* غازى صلاح الدين العتبانى .. عبدالجليل علي محمد عبدالفتاح [email protected] غازى غنى عن التعريف سياسى محنك هامت به السياسة وقبعت بين ثناياه ونال من جراء عشقها الكثير من العنت والمشقة ومكث بسببها سنوات من عمره المديد فى دهاليزها حتى سطع نجمه كأحد أبناء ألحركة الإسلامية مبتكراً أسلوبا علمياً بقدراته الخطابية ومهاراته اللغوية فى الطرح والنقاش .. وحين يُذكر كِبار رجال الاسلام السياسى وحُماته والدعاة اليه والمجاهدون فى سبيله فسوف يُذكر (غازى) فى مقدمة هؤلاء الرجال الذين كانوا (بدور) ونجوم العمل العام ..لقد أصُطفى ليكون فى عِداد أعلام قادة العمل السياسى السودانى وقد وهبه ألله ألكثير من مناقب الاختبار والفضل والسيادة والقيادة انه أستاذ جيل وقائد رعيل وباعث نهضة وخطيب جماهيرى ومثقف ومصلح اجتماعى وكاتب أديب قلما تجتمع هذه الصفات فى رجل واحد وقد جمعها ألله فيه.. عاش حياته فى كفاح مستمر وجهاد دائم ناضل بلسانه وقلمه وترك للشباب علمً نافع وفكر رائع يُستفاد منه على مدى طويل .. سمعته يتحدث ويخطب ويحاضر فلّله دره كم كان نبيهاً بين القادة ومفوهاً بين الخطباء وألمعياً صاحب منطق وعلم وحُجه بين رفاقه وخصومه ..حيث ظل فريداً أثرى العقل والوجدان لدى أبناء الأمة ألسودانية ..ورغم أن شخصية (غازى) تميل إلى الهدوء والصبر إلا أنه تميز عن أقرانه من أبناء الحركة بالرؤية ألفكرية والطرح والإقناع والإفصاح عن الفكر مع قوة فى المنطق واستطاع بلورة رؤية شخصية آسرة للجميع وخطيب بارع ومُفكر حاذق ذو ثقافة عالية يسلب الأذهان وغالباً ما يُوصف بأنه يتمتع بمرونة زائدة وحِكنة كبيرة مع ألجميع إلا انه عند الشدائد تبّين مواقفه الصلبة دون خوف وبلا تردد فغازى تجاوز دائرة (ذاته) ليصل للمجتمع الأكبر بل ظل يجعل من معاناة الآخرين (هماً) شخصياً له فلم يكن سياسياً وإنما تعداه بجرأة الى دور القيادة حقاً نموذجاً واعياً ولم يرض لنفسه بالأدوار والمواقف الهامشية والسهلة بالتوجيه المعرفى والتنظيمى والسياسى الكسول برؤية فضفاضة أو رمادية المشاركة .. يُعد الدكتور (غازى) من العباقرة على المستوى السياسى فهو عالم ومُفكر ومن البارزين في ميادين التجديد في العمل العام فى وقتِ شارفت فيه نجومية (البشير) على الأفول أخذ نجمه يُمعن فى اللمعان بفضاء تجديد النظام فكانت آراؤه مثيرة للجدل على الأصعدة التنظيمية والسياسية على حدٍّ سواء فهى عند البعض تجاوز وخروج عن النظام وتطاول على القيادة السياسية ولا تزال آراء( غازى) فى المؤتمر الأخير عصية على الفهم ومحل استنكار لدى الكثيرين وهى التى كثيرًا ما تضعه في مواجهة العواصف والاغتيال السياسى غير أن الخصوم السياسيين ينظرون إلى أفكار وآراء (غازى) على أنها محاولة للفت الأنظار إليه بعد أن خمد نجمه سياسيًا عقب (اعتذاره) عن تسنم وتولى منصب (الامانة العامة) وغرماء الرجل من شاكلة (ربيع عبدالعاطى) أشارو إلى انتهاء دورة السياسى .. ويلتقى معظم الناس فى أرضية مشتركة يرون من خلالها(غازى) السياسى البارع والمفكر صاحب المكر والدهاء الذى لا يُشق له غبار الذى لا ينافسه فيه أحد من نظرائه بالنظام الحاكم فغازى يمتلك قدرات عالية على التمويه وتضليل الخصوم السياسيين فضلاً عن ذلك فهو صاحب ذكاء خارق ومولع بالتدابير وتطارده هواجس تغيير النظام والرجل يستطيع أن يغيّر هذا النظام وغيره حسب افادة أنداد ممن عاصروه والدائرة القريبه منه..ولكن الرجل يحب المرونة وتطويع الوسائل والآليات وخلق المبررات والمسوغات لبلوغ أهدافه فهو مثل (المياه) المندفعة لايستسلم لموانع أو صخور بل يحاول تغيير مجراها متى ما وجد أمامه صعوبات وعقبات ومعروف عنه أنه سياسى معاند ومشاغب متمرس ومن أقدر الزعامات على الصبر على الضيم بيد أن قدرته العجيبة تتجلى فى ظهور اسمه ضمن المجموعة(الانقلابية) فالاتهام لم يصدر عن أحد خصومه وإنما من رجال وشُذاذ (النظام) وسيرة غازى وورود اسمه شغلت الناس ومجالس المدينة طيلة الليالى الماضيات وذكر(غازى) جعل ألجو مشحون بالخوف والصراع على (كُرسى) البشير وسُلطة النظام تبسط ذراعيها الباطشة على معظم أوجه الحياة وخصوصاً السياسية منها .. وقد قطع غازى العتبانى مساراً نضالياً شديد الثراء عرف خلاله(الإقصاء السياسى) و المطاردات السياسية والمحاكمات السياسية وبعض التعثرات السياسية وكلل بنجاحات سياسية لا بأس بهاولمع وسمق نجمه عبر المراجعات الفكرية و سياسية تجنح لكثير من المواقف المعلنة .. سبظل غازى أحد أهم رموز المشهد السياسى السودانى بثنائية المفكر الوطنى كسياسى بارع وخطيب مفوّه ومتواضع لا تفارقه الابتسامة وكاتب رصين كتب الكثير والكثير من الكتابات طِوال مسار حياته..فللرجل قدرة عجيبة على الفعل و التأثير بما انفتح على المعارف الإنسانية ناهلاً منها الكثير من العلوم وكانت كتاباته زاداً معرفياً وثقافياً كبيراً ومن خلالها أدركنا كاريزمية الرجل ومبدئية مواقفه ومرونتها الصلبة ما جعلنا نُعجب بسلوكه السياسى و السياسيون يحسدونه علي قدرته الفائقة على كثرة مبادئه وفعله السياسى وقد اتسمت ردوده على فِرية (الانقلاب) بالدقة و ألتمكّن فهو منفتح ومحاورُ صعب المراس فالرجل لا يجلس على التل متفرجاً انما فاعلاً ومتفاعلاً وأدرك بثاقب فِكرة أن ضريبة مشاركته فى الاستدراك على مناكر النظام ستخصم من رصيده ومن الصعب مزاحمة أهل الباطل فى مؤتمرهم الأخير ومنافسة أهل السوء فموازناته العقلانية وتخطيطاته الواقعية بتأملات الفِكرية جعلته يبتعد عن (النظام) بدفع قدر الشر بقدر ألخير ومن هنا جاءت فِرية الانتقاص ومحاولة الاغتيال السياسى لرمز من رموزهم .. فغازى رجلُ من الأفذاذ قّل أن يجود الزمان بمثله وقد لا يجود فما أكبر الهِمه المتسعة والمتشعبة التى أوتيها تألله لو قسمت عزماتها ومقاصدها على أرباب ألنظام من ذوى الجد والعزم والظفر لضاقوا بآدائها والنهوض بها ذرعاً وناؤوا بها ثقلاً فإذا ذكرتم (غازى) فاذكروا رجلاً سار فى مقدمة (الفرسان) حيث كانت المسالك وعرة والعقبات فى وجه المصلحين أكثر من أن تُحصى فما لوى عنان (جواده) يُمنةً أو يُسره ولا أرتد منهوكاً من المقدمة الى المؤخرة بل ظل طيلة حياته ضميراً حُراً لا يُسخر وجبيناً لا يُعفر ..انه (غازى صلاح الدين عتبانى) رغم أن المولى جلّ فى عُلاه لم يقدر لى الالتقاء به(شخصياً)إلا أننى ككثير من الشباب قدر لى أن نتتلمذ على (فِكره) وأن نُقبل على تجربته متثقفاً ودارساً متعلماً من تجربة(غازى) بدماثة خُلقه وجم أدبه وتواضعه ورقة مشاعرة فنحن نحترم الرجل ونقدره ونعترف له بالفضل والسبق فهو وغيره معرض للخطأ والوقوع فيه مهماأرتقى فى العِلم والصلاح والتقوى .. وللحديث بقيه .. عبدالجليل على محمد عبدالفتاح .. ودمدنى السُُنى .. الثلاثاء 27 نوفمبر2012م الجعلى البعدى يومو خنق ...