بالمنطق و(قائدنا) يغني لل(قائد)..!!! صلاح الدين عووضه [email protected] المسافة بين كسلاوحلفاالجديدة ليست طويلة.. ولكن حين يكون السائق مغروراً، وفوق ذلك (ناشف الرأس) فيمكن أن يتوه و(يتوّه!!) معه أرواحاً تستقل السيارة التي يقودها.. والسائق هنا أعني به السائق ذاك الذي جاءنا كما القدر ليقود العربة التي خصصت لنقلنا الى مدينة حلفاالجديدة عقب انتهاء زيارتنا لكسلا. والقصة الحقيقية هذه حدثت في أواخر عقد السبعينيات من القرن الماضي.. فقد كنا مجموعة من شباب حلفاالجديدة أذكر منهم وحيد عثمان يعقوب، وابناء عمنا محمود سيد احمد (صلاح وعلاء الدين ومحمد)، وشقيقي كمال.. كنا مجموعة من الشباب الذين لا يعنيهم من أمر (ثورة مايو الخالدة!!) إلا ما تتيحه لنا من عطلات مثل تلك التي اغتنمناها لنذهب الى أرض القاش.. فكل (ثورة!!) تجئ تزعم أنها (خالدة!!).. وتزعم أنها محبوبة الجماهير.. وتزعم أنّها لايأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.. كل ثورة من شاكلة مايو في عالمنا الثالث بلا استثناء تزعم ذلكم الذي ذكرنا.. فإذا بالتأريخ يثبت لنا أنّها طارئة، وليست خالدة.. وأنّها مكروهة الجماهير وليست محبوبة الجماهير.. وأنها يتقمصها الباطل من قمة (رأسها!!) الى أخمص (قواعدها!!).. نعود إلى رحلتنا التي تُهنا فيها رغم أن المسافة بين المدينتين هي (فركة كعب) ونقول أن السائق أقسم (رأسه وألف سيف) ألا يستمع إلى نصائحنا بأن يعود أدراجه ثم يسلك الطريق الصحيح.. فقد أحسسنا منذ ربع الساعة الأولى أنّ السيارة تنهب الأرض في الاتجاه الخاطئ.. ولكنّ السائق الذي رفض أن يستجيب إلى نداءاتنا ب(نعم) ظلّ يردد بصوت قبيح: (قلناها نعم، وألف نعم، ليك يا القائد الملهم).. ومضى من الزمن نصف الساعة والسائق ذو (الرأس الناشف!!) يصّر على أنه يسير في الطريق الصحيح.. ثم يطالبنا بأن (نساعده بالصمت).. وبعد نصف ساعة أخرى مثلها بدأ السائق يكثر من الالتفات يميناً وشمالاً بما يشي بأنه يبحث عن معلم ما كان يتوقع ظهوره بعد كل تلك (النعمات!!) التي (لاكها) لسانه تغنياً بنشيد قلناها (نعم).. عبثاً كان يبحث السائق العنيد عن معلم و لا شيء سوى شجيرات متفرقة هنا وهناك، وأسراب طيور تفرّ من بينها نحو السماء فزعاً من هدير محرك السيارة.. واضطّر السائق إلى أن يوقف السيارة بعد أن لاحظ ولاحظنا أنّ مؤشر الوقود قد صار (يؤشر) نحو خطر محدق ينتظرنا إن نحن أوغلنا في (اللامكان!!).. وفي اللحظات تلك تدخلت إرادة السماء لتنشق الأرض فجأة عن بعير يمتطي صهوته رجل من أبناء الشرق يتجه نحونا وعلى وجهه ترتسم علامات الحيرة.. التزم السائق ذو الرأس (الناشف!!) بتوجيهات صاحب البعير لنجد أنفسنا بعد (دهر!!) من الزمان على (درب السلامة!!).. أما الذي وجده السائق فهو ما يستحق من (جزاء!!).. قيل له: (أن تخطئ فكل ابن آدم خطّاء!!).. ولكن أن (تصّر على الخطأ!!)فهذه هي (المصيبة!!).. فأيما (قائد!!)- حين يكون مسؤولا عن أرواح - يجب أن يكون (مسؤولا!!).