سلطة الطيران المدني تصدر بيانا حول قرار الامارات بإيقاف رحلات الطيران السودانية    القائد العام يشرف اجتماع اللجنة العليا للطوارئ وإدارة الأزمات بولاية الخرطوم – يتفقد وزارة الداخلية والمتحف القومي    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    لماذا اختار الأميركيون هيروشيما بالذات بعد قرار قصف اليابان؟    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    تشكيل لجنة تسيير لهيئة البراعم والناشئين بالدامر    هل تدخل مصر دائرة الحياد..!!    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    بدء برنامج العودة الطوعية للسودانيين من جدة في الخامس عشر من اغسطس القادم    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    "واتساب" تحظر 7 ملايين حساب مُصممة للاحتيال    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفكيك الخطاب العربي الإسلامي بين الإسلام كثقافة والإسلام كرسالة
نشر في الراكوبة يوم 08 - 04 - 2012


تفكيك الخطاب العربي الإسلامي
بين الإسلام كثقافة والإسلام كرسالة
من اجل عصر تدوين سوداني
(6)
فهل النص العثماني كامل إنسانيا؟
خالد يس
[email protected]
لقد قدمنا سابقا وسنواصل في ان الرسالة الإرشادية توجد في الحياة وطريقة ممارستها أو الوعي بها دون الحاجة إلى كتاب مكتوب. ولكن نواصل في السؤال الذي فرضته النخب العربية باعتبار ان حفظ القران من الضياع هو امر الهي وذلك بان الله قد هيئا للقران نفر يحفظونه من الضياع وان حفظ القران هو حفظ للرسالة الإرشادية وان الإرشاد الإلهي عبارة عن قوانين توجد في داخل المصحف العثماني وغيره، ولذلك سنجاوب من التاريخ أولا قبل ان نذهب إلى الإرشاد الإلهي، بان هل تم تدوين كل الإرشادات الإلهية داخل المصحف العثماني؟
نجد تاريخيا قابلية النص القراني للنقصان كما ورد في عدة مراجع تاريخية ونقلا عن محمد عابد الجابري – مدخل إلى القران نجد الاتي (يقول القرطبي عند تفسيره لسورة الاحزاب "سورة الاحزاب مدنية في قول جميعهم نزلت في المنافين وايذائهم رسول الله ... كانت هذه السورة تعدل سورة البقرة"، وفي رواية عائشة زوج النبي قالت: "كانت سورة الاحزاب تعدل على عهد رسول الله (ص) مائتي اية، فلما كتب المصحف لم يقدر منها إلا على ما هي الآن". وفي تفسير القرطبي أيضا: "قال مالك في ما رواه ابن وهب وابن القاسم وابن عبد الحكم: انه لما سقط أولها سقط "بسم الله الرحمن الرحيم" معه. وروي ذلك عن ابن عجلان انه بلغه ان سورة "براءة" كانت تعدل البقرة أو قربها ... وعن حذيفة قال: ما تقراون ربعها: يعني براءة". وذكر السيوطي وغيره ان دعاء القنوت من جملة القران الذي انزله الله على النبي (ص) وانه كان سورتين، كل سورة ببسملة وفواصل. وروي انهما كانتا في مصاحف ابن عباس وابي بن كعب وابن مسعود، وان عمر بن الخطاب قنت بهما في الصلات، وان ابا موسي الاشعري كان قراهما. وروي عن عائشة انها قالت: "نزلت اية الرجم "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، نكالا من الله، والله عزيز حكيم". ورضاع الكبير عشرا، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله (ص) تشاغلنا بموته دخل داجن فاكلها". وروي عن عمر قال لعبد الرحمن بن عوف: "الم تجد في ما انزل علينا: "ان جاهدوا كما جاهدتم أول مرة"، فانا لا اجدها؟ قال: اسقطت في ما اسقط من القران". وذكر السيوطي في باب الناسخ والمنسوخ ما يلي: "قال أبو عبيد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن ايوب عن نافع عن بن عمر قال: ليقولن أحدكم قد اخذت القران كله وما يدريه ما كله! قد ذهب قران كثير، ولكن ليقل قد اخذت منه ما ظهر". وفي الصحيحين عن انس انه "نزل قران في الذين قتلوا في موقعة بئر معونة، قراناه حتى وقع وفيه: "ان بلغوا عنا قومنتا انا لقينا ربنا فرضي عنا وارضانا". وروي الطبري في تفسيره عن الحسن انه قال في قوله تعالي: "ما ننسخ من اية أو ننسها نات بخير منها"، قال: ان نبيكم (ص) اقرئ قرانا ثم نسيه فلا يكن شيئا، ومن القران ما قد نسخ وانتم تقراونه. وفي لفظ اخر: "قال: ان نبيكم (ص)، قرا علينا قرانا ثم نسيه". وعن ابن عباس قال: كان مما ينزل على النبي (ص) الوحي بالليل وينساه بالنهار، فانزل الله عز وجل: "ما ننسخ من اية أو ننسها نات بخير منها أو مثلها").
ما لم تستطع النخب العربية الوعي به، هو الرسالة كارشاد وليست كقيم ثقافية، فكان الوعي يتم بالرسالة الإلهية بناء على مرحلة التحولات التي يوجد بها المجتمع إذا كانت الرسالات ما قبل الرسالة الخاتمة أو حتى الرسالة الخاتمة لم تستطع ان تخرج من عبائة المعني المجتمعي للإنسانية لحظة الرسالة، فاوقفت النخب العربية الرسالة عند لحظة التحولات التي قادت المجتمعات العربية من عشائرية وقبلية إلى مجتمع عربي، فتم ترميز السلوك والوعي التاريخي باعتباره الرسالة الإلهية، ولقصور تلك الرؤية عن مجاراة حركة التاريخ لذلك لجأت النخب التي اتت فيما بعد على خروج كل فرد يحاول ان يري الرسالة بعيدا عن ذلك الصنم الذي تم صنعه، فذلك النقصان في الرسالة يقوض رؤية النخب العربية فنقصان المصحف العثماني أو عدم تقديس جماد في شكل مصحف "لان ذلك التقديس ليس للمصحف ولكن لرؤيتها التي اعتمدت كرسالة إلهية" يؤدي إلى نقصان رؤيتها الذاتية وهو ما يجعلها في وضع اما محاولة اعادة بناء تلك الرؤية أو إلى رفضها كاملة ودائما الخيار الاخر هو الخيار الاسهل الذي يتيح لتلك النخب بالاستمرارية.
ان حركة التحولات لا تتوقف وإذا لم تستطع النخب ان تقدم رؤية كلية تسهم في تلك الحركة فان المجتمعات تواصل مسيرتها وفق الوعي الجيني والراهن وهو ما يؤدي إلى تقاطع القيم السلوكية داخل وبين المجتمعات، وهذا ما نجده في التاريخ والذي نبه له في الرسالة الارشادية في عدم اتباع ما يوجد عليه الاباء في كل القيم الإنسانية والمفاهيم وذلك لان التحول يفرض قيم تتطلب مفاهيم جديدة (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ (مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23)).
ان افتراض النخب العربية انها وكيلة في توصيل الرسالة والمحافظة عليها جاء بعد ان تم استيعاب الرسالة داخل الوعي الجيني للمجتمعات العربية فالنخب العربية لا تسعي إلى توصيل الرسالة أو المحافظة عليها ولكنها تحافظ على الوعي الجيني للمجتمعات العربية الذي تشكل في الاخر كرسالة إلهية. اما الرسالات السماوية فهي عبارة عن ارشاد يبلغ عن طريق الرسل فقط وليس المجتمعات أو النخب (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)) (الاحزاب).
ولم تختلف الرسالة الارشادية على مر العصور والتاريخ (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)، (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) (92)). اما الذين يحتجون بان الرسالة الخاتمة تختلف باعتبارها تحمل في مضمونها قوانين سماوية وهو ما تم تسميته بالشريعة الإسلامية وبالتالي وجود المصحف العثماني هو وجود للقوانين السماوية أو العبادات التي احتج اصحابها بانها لا تكتمل إلا بالاخذ بما كان يفعله الرسول وما يقوله فلذلك فان الفعل والقول للرسول غير التي في المصحف العثماني هي جزء من الرسالة فلا بد من الأخذ بالسنة، وبعد ذلك لا تتضح الرؤية تماما إلا بالاخذ بما كان يفعله الخلفاء لانهم اقرب لزمن الرسالة وبالتالي فأفعالهم اصدق وغيرها وغيرها كل ذلك سنأتي لكل ذلك في حينه.
ونسبة لإعادة الاستيعاب التي كانت تتم للرسالات على مر العصور ومع التحولات انتقل ترميز الإله داخل الوعي الجيني من الطبيعة إلى الرسل والنخب، التي تفرض نفسها وصية على الرسالات الدينية لذلك كانت تأتي الرسالات واحدة بعد أخرى لتنبه ان الرسل بشر وليست آلهة ياتوا بكل افعال البشر فلا تجب عبادتهم. ولكن يتم استيعاب الرسالة من قبل مجتمعاتها على اعتبار ان افعال الرسل هي تجسيد للقيم الإلهية وهو ما يتطلب أرسل رسالة أخرى (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)).
وهو ما تحاول ان تفرضه النخب العربية في وصاية على الرسالة الإلهية الخاتمة دون ان تعي ان تلك الرسالة خاتمة ليست لاحتوائها على تشريعات قيمية إلهية كما تدعي الرؤية العربية ولكن لوصول المجتمعات إلى مرحلة يمكن لها ولنخبها ان تستوعب معني الإنسانية داخل ذاتها المجتمعية أو داخل الاخر المختلف وبالتالي تستوعب معني الإله المتعالي إذا كان من خلال وعي الكلية النخبوية أو من خلال الوعي الجيني عند قصور تلك الكلية. فقد وصلت التحولات إلى إمكانية التواصل الإنساني وإمكانية الثقافات الأخرى ونخبها على ان تتجاوز الترميز الذي يعطي للثقافة باسم الإله والإسلام. فالرسالة ليست نص بل إرشاد للوعي بالإنسانية داخل المجتمعات أو خارجها برفض الجور والظلم فوجود الذات الاجتماعية أو الوعي الجيني داخل الفرد لا يعني استغلال تلك ذات من اجل ذات أخرى باعتبار التمييز فعلي التكامل المجتمعي عند رؤيته من قبل النخب ان يكون تكامل إنساني بعيدا عن الترميز الإلهي الذي تفرضه النخب العربية لقيمها التاريخية باعتبارها القيم الإلهية. فالنسق المعرفي أو الكلية النخبوية عبارة عن مفاهيم لإحالات مادية مجتمعية فإذا لم تعبر تلك المفاهيم عن المجتمعات المنتجة لها يجب تجاوزها.
وبعد توضيح فكرة ترميز المفاهيم تاريخيا والكيفية التي يتم بها استيعاب الأخر في الكلية الثقافية العربية التي تشكلت مع ضغط التحولات لمجتمع يختلف من حيث التحول ورؤية تأثير الترميز للمفاهيم التي اعتمدت على الإحالات المادية التاريخية للمفردة الذي كان محاولة للوعي الجيني للوعي بالرسالة المحمدية ولكن لاستمرارية التحولات ولقصور الرسالة ككتاب عن اجابة اسئلة التحولات لجأت النخب إلى السنة وعند قصور السنة لجأت إلى القياس والاجماع والمصالح المرسلة ومقاصد الشريعة فكانت النخب التي اتت بعد النخب الأولى في زمن الرسالة تسعي إلى تاكيد تلك الرؤية ولم تكن تسعي إلى الوعي بالرسالة الإلهية كإرشادات الإلهية فتوسعت الرؤية حتى وصلت حد الاستيعاب الممكن لها وعندها وقفت وأصبحت ترمز القصور للواقع وليس لرؤيتها فإذا وجدنا العزر للنخب الأولى في زمن الرسالة التي وقفت برؤيتها عند زمنها التاريخي فما بال النخب التي اتت بعدها وهي تري استمرار التحولات؟!.
لقد حاولت النخب العربية لحظة الرسالة تدوين وعيها بالإنسانية ومقاربة وعيها للإرشاد اللاهي ولكن لقصور ذلك الوعي على الإنسانية العربية واعتماده على الترميز السلوكي التاريخي في لحظة الرسالة كل ذلك قاد إلى الرؤية التي تسمي إسلامية اليوم.
فمضاهاة الكتاب أو المصحف العثماني للكتاب الإلهي (العهد) واعتماد الترميز السلوكي وذلك باعتبار مقاصد الرسالة الإرشادية هي مقاصد الشريعة العربية (الإسلامية) في تفسير المصحف العثماني كل ذلك قاد إلى قصور في وصول الرسالة الإرشادية إلى المجتمعات الأخرى باعتبارها رسالة إلهية ولكنها وصلت إلى تلك المجتمعات باعتبارها رسالة ثقافية.
وقد بدأنا بالكتاب كشامل لكل المفاهيم والمقولات حتى تتضح رؤيتنا لكيفية تحوير الرسالة الخاتمة من خلال إحالة المفاهيم داخل الذات الثقافية العربية ولتكون بعد ذلك جزء من كل يدل على الانا المجتمعية العربية تاريخيا وليس انيا وهو ما لم تستطع حتى الثقافة العربية في مركزيتها ان تتجاوزه لعدم وجود كلية تمنحها فرصة التواصل مع الاخر كانسان وليس كاخر مضاد في صراع كما يتم التوصيف بين الثقافة العربية والثقافة الغربية. ويجب الإشارة هنا إلى ان كل النص داخل المصحف العثماني قد تمت احالته تاريخيا ولكننا سوف نبدأ بمركزية النص لتعريف النص أولا ثم إحالته المادية رغم ان الاثنين عبارة عن شيء واحد ولكن عند الدراسة يمكن ان نفصل بينهما مؤقتا لذلك بدانا بالكتاب ثم ننتقل إلى الآية والاسلام كدلالة على الرسالة الالهية ثم بعد ذلك يمكن ان ندخل إلى مدلولات النص على حسب إحالاته التاريخية لرؤية كيف تسير رسالة الإله مع الإنسان في كل تحولاته التاريخية ليخرج النص من اسر القراطيس إلى المعني ونخرج نحن من عبادة الصنم الذي يسمي بالمصحف إلى الوعي بالرسالة الإرشادية داخل وخارج المصحف (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)).
الكتاب العثماني والكتاب الإلهي:
الكتاب الإلهي عبارة عن عهد للوعي والممارسة الإنسانية داخل المجتمعات وما بينها وعند استخدامها للارشادات لم تتجاوز الترميز المجتمعي لمجتمع التحولات ولكن دعت إلى تعميم ذلك الترميز إلى الكل المجتمعي العربي حتى لا يكون هنالك مجتمع يتميز بالإنسانية عن مجتمع اخر ولكن الترميز العربي للكل العربي، وافساح المجال للتحولات بترميز السلوك وليس الشخص حتى لا يتم نفي الذات ولكن النفي للسلوك الذي تجاوزته للمجتمعات، فيمكن للكفر ان يعني سلوك الاخر أو سلوك داخل الذات بالمعني البياني للكفر كما جاءت الرسالة الإرشادية وهو تغطية وستر الشيء وكما جاء في التنبيه للاوس والخزرج سابقا، وكذلك الوعي بالسلوك بمغزاه الإنساني حتى لا يكون دعوة لرفض الاخر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94))، وكذلك مفهوم التوبة وغيره.
اما الكتاب العثماني فهو عبارة عن اعادة استيعاب للإرشاد الإلهي من قبل النخب العربية بناء على الوعي الجيني للمجتمعات العربية لحظة التحولات، فإنسانية تلك المجتمعات التي وقفت بها عند الكل العربي فقط هو الإنسان كوعي جيني، ولذلك جاء الترميز للإرشاد الإلهي متوافقا مع تلك الإنسانية كمفاهيم تحمل في مضمونها قيم مادية لا تتجاوز تلك الفترة، وذلك تجسد في المصحف العثماني ثم بعد ذلك ترتيبه وتفسيره كان بناء على الوعي الجيني للمجتمعات العربية لحظة الرسالة من خلال تدوين ذلك الوعي في مفاهيم ثم ترميز تلك المفاهيم باعتبارها قيم إلهية مما أوجد رؤية احادية للإله. وادي ذلك الترميز المادي للإرشادات إلى شراكة المصحف والكعبة والعادات والتقاليد العربية التاريخية للتعالي الإلهي فاي تجاوز لتلك الرموز هو عبارة عن تجاوز للإله، وهو ما اعاد الرسالة الخاتمة كما سابقاتها ايقافها عند مجتمعها ولحظة تحولاته تلك. وهو ما أوجب اعادة استيعاب الرسالة الإرشادية من جديد بعيدا عن ما وجدنا عليه آباؤنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.