[email protected] كشفت الحرب الخاطفة في ( هجليج ) ما ظلت حكومة الانقاذ تخفيه عن نفسها او عمن يناصرونها من حزبها , فتصغره احيانا حتى يختفي وينمحي , او تكبره حتى يتجاوز مداه ووظيفته , وهو ان العداء ليس مع الجنوب ولا الحرب وانما مع المجتمع الدولي , فجيش الجنوب الصغير , واستقلالها الحديث , وضعف بنيتها الاقتصادية , بل وتوقف نفطها عن الوصول الى الاسواق لا يؤهلها لهذه العداوة ولا يدفعها لهذه الحرب او التجرؤ لاحتلال منطقة استراتيجية ومنبع رئيسي للنفط لدولة مجاورة استقلت منها حديثا , فان كانت الجنوب باسبابها الظاهرة الكامنة في اتفاقية كثيرة الثغوب والعيوب وذات قنابل موقوتة ليست بالاسباب الباطنة لهذه العداوة وتلك الحرب فما هي اذن الاسباب الحقيقية . الديمقراطية في السودان على الرغم من الانتخابات السابقة هي ديمقراطية منقوصة , وتسيطر عليها اتجاهات اسلامية من الصعب التنبؤ بافكارها وخططها في بلد واعد اقتصاديا كالسودان خاصة بعد استيلاء الجماعات الجهادية على الجزء الشمالي من مالي وأعلان قيام إمارة اسلامية فيه وخاصة بعد صعود التيارات الاسلامية في تونس والمغرب والجزائر ومصر وهي وإن كانت معتدلة ومسيطرا عليها بأطر ديمقراطية واجهزة مسيسة غربيا الا انها مع وجود دولة اسلامية صرفة نابا ومخلبا و اعلاما ومليشيات دينية يمكن ان تتحول بالتدريج وبوجود قدوة اسلامية ودولة غنية في السودان الى انماط دينية وسلطوية خارجة عن سيطرة الاطر السياسية الغربية , وذلك مع وجود ادلة دامغة على تورط هذه الدولة في المجازر الجماعية وجرائم الحرب في دارفور والتصفية العرقية . الارهاب مازال موجودا ومتحركا في اليمن وفي الصومال وفي كثير من الدول الافريقية مع صعود التهديد النووي الايراني , واحتمالات التقارب السياسي الواسع والعسكري مع النظام الديني في الخرطوم الذي ما ان يحس ببصيص من القوة والارادة حتى يكشر عن انيابه ويرمي القناع السلمي الذي يختفي تحته مع معرفة ان النظام في ا لخرطوم دجن كل شيء حتى القوات المسلحة التي شذبت وطرقت جيدا حتى اصبحت اداة حكم وقمع للارادة السياسية الدينية تذهب مع هذه الارادة اينما اتجهت وتفعل ما يراد منها دون نقد او رفض . كشفت الحرب الخاطفة في ( هجليج ) لحكومة الانقاذ انها هي وليس الشعب السوداني او نفطه او مقدراته وكرامته هو المستهدفٍ , ولكن الانقاذ بدعايتها الكثيفة وبابواقها المرتجفة المذعورة حولت النكسة لسياساتها وحكومتها وحزبها الى الوطن , فاصبحت هي تبتسم وتجعجع والوطن جريح وصامت , والوطن مقهور ومصاب , وحولت الانسحاب الجنوبي باتفاق امريكي الى نصر وقتال , وحولت التنازلات والاتفاقيات السرية الى عناد علني وبطولات تلفزيونية , كانت الحرب في هجليج بالون اختبار لقوة الانقاذ العسكرية ولاستخباراتها ولقدرتها على الصمود وعلى الحشد ولاختبار تماسك الجبهة الداخلية ولفتح الباب لابداء الجدية لكل من يريد التحرك ليكون جزءا من الربيع العربي وللمشاورات بين الاحزاب على تجهيز وتحضير البديل حتى ولو كان في طور التنظير والخطط , وكشفت الهجمة الخاطفة في هجليج ما ظلت الانقاذ تخفيه من عنصرية مخجلة واحتقار للشعب السوداني كله , ذلك الاحتقار والاذلال الذي مارسته عمليا بفتح السجون وتدمير ممتلكات الاخرين وبنهب المواطنين وترويعهم باجهزة النظام العام والامن وبخلق ودعم الفساد , وقد لفت الانقاذ الحبل حول عنقها اخيراٍ باسماع العالم كله بان السودان لا تسكنه الا مجاميع من ( الحشرات ) او انصاف البشر او المعتوهين ويبدو ان هذه العبارات المتلعثمة ما هي الا الزفرات الاخيرة في عمر الانقاذ .