الوساطات الإقليمية والدولية ليس من (الرجولة الوطنية).. وحساب المرارات الشخصية لن يحل قضايانا... فالمطلوب هو عمل سياسي خارق للعادة ينهي كل الخصومات الدامية في الوطن.. عمل سياسي يسترجع إلى طاولة المفاوضات.. داخل الوطن وليس خارجه... خليل إبراهيم.. عبد العزيز الحلو.. مالك عقار.. مني أركو مناوي.. عبد الواحد محمد نور.. وكل الأسماء الأخرى التي لا تزال ثقيلة على الأذن السياسية.. المفقود المشترك بين هذه الأسماء والحكومة هو (الثقة!).. وفيضانات الدم التي سالت جعلت المرارات أكبر من رشد التقدير للمصلحة العليا للبلاد.. وشهوة البحث عن النصر صارت أكبر عائق يمنع التوصل إلى سلام حقيقي قائم على التراضي الاختياري. حتى نحتفل ب(عيد) خالٍ من الأحزان القومية.. يجب أن نضغط جميعاً.. نحن الشعب.. لتستجيب الحكومة وبقية الأطراف لصوت العقل والحكمة.. فكل يوم يمضي ينجب طفلاً دمه ممزوج بالكراهية والغبن.. يارب المظلومين.. ارفع عنا غبن الحروب وخطايا الثأرات والكراهية..!! التيار