تأمٌلات كيف يكون فريق الأحلام يا البرير؟! كمال الهدي [email protected] طالعت تصريحاً صحفياً لرئيس نادي الهلال الأمين البرير - الذي صارت تصريحاته تنهمر علينا كالمطر - يقول فيه أنهم بصدد صناعة فريق الأحلام كهدية لجماهير النادي. العبارة جميلة، لكن لابد أن نسأل: كيف يكون فريق الأحلام يا البرير؟! فإن كنت ترى أنه يكون بتخصيص الكثير من المال للجري وراء أنصاف المواهب التي تعج بها ملاعبنا لتسجيل هذا وشطب ذاك فأنت أكثر من مخطئ. فريق الأحلام في الهلال لن يكون، إلا أن عدتم للمؤسسية نهجاً وبعدتم عن التصريحات العنترية. فقد شبع المهتمون بالكرة لحد التخمة من التصريحات خلال العقود الماضية. ففي كل عام وقبل فترة التسجيلات تحديداً ظللنا نسمع الكثير من الكلام ونتابع ضجيجاً إعلامياً مكثفاً لتكون المحصلة في نهاية الأمر صفراً كبيراً. ولعلك قد تابعت يا رئيس الهلال خلال السنوات الماضية ووقفت على حجم الأموال التي أهدرها رصفاؤك في التسجيلات، فماذا كانت النتيجة؟! هل تمكن الهلال أو غريمه المريخ الذي أنفق المليارات في التسجيلات من الظفر بلقب قاريء. لا تقل لنا أنكم ستفعلون ما عجز عنه من سبقوكم، لأنهم كانوا يرددون نفس الحديث ويعزفون على نفس الأسطوانة المشروخة. الكل في الناديين الكبيرين تحديداً يعزفون دوماً على وتر عاطفة الجماهير، سيما في الفترة التي تسبق التسجيلات. وثق من أي تسجيلات تحددونها بمفردكم كإداريين اعتماداً على بعض السماسرة عديمي الضمير لن تضيف شيئاً للهلال. صاحب هذه السطور على قناعة راسخة بأن كشف الهلال الحالي مليء بلاعبين ما كان يفترض أن يجدوا طريقهم له. لكن طريقتكم الحالية لن تغير هذا الوضع. وكل ما في الأمر أنها ستؤدي لخروج بعض هؤلاء اللاعبين ليحل مكانهم آخرين في نفس مستوياتهم وفهمهم الكروي الضعيف إن لم يكونوا أقل منهم. إن كنتم تريدون تغييراً حقيقياً، فلابد من نظرة فنية فاحصة. وهذه لن تتأتى ما لم تعطوا الخبز لخبازيه. كثيراً ما دعونا لتشكيل لجنة فنية من خيرة لاعبي الهلال السابقين. وليس كل اللاعبين السابقين يصلحون لمثل هذا الدور. فبالإضافة للفهم السليم للكرة والعين الفاحصة المعرفة التامة لمميزات اللاعب الجيد، لابد أن يكون هؤلاء الخبراء من ذوي الضمير اليقظ حتى لا يجري بعضهم وراء مصالحه الخاصة ويرشح لاعبين غير جديرين بارتداء شعار الهلال، مثلما ظل يتكرر في مرات سابقة. لكن لا يلوح في الأفق ما يشير إلى أنكم بصدد استشارة أهل الخبرة والدراية في هذا المجال. ويبدو واضحاً أنكم منجرفون وراء بعض الضجيج الإعلامي وأحاديث عامة الناس حول هذا اللاعب أو ذاك. إن سجلتم بعض اللاعبين بناءً على توصية الإعلاميين وبعض المشجعين والسماسرة فسوف تهدرون الأموال فيما لا طائل من ورائه. فهذه ليست الطريقة المثلى لصناعة فرق الأحلام. وعليكم أن تتذكروا حقيقة أساسية هي أن الهلال يحتاج لبعض المحترفين الأجانب ذوي المهارة الحقيقية خاصة في خط الدفاع الذي أثبت فيه لاعبونا فشلاً ذريعاً خلال السنوات الماضية. وهذا هدف لا يمكن تحقيقه باعتمادكم على نفس الأساليب القديمة في اختيار اللاعبين. قلبي يحدثني بأنكم سوف تحشدون عدداً من النجوم المحليين ( المضروبين) وفي نهاية الأمر سنسمع عن ترشيحات لمحترفين أجانب من العيار الثقيل لينتهي الأمر بواحد أو اثنين أي كلام ربما تأتون بهما في آخر يومين للتسجيلات. وسوف تحملهما الجماهير على الأعناق من سلم الطائرة بعد أن تكون بعض الأقلام قد أحدثت الضجيج اللازم الذي يسبق حضورهما. وما أن يبدأ الموسم الجديد سنعود لنفس نغمة أن هذا المحترف يحتاج لبعض الوقت قبل أن يتأقلم مع زملائه، وأن ذاك يستحسن إعارته لأحد الأندية الخارجية لستة أشهر. هذا هو السيناريو المتوقع حسبما يتوافر لدينا من مؤشرات حتى اللحظة. إن كنتم ساعون حقيقة لصناعة فريق الأحلام فعليكم بجملة من الأمور. أولاً وقبل كل شيء نذكركم بأن الأهلة لا يسعدون بسماع صوت واحد داخل مجلسكم. ونفضل دائماً أن يكتفي الرئيس بالعمل الجاد مع بقية زملائه وأن يعبر هذا المجلس عن رأي جماعي تحترم فيه كافة وجهات النظر.. فهل يتوفر هذا الأمر في مجلسكم حالياً! نريد اعترافاً بالأخطاء الكبيرة التي وقع فيها هذا المجلس وشخصكم الكريم بالذات وإبداء الرغبة الحقيقية والاستعداد لتجاوز هذه الأخطاء، فهل لديكم القدرة على فعل هذا الشي؟! نرغب في رؤية تناغم حقيقي على أرض الواقع بين كافة أعضاء هذا المجلس، بدلاً من الاكتفاء بالحديث واستثارة حماس الجماهير من خلال التصريحات الصحفية. ونتمنى أن تدركوا حقيقة أساسية هي أن الرئيس السوبرمان الذي يقوم بكل شيء بمفرده ويعرف كل شيء ليس موجوداً على أرض الواقع، ولابد من توزيع الأدوار. وتذكروا أيضاً أن التسجيلات وحدها لا تصنع فرق الأحلام. فكم من محترف ومدرب أجنبي لم يحالفه التوفيق معنا بسبب العشوائية والتخبط والأجواء العامة التي لا تساعد على الإبداع. وما لم تفرضوا نظاماً صارماً وانضباطاً عالياً وتستعينوا بأجهزة فنية مساعدة وطبية ودائرة كرة احترافية، لن يتغير الوضع الحالي. إن أنفقتم المليارات في لاعبين محليين وأجانب مع الإبقاء على الأجهزة المساعدة الحالية التي يكتفي أعضاؤها بإطلاق التصريحات النارية والطبطبة والمجاملات والتستر على الأخطاء فلن يحقق الهلال اللقب القارئ الذي وعدتم به الجماهير. وما لم توجدوا طريقة ناجعة للتعامل مع الإعلام، بعيداً عن هذه الرهبة منه والرغبة الدائمة في إرضائه، لن نشهد أي جديد. ما أكثر الوعود التي يطلقها رؤساء الأندية عندنا كل عام وما أقل الانجازات يا برير. ولعلك تابعت مباراة النهائي الأولى بين الترجي والوداد الأسبوع الماضي. ولابد أنك لاحظت مثلنا كيف التزم لاعبو الفريقين بتكتيكات صارمة وكيف انضبطوا في أدائهم. ولا شك أنكم وقفتم على مدى جدية اللاعبين وأدركتم أن الفرق الكبيرة يتطور أداؤها كلما تقدمت في البطولات. فالترجي الذي لعب معنا ومع بقية منافسيه قبلنا لم يظهر مطلقاً بذلك المستوى العالي من الانضباط والتكتيك الذي شهدناه خلال هذه المباراة. وهذا شيء لا يتأتى بالطبع عبر حشد أنصاف المواهب بالمبالغ الخرافية التي تنفقها أنديتنا. بل تصل مثل هذه الأندية لهذا المستوى الراقي من خلال دراسات متأنية لما سارت عليه أمورها فيما مضى، وعبر التخطيط العلمي وانتهاج استراتيجيات متكاملة لا تغفل شيئاً، فهل تحركتم في هذا الاتجاه، أم تكتفون فقط بالبحث عن الأسماء اللامعة في دورينا الممتاز ظناً منكم أنها قادرة على منافسة هؤلاء الكبار!