لقد أصبح السودان بلد العجائب والغرائب والمتناقضات .. وما عدنا نفهم ماهو جاري هنالك بالفعل! كثيرا ما نسأل عن الأحوال المعيشية والضائقة الاقتصادية, فتأتينا الاجابات جميعها متفقة على أن الأحوال سيئة للغاية, والغلاء طاحن ووصل حدا يفوق الوصف والخيال ثم يردفون: لكن الناس عايشين_ نعم العائش هو الله وسبحان مقسم الأرزاق ولكن كيف ولسان حالهم يقول: الأسعار في السما ولا يوجد هناك عائل لكثير من الأسر والدخول متدنية والمرتبات لا تفي حق المواصلات والافطار الذي غالبا ما يكون موية فول في معظم الأحيان ... وفي الجانب الآخر نرى بعض أشرطة الفيديو لبعض المناسبات تعطينا الاحساس بأن الناس هناك يعيشون في بحبوحة من العيش على أنغام الموسيقى والأضواء الخافتة الملونة وعبق البخور والتفنن في رسوم الحناء والثياب المطرزة والموشحة بالحرير والخرز.. وسط هذه الأجواء نرى أناس يتمايلون طربا حتى الثمالة وآخرون يأكلون ويشربون ما لذ وطاب في أكواب وأباريق وأطباق مصفوفة ومليئة بمختلف الألوان من الفواكه والحلويات تقدمها اليهم حسناوات وكأنما هم في أعلى الجنان.. في المقابل وفي أجواء بعيدة كل البعد عن تلك نرى أطفال يتضورون جوعا ويحترقون عطشا ويتصببون عرقا ولا تقوى أيديهم على هش الذباب من على وجوههم وأنوفهم المزكومة وأجسادهم النحيلة وملابسهم البالية ..وتجد آخرون يتسابقون على صناديق القمامة بحثا عما يسدون به رمقهم .. وآخرون يصارعون الموت والمرض يفترشون الأرض ويلتحفون السماء تحت جدران المستشفيات يمنون أنفسهم بلمسة طبيب وجرعة دواء.. يحدث كل هذا التناقض في بلادي وشتان ما بين هذا وذاك ولدهشتي لم نسمع يوما أو نرى مسئولا يتفقد حال الرعية أو يقوم بزيارة احدى المستشفيات أو يضع بندا لرفع المعاناة عن كاهل المواطنين!!! ورغم كلما يحدث يحسبون أنهم يحسنون صنعا وأنهم أتوا لانقاذنا علما بأنهم أتوا لاذلالنا.. اللهم انا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.. [email protected]