بالمنطق .... صلاح الدين عووضه * من واقع المعايشة الشخصية لاحظت شيئاً عجيباً قُبيل وقوع كارثة ما.. * لاحظت أن الشخص المتسبب في كارثة - أو مصيبة - ما تنتابه حالة من (التبلد) التي لا تخلو من (غرور).. * وواحدة من الحالات هذه كنت قد أشرت إليها في كلمة بعنوان (وقائدنا يغني للقائد) قبل سنوات خلت.. * فقائد السيارة التي انطلقت بنا في رحلة العودة من كسلا إلى حلفاالجديدة لم يسكت فمه لحظة عن ترديد أغنية (قلناها نعم، وألف نعم، ليك يا القائد الملهم).. * أي أن (قائد) السيارة كان يغني ل(قائد) البلاد جعفر نميري.. * وليس الغناء في حد ذاته هو ما أزعجنا بقدر ما أزعجنا سلوكه طريقاً (غريباً) غير الذي كنا نألفه.. * وحين كنا ننبهه - بلطف - إلى توغله في سكة (مهجورة) كان يكتفي بإلقاء نظرة نحونا أكثر (غرابة) من الطريق ثم يرفع عقيرته بالغناء صائحاً: (ليك يالقائد الملهم).. * ثم لاحظت فجأة - وأنا في العمر المبكر ذاك - أن حالة من (التبلد) الممزوجة بشيء من (العنجهية) تكسو وجه (قائدنا) في اللحظات تلك.. * لحظات ما قبل وقوع الكارثة... * وكارثتنا المعنية هنا هي بلوغنا نقطة (التوهان) المحقق التي انقطع عندها غناء سائقنا (السخيف).. * ثم حالة (التبلد) هذه لاحظتها على وجه (القائد الملهم) نفسه -بعد ذلك - وهو يلقي خطابه المستفز ذاك قُبيل سفره إلى أمريكا.. * وظللت أرصدها - الحالة المذكورة - على وجوه الكثيرين مع اختلاف أنواع الكوارث التي يقع فيها أصحابها.. * ومن الكثيرين هؤلاء - على صعيد الكوارث السياسية - ابن علي ومبارك والقذافي وعلي صالح في أُخريات أيامهم.. * كانوا يبدون متبلدين تبلداً أظهرهم وكأنهم (منغوليون) رغم محاولات التستر وراء أقنعة (التعالي).. * وقبل وقوع الأحداث الحالية بمصر بدا لي وجه محمد موسى مشابهاً - من حيث التبلد وانعدام الإحساس - لوجه مبارك وهو يقول في (عز الأزمة): (لم أكن أنتوي الترشح لفترة رئاسية جديدة).. * فما سر هذا التبلد - المصحوب بالغرور - يا ترى الذي يعتري وجوه البعض قُبيل وقوعهم في الكوارث؟!.. * ولا أدري إن كان لدى علم النفس إجابة عن التساؤل هذا أم إن الأمر يندرج تحت باب (الإستبصار) الذي لا يخضع لدراسات علمية.. * وهل الذي ألاحظه هذا هو (تجلٍّ) لما تشير إليه مقولة (القدر يعمي البصر) أم أن المقولة هذه ما من سند ديني أو علمي أو منطقي لها ؟!.. * وعلى أية حال تذكروا عبارةً سنختم بها كلمتنا هذه عندما يحين - ربما - أوان تذكيركم إياها.. * وإلى ذلكم الحين كل الذي نقدر أن نقوله إنها ذات صلة بخبر (كارثي) يتحدث عن هجرة قرابة ال(100) ألف سوداني خلال العام (2012)م وحده.. * أما العبارة فهي: (الباب يفوت جمل) !!!! الباب يفوت جمل ..!! الجريدة [email protected]