حديث المدينة إفساد .. الفساد .. !! عثمان ميرغني ما دام مجلس الوزراء – ذات نفسه- أقر بالفساد.. وكثر الحديث عن تكوين مفوضية عن الفساد .. هي نفسها في حاجة لمفوضية تراقبها.. لماذا لا ننظر في الاتجاه الآخر.. أن نضع الكوابح قبل الوصول إلى هاوية (الفساد) بدلاً من التركيز على البحث عن الفساد بعد أن تقع الفأس في الرأس. في الدولة أداة مهمة للغاية لكنها مهملة ومنسية.. يمكنها أن تصبح عازلاً قوياً يحجب أكبر قدر من الفساد ويمنعه قبل وقوعه.. وهي (إدارة المراجعة الداخلية لأجهزه الدولة القومية).. هذه الإدارة حسب قانونها للعام 2010 تتبع لوزير المالية مباشرة..( وليس لوزارة المالية).. ولها مراجعيين داخليين في جميع وحدات الدولة القومية.. ومهمتها ليس أن تراقب الأداء المالي فحسب.. بل أن تصادق على كل إجراء قبل اكتماله.. فتمنع كل ما يخالف القانون وتسمح فقط بالإجراءات السليمة. هذه الإدارة يمكنها أن تتحول لأكبر مصدات الفساد في البلاد بشرط واحد.. هو إعادة صياغة قانونها المحتشد بالثغرات (كأني بها مقصودة عمداً لإفراغها من مفعولها).. أول هذه الثغرات.. ألاّ يسمح للوحدة الحكومة بأي سلطة على (المراجع الداخلي).. لفت نظري في القانون بند ينص (لا يجوز محاسبة أو إيقاف أي مراجع داخلي عن العمل فيما يتعلق بالمراجعة الداخلية إلا بموافقة المدير العام) .. النص واضح جداً.. أن المراجع الداخلي قابل للمحاسبة والإيقاف (بعد موافقة المدير العام) .. ومن هنا يمكن لكل الوحدات الحكومية التي تتضايق من وجود (مراجع داخلي قوي العين) أن تحاسبه وتوقفه (بعد موافقة المدير العام).. الأجدر تقوية أجهزة المراجعة الداخلية أولاً بإلحاقها برئاسة الجمهورية مباشرة.. في أعلى سنام الدولة. حتى يصبح وزير المالية نفسه خاضعاً لها.. فوزارة المالية من أكثر الجهات تعاملاً مع المال العام. ومن الأفضل أن تكون هي نفسها خاضعة لرقابة مراجعة داخلية (قوية) تمنع التساهل في صرف المال العام.. ثانيا: من الأفضل ألاّ يكون وارداً على الإطلاق.. لا بموافقة ولا بغيرها محاسبة إيقاف مراجع داخلي بواسطة الوحدة الحكومية التي يراجعها.. فتبعية المراجع الداخلي مباشرة للإدارة العامة للمراجعة الداخلية تجعله في حصن حصين من أي مساءلة على مستوى الوحدة التي يراقبها ويراجعها.. لكن إذا ترك لمدير الوحدة الحكومية الحق في المحاسبة وإيقاف المراجع الداخلي (بموافقة مدير الإدارة العامة للمراجعة الداخلية).. فسيصبح شأنها مثل ما كان يحدث لنا في الماضي مع نيابة أمن الدولة.. كان عندما يلقى القبض علينا يقال لنا بصورة عفوية.. نفذنا القبض بعد إخطار نقابة الصحفيين.. وكنت دائماً أسأل وكيل النيابة.. أين وجد نقابة الصحفيين.. لأنها في تلك الأيام لم يكن لها مقر أو عنوان. لكن وكيل النايبة يعلم أنها (كلمة والسلام).. لا تجرح خاطر الدولة.. نريد (مراجعة داخلية) لها أسنان بل أنياب.. لا ترتجف من مدير الوحدة الحكومية مهما طالت شواربه السياسية أو التنفيذية.. (مراجع داخلي) إذا قال لا.. فهي (لا) النافية.. لا يمكن استئنافها إلا بواسطة إدارة المراجعة الداخلية المركزية في رئاسة الجمهورية. ارفعوا قدر المراجعة الداخلية ودججوها بالحصانات.. وانسوا حكاية مفوضية الفساد..!! التيار