عبدالجليل على محمد عبدالفتاح [email protected] ظللتُ أبحث فى عُمق التجربة السودانية منذ نكبة(89) وصلت لنتيجة مفادها أن أزمة (الاخوان) داخلية بحتة لها أسباب ذاتية محضة وأسباب خارجية مؤكده وهنا مربط الفرس.. وعند تحليل المواقف (المتناقضة) لأصحاب التنظيم الاسلاموى الواحد بمرجعياته الفِكرية الواحدة كانت المواقف تؤشر على ما هو أعمق لمنطلقات المواقف المضادة للجماعة .. فعندما يُقال عن امكانية تبلور كيان سياسى بفضاء (دينى) على غرار التجربة (التركية) هنا نقول بأن التجربة التركية شىء مختلف فى بيئتها وظروف تطورها وتعاطيها مع الفضاء السياسى التركى على مدى(40) عام بأحزاب وأسماء مختلفة ووجودها ضمن النظام السياسى (الشرعى) التركي أصبح لديها فهم حقيقى بتغليب (الوطنى) التركى على الايديولوجى (الدينى) وهم يحكمون منذ سنوات ولم يُغيروا أو يستأصلوا الأحزاب الوطنية أو يقمعوها ولم يُغيروا الجيش والأجهزة الأمنية ولم يُغيروا الهوية الوطنية التركية وعملوا كحزب اسلامى فى فضاء الهوية (الوطنية) التركية .. وهنا الاختلاف بتغليب (الوطنى) على (الحزبى) حيث باتت تُعدّ مرجعاً ونموذجاً .. وحزب (التنمية والعدالة) قام بإصلاحات سياسية واقتصادية مبنية على الأسس (العلمانية ألليبرالية) فهو يُؤمن بالتعددية والحرية الفردية لدرجة أنه أصبح حزباً وطنياً أكثر منه (إسلاميًا) وليست المشكلة فى تبنى نموذج يُعد ناجحاً فعلاً فى بعض جوانبه لكن المشكلة فى التقليد الأعمى لهذا النموذج بعيداً عن الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات التاريخية لكل مجتمع من المجتمعات التى توجد فيها التجربة فالتقليد الأعمى للنموذج التركي ومحاولة استنساخه يدلان على قصور فِكرى قليل النظر عند بعض (الإسلامويين) ففى مصر حمل اسم (الحرية والعدالة) وفى ليبيا (العدالة والبناء)وفى المغرب (العدالة والتنمية») إنّ مقارنة أسماء الأحزاب المذكورة باسم الحزب التركي (العدالة والتنمية) تجعلنا نكتشف مدى (الاستنساخ) الحاصل فى التجربة وإذا كانت الأسماء بحد ذاتها ليست دليلاً على أن تكون الممارسة (استنساخية) فإنّها تُعدّ مؤشراً لطريقة التفكير التى عجزت عن اختيار أسماء تمثلها ولا تتطابق مع النموذج المتبنى فما بالك إن كانت التجارب تدل على ذلك أيضاً أىّ عجزت حتى الآن عن أن تخرج من ثنائية «المطبّقُ مطبّقاً.. وفى استنساخ آخر يبدو أنّ الأحزاب الإسلامية بدأت تسير على درب الاندراج اقتصادياً فى المنظومة الليبرالية بشقها (الأميركى) بالانصياع لبرامج صندوق النقد الدولى والبنك الدولى والاعتماد على المساعدات الاقتصادية التى تتطلب تنازلاًت سياسية وهو ما يعنى أنّها تسير على النهج نفسه الذى سارت عليه الأنظمة التى ثارت عليها سابقا..ً فالنظام يسعى لأخذ قروض من صندوق النقد الدولى برعاية (أميركية) ودعم وغطاء (قطرى) مقابل صفقات (تحت الطاولة) .. فتجربتنا السودانية تحتاج لأضاءت على كثير من المحطات .. حيث لا تؤمن الجماعة بالدولة (الوطنية) ولا بالهوية الوطنية (إلاّ) اضطراراً .. ففى 89 عند وصول التنظيم للحُكم عملوا على استيلاء كُل مفاصل الدولة والجيش والأمن والوظائف العامة وتصرفوا بما لا يُطمئن مع القطاعات المجتمعية الأخرى فى الجنوب والشرق وهم على ما يبدو (غير) وحدويون وغير ديمقراطيون ولا يقبلون بالآخر ..وهكذا عملوا على (تفتيت) الدولة الوطنية الجامعة عبر منهجهم الاقصائى الاستئصالى والفئوى بتحويل المجتمع لفئات متناحرة ..فى جنوب كرفان والنيل الازرق وبعض مناطق الشرق بعد ذهاب الجنوب جنوباً .. إن ما يُوحد الوطن والشعب هى الهوية الوطنية الجامعة وحسابات الأوطان ليست بحسابات الأحزاب وأما الاحلال والإقصاء والاستئصال وحتى السُلطة والحُكم فهى كُلها عابرة ومؤقتة والدولة السودانية هى الباقية.. فالنظام الذى تسّنم الحُكم ل(23) سنه لم يتمكن من إخفاء أزمته الهيكلية الحادة التى ضربت بجذورها في بنيته الفِكرية والمؤسسية للتنظيم وهو ما انعكس فى تضارب المواقف المعلنة والخطاب السياسى (قبل المفاصلة) وبعدها فبعد وصول (خليفة) البشير لكُرسى الحُكم سيشكل بداية توصف ب(العقلّنة) لأيديولوجيا النظام ومحاولة فرضها على الجميع.. وكشفت تجربة ألنظام انها سارت وعلى نحو سريع نحو مصير المشاريع التى سبقتها إلى الإفلاس عربياً مثال القومى والماركسى والليبرالى والبشير جمع اخطاء (الجميع) فى تجربته .. إن الاعتداء على الحُريات الصحافية التى (تمت) وتتم من قِبل أجهزة (الامن) مع كثير من ألسادة الكُتاب وقادة الرأى العام والصحافيين لم يكونوا كلهم ضد النظام وبعضهم دفع ثمناً كبيراً في فترة حُكم البشير وكأن تلك القوى والصحافيين كانوا جسراً انتهى دورهم مع انتهاء أدوار معينه.. ليس هكذا فحسب بل هناك شعور لدى الصحافيين بأن عليهم دفع الثمن (مرتين).. فهذه التجارب أصبح بينها خيط مشترك يعكس ثقافة الحُكم ..فالمسألة ذات بعد ثقافى تراكمى لهذه (الجماعة) ولها علاقة بالعقلية السودانية باعتقاد من يحكم فى ظل هذا المستوى من الوعى الثقافى وغِياب مُقدمات الديمقراطية لن يبتعد كثيراً عن هذا النمط .. فالديمقراطية الغربية هي ديمقراطية (مجتمع ومؤسسات) تعكس مستوى ثقافة (الأفراد) فالديمقراطية بعد لم تصبح نمط حياة وبالتالي من سيحكم بغض النظر عن (هويته) هو جزء من واقعنا الذي يتصف وبالاستبداد ولكن المشكلة ان الحركات الإسلاموية وصلت للحكم (بثورات) كان عنوانها (الديمقراطية) جاءت على اكتاف جماهير بسيطة وحالمة.. ولكن الحُكم فى ظلال الجماعة شهد انتكاسة لكل ألشعارات وكان مدعاة لإبداء الكثير من الملاحظات النقدية والاعتراضات من قِطاع قوى وكبير لكُتاب وصحافيين كانت أحلامهم بالثورة والتغيير مخالفة تماماً لما تحقق فى خلال (23) سنه من الجوع والإفلاس والمرض والمسغبة غير التمزق والتشتت بإثارة القبليات والعُنصريات ومن ثم ( الشُلليات) وتمزقنا وتشتتنا وتفرقنا وتوزعنا وتقسمنا ولاذ بعضنا بالمنافى والمهاجر والشتات فى بلاد تموت من البرد حيتانها ووصل السودانى لجميع أركان المعمورة حتى صرنا (جالية) سودانيه بالسودان.. * وللحديث بقيه ... لو .. دام فى العُمر بقيه .... * وعيد أضحى مبارك لاخوتنا بالداخل والخارج ربنا يرد غربتهم سالمين غانمين .. * ونرحبُ بوصول ومقدم النطاسى البارع والجراح الكبير (عزالدين على عبدالفتاح ) فى اجازة خاطفه فمرحب به وبمقدمهالكريم (ومدنى) نورّت)ياشباب .. * الجعلى البعدى يومو خنق ... الاحد 21 أكتوبر الاغر 2012م ودمدنى السُنى ..