وزعت وزارة المالية علي برلمان المؤتمر الوطني ورقة اسمها وثيقة مكافحة الفقر ، من ضمن نتائجها المرجوة زيادة سعر البنزين والجازولين . ووزعت حكومة المؤتمر الوطني بالخرطوم عربات البركة للخريجين العاطلين من أجل توزيع المواد الغذائية وخفض الأسعار أو كما قيل . وكانت الحكومة نفسها قد اقترحت في وقت سابق تشغيل ( المساكين ) في مشروعات لتدوير النفايات بحجة إزالة فقرهم ، إما صاروا أغنياء من بيع المخلفات وإما ماتوا من باستنشاق روائح الفضلات . أما وزارة المالية فقد قالت في مطلع ميزانية هذا العام أنها ستكافح البطالة عن طريق تشجيع الاغتراب ، وليس توفير الوظائف . أما كيف تشجع الدولة الاغتراب ، فالثابت أنها تريد تحويل حياة 95% من الناس إلي جحيم ، من أجل أن يطفشوا خوفاً من أي ربيع سوداني . وعندما يطفش السودانيون ، يمنح النظام اتنين مليون فدان زراعي للسعوديين ، ومليون وربع للمصريين ومثلهما للقطريين وشوية للأردنيين واللبنانيين . ومن حصتنا في مياه النيل يزرع هؤلاء زهرة الشمس والشمام والبطيخ وبنجر السكر والأرز – وربما الكشري – لفائدة بلدانهم . ويصدّر هؤلاء كل منتجاتهم دون أن يدفعوا أي ضريبة أو زكاة حسب قانون الاستثمار ، كما لا يدفعون أي رسوم ولائية . ويحولون أرباحهم بالكامل للخارج وبالسعر الرسمي ، كما يستوردون آلياتهم ومعداتهم دون جمارك . ومن قبل أن يزرع هؤلاء أي بوصة مربعة ، تخلي الحكومة تلك الأراضي من سكانها والمنتفعين بها لأن شرط الأجانب أن يستلموا الأراضي خالية من الموانع . وبالتالي لا يدخل جنيه واحد للخزينة العامة من أي استثمار علي هذا النحو . ولكن الدولارات – وليس الجنيهات – تدخل جيوب من وافقوا علي هذه المؤامرات الزراعية وسموها الشراكات الذكية . وهي مؤامرات لأنها تدمّر القطاع الزراعي ، وتنسف أي فكرة لتأمين الحبوب الغذائية وهي الذرة والقمح والدخن وليس ( الكبسة ) بأي حال من الأحوال . وعندما ينهار القطاع الزراعي ، تنعدم الصادرات الزراعية ويصبح الجنيه السوداني سلحفاة تجري حول الأرنب الدولاري . وتزداد أسعار السلع ويتفاقم الغلاء ، ويصل عجز الموازنة إلي ستة مليار جنيه أو يزيد . ويقول السدنة ( الله يجازي اللي كان السبب ) ويقصدون جمهورية الجنوب وعاصمتها جوبا ، ثم يقترحون زيادة البنزين لمكافحة الفقر . وعلي أي فقير يتضرر من زيادة تذاكر البصات والحافلات ، أن يذهب لأي بنك إسلامي من أجل تمويل أصغر لشراء حمار أو جحش ويحظر علي موظفي الدولة المطالبة ببدل عليقة أو سليقة أو الاحتجاج لمعرفة الحقيقة. الميدان