بسم الله الرحمن الرحيم أبيي والتحديات الكبرى أبيي والتحديات الكبرى التحديات تتمثل في عدم فهم المتغيرات السياسية على الصعيد الحكومي والشعبي فالمفارقة الأولى الكل يتحدث عن السلام والتعاون والتعايش السلمي فمن الجانب الاجتماعي السلام متوفر ولا يتحاج لجهود تصب في مصلحة الأنظمة ، وليس هناك أي احتكاكات تعكر صفوة السلام الذي يتحدثون عنه بين المسيرية والدينكا نقوك هذا أمر محسوم أما المفارقة الثانية تكمن في صراع الدولتين جوباوالخرطوم في رسم الخارطة السياسية وفق أجندات وأهداف مبنية على اتفاقية نيفاشا 2005م وما جاء في تفسيرات برتوكولاتها وحسب تفسير أي طرف لنصوص برتوكولات نيفاشا 2005م وهذه التفسيرات تنطوي بما يتماشى مع مصالح أي طرف من المتصارعين دون الفهم العميق للمصالح المشتركة التي تربط العلاقات الاجتماعية وحسن الجوار بما يحقق الأمن القومي للبلدين ومن ضمن هذه البرتوكولات برتوكول أبيي الذي فجر القنبلة الموقوتة في ظرف المجتمع أحوجة فيه للسلام . فالمسيرية ونقوك محتارين في أمرهم بسبب زجهم في نزاع هم لم يكونوا طرف فيه في يوم من الأيام ، وإذا كانت المسيرية هي صاحبت الحق لماذا تم تجاهلها في مفاوضات مشاكوس 2004م أو لماذا علمت المسيرية ببرتوكول أبيي بعد توقيع اتفاق السلام في 2005م هل صاحب الحق يبعد عن حقه ويطالب مرة أخرى بتحقيق السلام والتعايش فالسلام والتعايش هو مسئولية نظام الإنقاذ الذي يغالي ويكابر بشمالية أبيي ، حيث أن القبيلة ليس لها مسئولية . ولذا عدم التفريق بين السلام القائم على العادات والتقاليد والأعراف المحلية بين القبائل ، وبين مسئولية الدولة في تحقيق الأمن والاستقرار الذي يقوم على مرتكزات أساسية ، في توفير الخدمات من تعليم ، وصحية ومياه ، وكهرباء وطرق إذا لم ينم الفهم على هذا هو أيضا يشكل تحدي لإرادة الشباب . فضلا عن مسئولية النظام في توفير الشرطة والأمن والجيش وهذا التحدي الثاني . وهذه مسائل لا يستطيع المجتمع توفيرها لنفسه بأي حال من الأحوال إذا ما تم التفريق بين مسئوليات المجتمعات المحلية ، ومسئولية الدولة ٍ، إذاً على نظام الإنقاذ أو نظام جوبا عليهم تحمل مسئولياتهم كاملة في تحقيق السلام . وعليهم عدم زج المسيرية والدينكا نقوك في صراع الكبار ، لأن الصراع قائم على أيدلوجيات وأهداف سياسية داخلية وخارجية . فترى جوبا أن أبيي ضمن اتفاقية نيفاشا 2005م لابد أن يتم إجراء استفتاء يشمل دينكا نقوك فقط والسودانيين المقيمين دون تعريف علمي وجغرافي للسودانيين المقيمين لتحديد مصير تبعية أبيي للجنوب أو الشمال وترى حكومة الشمال من جانبها بأن الاستفتاء لابد أن يشمل المسيرية وهذا المنطق أنبت عليه خلافات حادة بين نظام الإنقاذ ونظام جوبا في تحديد مصير المنطقة الاقتصادية الحيوية وليس تحديد مصير الشعبين المهم هناك خلط كبير في التعايش السلمي بين البسطاء من جهة وبين الحكومتين المتصارعتين المتشاكستين في فهم تطبيق برتوكول أبيي لإرساء الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة . أعتقد إن البسطاء غير قادرين على فهم التحديات السياسية الكبرى فعليه من يريد أن يقوم بمبادرة للتعايش السلمي أن يصطحب العوامل المؤثرة على تلك الجهود التي يقوم بها لتفجير طاقات الشباب حول ذلك التعايش بعيداً عن الظروف السياسية لأي من الطرفين المصارعين نظام جوبا ونظام الخرطوم حول من تؤول إليه ملكية المنطقة فضلا عن دراسة التحديات وفق روئي قادرة على استيعاب المتغيرات الظرفية الآنية أو المستجدات السياسية على المستوي الإقليمي والدولي فمثلا التحديات التي تواجه أي تجربة إيجابية تكمن في فهم طبيعة التحديات الماثلة أمامهم وهذا سؤال يتطلب الإجابة عليه : 1- فهم برتوكول أبيي باعتباره مرجعية للصراع بين نظام الإنقاذ ونظام جوبا 2- تواجد القوات الأممية بالمنطقة 3- القرار الدولي 2046 وما يتمخض عنه لاحقا من تطورات على صعيد الأرض 4- الاستفتاء أحد التحديات الكبرى على تغير الخارطة السياسية في السلام 5- مصفوفة الاتفاقيات التي أجلت الحل الشامل للمناطق المتنازع عليها 6- تأخير قيام إدارية أبيي 7- ضعف البنية التحتية الذي شكل تحدي للمثقفين في تجاوز الأزمة 8- انعدام عوامل الاستقرار في المنطقة 9- الوصاية المفروضة على المجتمعين من قبل نظام الإنقاذ ونظام جوبا هذه الأمور كلها سوف تعرقل الجهود المبذولة من قبل الشباب إذا لم يتم استيعابها بالشكل الذي يشكل الدعامة الأساسية للسلام . إذاً المقصود فهم طبيعة الصراع السياسي بين دولة الجنوب ودولة الشمال وعلى ضوء هذا الفهم يمكن أن يتحقق السلام والتعايش إذا رفعت الدولتين يدها عن القضية أو عدم التحكم في الجهود والمبادرات الشعبية ، ولكي لا ترتبط المسألة على أنها تصور صراع بين دينكا نقوك والمسيرية وفي نفس الوقت النظامين هما المتحكمين في القضية . لذا على الشباب دراسة التحديات والمستجدات التي يمكن أن تطرأ بشكل خارج عن حساباتهم وأيضا دراسة العوامل الإيجابية التي يمكن أن تؤدي إلى نجاح التجربة استناد للنقاط المشار إليها حيث أن النجاح والفشل مرهن بإرادة الطرفين في تحقيق مستلزمات السلام ، فالذي يعتقد إن الصراع بين نقوك والمسيرية بأنه واهم إذا لم يستوعب المتناقضات التي خلقتها نيفاشا بعد انفصال الجنوب وإذا كان تطور الصراع قبل انفصال الجنوب هو صراع داخلي يمكن السيطرة عليه بكل الإمكانيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية فإن هذا العامل أنتفي تماماً ، فالجنوب أصبح دولة لا يمكن السيطرة عليها بالتالي المفاوضات تجري بينهم لا تؤكد حل القضية في الإطار الداخلي بل أدخلت القضية في خيمة الوساطة الأفريقية ومجلس الأمن الدولي لذا السلام مرهون باتفاق شامل ليس للطرفين المتصارعين فحسب وإنما يتضمن مصالح الدول الأفريقية والدول الكبرى أو ما يسمى بالأمن الإقليمي والأمن القومي العالمي ، فهنا فشل الخطوات غير المحسوبة تؤكد فشل التجربة الحديثة إذا لم تحسب بقياسات الربح والخسارة . إذا ما حسبنا تدخل مجلس الأمن والسلم الأفريقي ومجلس الأمن الدولي في القضية والتلويح بالعصا الغليظة في تطبيق العقوبات على الدولة التي لا تطبق نص القرار 2046م سوف لن نصل إلى الحقائق التاريخية المرة في التدخل الإقليمي والمجتمع الدولي في القضية إذاً لابد من قراءة الخارطة السياسية لمعرفة أهداف التدخل لمصلحة من ، لذا الدول الكبرى لن تتدخل في الصراعات الإقليمية إلا إذا وجدت من ورائها تحقيق مصالحها . . إذاً السلام مطلب لكل المجتمعات ومطلوب تحقيقه ، لأن السلام هو أحد عوامل الاستقرار والتعايش والانصهار الاجتماعي وبدونه لن يكون هناك سلام ، ولكن السلام الحالي تجاذبته أيدلوجيات لها أهداف بعيدة عن نوايا الذين ينشدون السلام الحقيقي .فنحنو لا نشكك في جهود القائمين بهذه المبادرة وليس من حقنا أن نشكك في نوايا الآخرين ولكن نخشى احتواء المبادرة الشعبية من طرف واحد أي نظام الإنقاذ أو نظام جوبا وإفراغها من محتواها . وهنا طرأ سؤال لا يمكن تجاوزه ما هي الأطر التي تحد من تأثيرات التحدي من قبل ذوي المبادرة. 1- هل الشباب التواقين للسلام باستطاعتهم إقناع النظامين بالتخلص من برتوكول أبيي باعتباره مرجعية لطبيعة النزاع بين الدولتين وهو أحد التحدي الحقيقي لمصداقية السلام 2- هل مبادرة الشباب قادرة على إقناع المتمسكين بالاستفتاء من أبناء الدينكا نقوك الرافضين لحق المسيرية التاريخي في الأرض 3- هل الشباب المبشرين بالسلام باستطاعتهم إقناع المجتمع الدولي بسحب القوات الأممية من أبيي وتحطيم الجدار العازل الذي فرضه قرار محكمة التحكيم الدولية لاهاي أو الاتفاقيات التي تلت قرار محكمة لاهاي . 4- هل الشباب المبادرين من أبناء المسيرية والدينكا نقوك قادرين على إلغاء قرار مجلس الأمني الدولي 2046م الذي شكل تحدي لمنطق السلام هذا القرار الذي شجع مجلس الأمن والسلم الأفريقي لاتخاذ قرار بالإجماع على إجراء الاستفتاء في أكتوبر 2013م .دون مراعاة لحق المسيرية . المهم نأمل أن لا يخدع الشباب بتنفيذ أجندة لأحد الأنظمة حتى لا تذهب جهودهم أدراج الرياح وأيضا عليهم استيعاب التحديات التي تواجههم في خطواتهم الرامية لتحقيق السلام بالتأكيد إن السلام مهره غالي ويتطلب تضحيات ومثابرة جمة في تجاوز المحن والاستفزازات في سبيل تحقيق السلام الذي ينشده الجميع ، وعليهم أن يكونوا قدر المسئولية التاريخية الملقى على عاتقهم . حسين الحاج بكار [email protected] 5/4/2013م