منصات حرة لن نتفق ولن نتفق ..!! نورالدين محمد عثمان نورالدين [email protected] جلست أستمع لإمام المسجد وهو يتحدث عن قضايا كثيرة ومثيرة .. بعضها ديني والكثير منها سياسي .. كان يتحدث وكأن مايقوله هو الواحد الصحيح .. كان يشتم ويسب التيارات السياسية المختلفة .. من فوق منبر الجمعة .. ويدعو لتطبيق شريعة الله فى الأرض .. دون أن يحدد من هم المخول لهم تطبيق شرع الله .. وفى تقديري أن الثقة التى كان يتحدث بها الإمام نابعة من قدسية المكان الذى يتحدث من خلاله وكأن ذلك المكان يعطيه الحق أن يكون هو الواحد الصحيح .. !! .. فى تلك اللحظات تذكرت المنابر السياسية التى تعطي وتأخذ .. وتناقش الرأي الآخر .. ولكن منبر المسجد اليوم أصبح غير قابل للجدل والنقاش .. فى الوقت الذي نحن فى حوجة ماسة وقوية لنقاش جاد فى مسائل سياسية كثيرة تم خلطها بالسياسية حتى ظن كثير من الناس أنها منّزلة ولا جدل حولها .. وهذه المسائل فى الأساس تخدم تيارات معينة تستخدم الدين أو قل تستغل الدين لجني مكاسب سياسية .. وبهذا تصبح باقي التيارات جبراً فى الجانب المعادي للدين على الرغم من عدم صحة هذا الأمر ..!! .. فمثلاً عندما يتم التفاوض حول مسائل سياسية يكون هناك تنازل من كل الأطراف المتفاوضة حول القضايا موضع الخلاف .. ولكن عندما يأتي طرف ويقول أن قضيته هي قضية ربانية ومنّزلة من السماء .. حينها سيصبح التفاوض مستحيل .. ولن يبقى أمام باقي الجوانب سوي رفض هذا المسلك .. فتصير النتيجة عنف وعنف مضاد ..!! .. نحن فى حوجة لمناظرات علنية .. فى حوجة لمنابر للنقاش ولسماع الرأي والرأي الآخر .. فى حوجة لسماع الآخر المختلف .. فى حوجة لتجريد قضايانا السياسية من ثوبها الديني الذي يعقد المسائل أكثر وأكثر .. نحتاج إلى أن يعرف جميع الناس .. أن الصراع السياسي الحاصل اليوم فى السودان ليس له أجندة خفية ضد الدين .. كما تروج لهذا الأمر التيارات السياسية الدينية .. وتنشط فى تكفير معظم المدارس الفكرية السياسية .. رغم إنها تنتهج منهجهم السياسي وتستخدم ذات النظريات فى السياسة والإقتصاد .. ثم تاتي فى منابرها المشابة تماماً لمنابر خطب الجمعة .. وتكفر كل من هو ضدها .. !! .. وطالما سيظل الوضع هكذا .. وطالما ستظل هناك قوى سياسية موجودة بيننا .. ترفض الرأي الآخر .. وتستغل المنابر الدينية التى من المفترض انها ملك لجميع من يعتنق الإسلام .. وتكفر من خلالها الآخريين .. سيظل الوضع يصير من سيئ إلى أسواء .. وسيظل الخلاف يتمدد بين التيارات السياسية جميعها .. ولن يحدث إتفاق فى قضايانا السياسية ولن يحدث إلى أن تنشر ثقافة المناظرات العلنية حتى يعرف الجميع .. من هو الصحيح .. دون تغييب لطرف .. ولكم ودي .. الجريدة