حمام الدم فى نيالا عبدالرحمن ادم عبدالرحمن* [email protected] فزع الكثيرون داخل وخارج السودان، عندما وقع باذآنهم خبر مقتل وجرح واعتقال العشرات من طلاب المدارس الثانوية بمدينة نيالا فى تظاهرة سلمية، احتجاجاً على رفع تعريفة المواصلات. و عبرت عن هذة الكارثة الانسانية، العديد من المؤسسات والافراد. منهم من سماها بالمزبحة كما ورد على لسان عبدالله مرسال الناطق الرسمى للركة تحرير السودان قيادة مناوى، ومنهم من شبهها بالجريمة التى ارتكبها نظام الفصل العنصرى (الابرتايد) فى سويتو بجنوب افريقيا، كما ورد بالبيان الذى اصدره ياسر سعيد عرمان، الامين العام للحركة الشعبية بشمال السودان، وهنالك من اشار الى استمرار نظام الخرطوم فى اعمال منهج الابادة، كما صرح به احمد حسين ادم، مسئول العلاقات الخارجية لحركة العدل والمساوأة. أما هيئة محامو دارفور، فقد كشف الاستاذ عبدالرحمن محمد القاسم مسئول العون القانونى بالهيئة، عن تحركات للهيئة مع بعض الجهات الاقليمية والدولية لاتخاذ موقف تجاه قتل المدنيين العزل فى دارفور، ذلك بعد ان اتهمت الحكومة بالتمييز من خلال قتل شعب دارفور. واخرين طالبوا بفتح تحقيق وضروة ايقاف العنف ضد المدنيين، كما ذكر الكتور فاروق محمد ابراهيم منسق الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات، واخرين قالوا الكثير. ليس مستغرباً للمتابع لمسار السياسة فى السودان، ان يواجهة النظام فتية المدارس الثانوية فى نيالا، بارتال من قوات الشرطة وجهاز الامن والمخابرات، اضافةً الى مليشيا الجنجويد. لاشك ان نظام الإنقاذ قد أذاق شعوب السودان كلها دون استثناء، فى شرقه وغربه، جنوبه وشماله، بكافة مجموعاته الاجتماعية، لم يستثنى أحدا، الا ان ما لا يمكن نسيانه او تجاهله، هو وجود اكثر من معيار فى ممارسة الظلم، فهنالك من يحرمون من الغاز والبنزين والجازولين، وهنالك من يحرمون من الوصول لآبار المياه، هنالك من يقطع منهم إمداد الماء والكهرباء، وهنالك من تقطع منهم دورة الحياة، ومن نجا منهم مهدد البقاء، بانعدام الأمن والماء والغذاء والدواء. الكثيرين يساوون هذة الأصناف من الظلم، هى من حيث التعريف، ظلم لان إغلاق محلات ال ايس كريم دون مسوغ قانوني هو ظلم أيضاً، الانه قد لا يستقيم ان يساوى بطرد منظمات الإغاثة الانسانية المصدر الوحيد الذى ينقذ حياة الملايين من الموت، لاشك ان هذا ظلم وذاك ظلم أيضاً، لكنهما يختلفان ويتمايزان من حيث النوع. ان الجريمة التى ارتكبها النظام ضد طلبة المدارس فى مدينة نيالا، كالمضافة الى سلسلة جرائمه ضد الانسانية فى دارفور، يرد عملياً على الذين يمارسون عملية التسطيح والتعميم من خلال مقولات مثل "المساواة فى الظلم عدل" هذة كلها تصب فى مصلحة النظام و من يعيشون تحت ظله. الا انه رغم هذة الماسى الانسانية، والفشل فى السياسى الذى أورد الوطن هذا الراهن المؤلم والمحزن بحق. هذا الوضع المرفوض من كل مواطنى السودان، حتى اصبح اكثر ما يتفق حوله السودانيون حد الإجماع هو عدم التسامح مع هذا الوطن المشوه، والوطن الأسير لمزاج حفنه من السياسيين والعسكريين ورجال الاعمال. ان هذا الرفض لتردى أوضاع البلاد، والذى تنامى فى كل بقاع بها وبرزت طلائع التعبير عنه خلال التظاهرات الاحتجاجية التى انتظمت عدد من المدن كل أقاليم السودان. يقولون ان المصائب تجمع المصابين، فهذة هى فرصة أبناء السودان فى بناء الوطن الذى ينشدون، والوطن الذى يكون جديراً بان يفخرون به، و ذلك من خلال الخطو تجاه بعض، متجاوزين إسقاطات السودان القديم من استعلاء وزيف وتسطيح وغيرها من تلك الامراض الاجتماعية والسياسية التى قزمت وطناً جدير بالعظمة والشموخ والكبرياء. وقد بدات بالفعل مجموعات من المستنيرين من مختلف مكونات السودان الجغرافية والاجتماعية، يطلقون مبادرات مبشرة، تهدف الى فتح طريق لإيجاد مخرج من النفق المظلم، فاصبح عدد من الكتاب والمثقفين الجرئين يتوغلون اكثر تجاه لب موضوع المشكل السوداني وهو التمايز الثقافى والاجتماعى كنتيجة لحادثة اختطاف الدولة، الذى أسس لمركز سادى عنصرى يمتلك اكثر من وسيلة للحفاظ على هذة الوضعية الشائهة لعلاقات السياسة والاقتصاد والثقافة فى السودان. ان ما حدث بنيالا هو حقاً جريمة تثير الذعر، وهى كما ذكرنا سابقاً تؤكد وضوح نهج النظام العنصرى، من خلال القتل الانتقائي، والاعتقال الانتقائى، وأحكام الاعدام الانتقائية، والفقر والتجويع والتهميش، كل ما ذكرت مارسه النظام على كل شعوب السودان دونما استثناء..لكن بنسب ومناهج تتنوع من حيث الكم والكيف، استناداً على العرق والجهة والتاريخ. ----------- عبدالرحمن ادم عبدالرحمن صحفى براديو دبنقا وناشط فى مجال اللعنف والسلام