قبل أشهر معدودة .. عاد رجل الأعمال كثير الأسفار .. الى الخرطوم .. من جولة اوربية على غير العادة .. والرجل محل ثقة عند المراجع العليا فى الدولة .. ولسبب من هذه الثقة فهو مسموح له .. أو يسمح هو لنفسه .. التحرك فى مساحات شاسعة .. لا يتحرك فيها كثيرون .. الرجل حمل فى عودته .. حسب ظنه على الأقل .. صيدا ثمينا كما قال لمن إئتمنه على إبلاغ الرئيس رسالة عاجلة .. كان فحوى الرسالة أنه إلتقى الدكتور على الحاج فى اوربا .. هكذا .. وأن الدكتور لا مانع لديه من العودة الى البلاد .. ثم .. يضيف رجل الأعمال من عنده ملاحظة .. وإقتراحا .. فأما الملاحظة فهى أن الدكتور ظروفه صعبة .. لم يفصح الرجل عن طبيعة هذه الظروف .. ولا مدى صعوبتها .. ولم يسأله المؤتمن على حمل الرسالة .. وأما الإقتراح فهو .. ضرورة أن تكون عودة الدكتور بطريقة لائقة .. المؤتمن على الرسالة يجتهد فى نقلها .. بحذافيرها .. وحواشيها .. من ملاحظة رجل الأعمال الى إقتراحه .. وعلى مائدة تضم .. الرئيس .. إثنين من أقرب رجاله .. وثالث .. تطرح الرسالة .. الرئيس لا يعلق .. ربما تعمد ذلك .. أما الإثنان الأقربان .. فيديران حديثا حذرا عن دور على الحاج .. ووزنه .. وما الذى يمكن أن يضيفه .. بقى هناك .. أو إنتقل الى هنا .. مجرد أسئلة تؤسس لموقف محايد .. سيما وأن الرئيس لم يقطع برأى .. لا مواقف قطعية كما سنرى الآن .. صمت الرئيس يغرى بالحديث .. فينفجر الثالث فى وجه المؤتمن على الرسالة .. لماذا تشفع لعلى الحاج ..؟ وما هى علاقتك به .. ؟ وما هى قيمة على الحاج ..؟ وما هو وزن على الحاج .. ؟ المؤتمن على الرسالة .. الذى كان ينظر لنفسه كمجرد وسيط .. يجد نفسه فجأة فى مرمى أسئلة تجريمية .. وأين .. ؟ فى حضرة الرئيس .. ! ولكنه لايفقد هدوءه .. فيجيب دفعة واحدة .. اولا ما هذه الكلمة الغريبة التى إستخدمتها .. أنا لم آتى الى هنا متشفعا لأحد .. أنا هنا لنقل رسالة سياسية بكل ما تحمل الكلمة من معنى لا متشفعا .. ومع ذلك .. وإن أردتها كذلك .. فهى كذلك .. وأنا شخصيا على إستعداد لطلب الشفاعة للشيطان .. إن كان سودانيا وأمره بيد الرئيس .. ولا أرى ما يمنعنى من المطالبة بفتح الأبواب لكل سودانى راغب فى العودة لوطنه .. يتدخل الرئيس .. مبتسما .. و مستعيذا .. بصوت عال .. من شياطين الإنس والجنس .. ينتهى الموقف .. وتبقى الأسئلة المشروعة .. عن علاقة تلك بهذه .. أو علاقة تلك الأمسية بما تلاها .. حتى زيارة الفندق ..؟ وزيارة الفندق .. وفقا لإفادة الدكتور على الحاج .. هى تلك الزيارة التى قام بها سيادته الى مقر إقامة السيد على عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية بالعاصمة الألمانية مؤخرا .. ولعل الملاحظة الجديرة بالرصد .. دون جهد هى تضارب معلومات الدكتور .. سواء على صعيد إفاداته الشخصية .. أو تعارضها مع إفادات جهات أخرى .. كقوله إنه بادر لزيارة السيد طه للإطمئنان على صحته بعد أن سمع أنه ( مريض جدا ) .. وحين تتضارب أقوال الرجل .. فالطبيعى أن تحيط الشكوك بأفعاله .. ! إذن .. ورغم كل الضجة .. والضجيج .. والمؤتمرات الصحفية .. واللقاءات الإعلامية .. يبدو الأمر أقرب الى ترتيب هبوط آمن للدكتور على الحاج فى داره .. ولا نقول دار المؤتمر الوطنى .. وأن كل هذا الذى جرى .. لايعدو أن يكون تنفيذا لنصيحة رجل الأعمال الذى سبق وأن إقترح أن تكون عودة الدكتور بطريقة لائقة ..! صحيفة الخرطوم [email protected]