بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير [email protected] تحدثنا فى المقال السابق عن المبيدات المسببة للاضطرابات الهورمونية، وقمنا بتعريف الاضطرابات الهورمونية وآثارها. لكن هنالك مواد أخرى فعالة أحيائيا نواجهها فى حياتنا اليومية كملوثات ولاندرك ذلك، بل تبدو هذه المركبات شديدة البراءة بالنسبة لكل المتعاملين معها. تقلد هذه الكيماويات هورموناتنا وقد تعيق الجهاز المناعى والنمو الجنسى والخصوبة. بعض الباحثين يعتقد انها تسبب أيضا سرطان الثدى، سرطان الخصية والمبايض فى الانسان، وتعتبر السبب الرئيسى فى انخفاض عدد الحيوانات المنوية بنسبة 50% فى أوروبا وشمال أميريكا. بالاضافة لمجموعة المبيدات السابق ذكرها فى المقال السابق ونواتج تمثيلها غذائيا، هنالك مواد مثل تنائيات الأوكسينات (الداى أوكسينات dioxins)، وهى أكثر من 300 مشابه كيماوى، و عديدات الكلور ثنائى الفينايل ((PCBs والبيسفينول ايه (bisphenol-A) والفثاليت phthalates والأخيرين هما من المواد المحولة لمادة البلاستيك الخام الى بلاستيك به كل الخواص المطلوبة فى هذه المادة. العديد منها يشبه الهورمون الانثوى الاستروجين. هذه المواد المرتبطة بصناعة البلاستيك قد تكون هى السبب الرئيسى لدى الكثير من العلماء فى محاربة استخدام البلاستيك خاصة فى تعبئة الخبز الساخن والفول والألبان واللحوم. من خواص أغلب المركبات المسببة للاضطرابات الهورمونية أنها شديدة الذوبان فى الدهون. عليه يمكنها الانتقال بسهولة الى الأغذية المحتوية على دهون ثم الانتقال الى دهون اجسامنا والتحزين فى كل الأنسجة والأعضاء المحتوية على الدهون، ثم الانطلاق منها لسبب أو لآخر (صيام، أو مجهود بدنى، رياضة..الخ) ومهاجمة الغدد الصماء. العديد من هذه المركبات تعيش (تبقى فى البيئة) لفترات زمنية طويلة جدا وتتراكم فيها حيث أنها لاتتحلل بسهولة. أجريت دراسة فى الأنهار اليابانية والبحيرات والمياه الجوفية وظهرت نتائجها فى العام 1998م اثبتت وجود الكيماويات المسببة للاضطرابات الهورمونية وبمستويات مختلفة فى 122 موقعا من 130 موقع تم اختبارها. كما أجريت دراسة فى الاطفال حديثى الولادة والأجنة فىى بطون امهاتهم بالولاياتالمتحدة ووجد أن أجسامهم تحتوى على 40 مادة ملوثة خطيرة من 100 مادة معروفة عالميا. مركب القصدير ثلاثى البيوتايل، كمثال، تسبب فى بعض انواع القواقع فى ظهور أعضاء ذكرية اضافية مع التدخل فى خصوبتها. تنتشر هذه القواقع ضعيفة الخصوبة حاليا على طول الشواطئ النرويجية ووجد أنها ملوثة بدرجة عالية جدا بهذا المركب. من أخطر الدراسات التى ظهرت حديثا تلك التى تتحدث عن اختفاء البرمائيات (مثل الضفادع) ابتدا من السبعينات والثمانينات من القرن الماضى فى العديد من ولايات الولاياتالمتحدة والبرازيل والمكسيك، بما فى ذلك المحميات، وفى مناطق أخرى فى العالم وفى نفس الوقت يدل على سبب واحد مشترك، علما بأن هذه البرمائيات صمدت طوال 100 مليون عام ضد كل التغيرات التى واجهتها فى هذه الكرة الأرضية، بل أنها عاصرت الفترة والظروف التى أدت الى فناء الديناصورات. فياترى ماذا تريد أن تقول لنا هذه الضفادع؟ وهل نتسوعب الدرس؟