بكري الصائغ..و( مسار الاعلام ) الضائع ! محمد عبد الله برقاوي.. [email protected] الزميل العزيز الأستاذ/ بكري الصائغ.. الذي كثيرا ما يجاورني في دكة الاتكاءة تحت سعف الراكوبة الظليل، وكم تمنيت أن التقيه خارج الفضاء الافتراضي ، رغم سعادتي بحروفه التي تنضح بالصدق الوطني وهو بعيد عن البلد مثلنا والذي لا نشك أنه يحمله ساهرا في اعماقه وهو بعيد عنه ، كشأن الكثيرين ممن يعاقرون الكتابة ، كوسيلة لبناء الغد المشرق لسوداننا بحول الله ، بعد هدم حائط الكابوس الذي يقف حائلا دون مسيرة هذا الوطن التي ظلت ترواح مكانها في غمرة التجاذب في دائرة التبادل الدوري بين الديمقراطية الفطيرة النيئة تفريطا، والشموليات الخميرة والحامضة افراطا ! لفت نظري اثارته لموضوع الاعلام السوداني ، وهو يشهد عهدا يمثل قمة الاستخفاف به كمعطى بات يشكل على المستوى الدولى الترس الاساسي في تحريك بل وصناعة الأحداث ، فيما دولتنا الانقاذية تسند حمل حقيبته الثقيلة الى وزير من هامش الثقل السياسي جماهيريا وكارزميا ، و تترك سر محتويات الحقيبة لدى وزيرة الدولة المدللة البصيرة أم حمد ، بيد أن مفتاح الحقيبة مربوط في سلسلة تتدلى من رقبة رئيس جهاز الأمن ! الاعلام أخي بكري ليس منة ، يتكرم بها الرئيس ، و حرية الصحافة ليست في تكدس عددها على أرفف الأكشاك ، ومساحة التعبير ليست دبابيس تخترق الشاشة لتنفيس الاحتقان عبر برنامج الطاهر حسن التوم الذي يتم انتاجة في مستشارية الاعلام بالقصر الجمهوري ليبث عبر أجهزة تفتقر الى الا ستقلالية المؤسسية ، من فبيل مسرحية الزعيم التي كان يضحك بها الرئيس حسني مبارك على نفسه قبل عقول الشعب أو مسرحيات غوار الطوشة التي كان يخرجها بعث الأسد الأب ! الاعلام الحقيقي لا يأخذ مداه في مسار الانطلاق الصحيح الذي يحقق طموحات التوق البشرى والانساني للتعبير دون فوضي ولا خوف في ذات الوقت ، لابد أن ينص عليه دستور في جو ديمقراطي ليس بالمعني المجازي لكلمة ديمقراطية في هلاميتها التي تشكل منها الانظمة الديكتاتورية تماثيلا بلا روح وان بدت مصقولة بملس الرخام ! أي أن يكون اعلاما ضمن نصوص دستورية تفصل السلطات عن بعضها ، وهي حلقات لابد أن تتكامل برقابها مجتمعة في مسيرة الدولة الديمقراطية الدستورية المدنية ، فلا اعلام حر يمكن أن يكون عينا علي السلطة والمجتمع ، دون سلطة تنفيذية منتخبة انتخابا لا تغول فيه لحزب بعينه على مقدرات الصالح العام ، ولن يقوي على اداء دوره كاعلام جماهيري في ظل سلطة تشريعية ينام اعضائها على نسائم تهب عليها باالعطايا والرضاء من نوافذ الحاكم ، ولن يعلو صوت الاعلام ، والقضاء هو مجرد أدوات يستلفها الممثل ،من عباية ولحية وعصا ونصا منسوخا بيد من لن يكتب نفسه شقيا ، وهو يمسك بالقلم ! مسار وزير اعلامنا المسكين ، يا عزيزي بكري ، ربما يعلم أو لايعلم ، أنه مجرد طبل أجوف يقرعه نظام الانقاذ ليشغل بمشاركته اذان العامة لصرفها عن سماع صرخات الارادة المغتصبة منذ عقدين ونيف ، فيجعلوا منه ( مغفل نافع ) فاهما نفسه خطأ ، شأن قصته شان ايهام زميله دوسة بانه وزير عدل ، أوكلت اليه مهمة محاربة الفساد / وهو يدرك أنه يستظل بنظام ، طوبته عدم العدل ومونته الفساد ، وسقفه غطاء اتسخ بفضلات الخفافيش ، ولن ينصلح حال ذلك البناء الا بهدمه كليا ! فمسار اعلامنا ضائع في واحد من الدروب التائهة بالوطن ، أخي بكري ، ولعلك توافقني بانك لا تعّول على ( مسار ) الوزير الضائع كاسلافه في المسارات الخطأ ..مثلما قلت أنت! يا حفظك ، وهدانا الله ..المستعان ..وهو من وراء القصد.