ان عدم معرفة الشىء لا يعنى عدم وجوده المطلق، وقد تمر بك احداث لا يمكن ان تسقط من ذاكرتك، ولا انفى مطلقا ان مجتمعنا به الكثير من.... الخرافات ،الا ان طفرات العلم الكبيرة، وتوفر ادوات التواصل المتقدمة قربت المسافة الفكرية بيننا وبين الاخرين فى كثير من الامور الحياتية... وهكذا تلاشت مع مرور الايام او كادت.... والحقيقة التى لا تقبل الجدل ان الدنيا مليئة بالخفايا والاسرار، التى لا تتمكن عقولنا من ان تدرك الكثير عن كنهها....فهناك عالم خفى لايمكننا... ان ننفى وجوده الحتمى بيننا وهو عالم الجن ...وسموا جنا لاستتارهم ..عن العيون، فنحن لا نستطيع رؤيتهم، وهذه الحقيقة مثبتة والدليل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) سورة الأعراف آية 27، ... بل هناك الكثيرجدا من الوقائع والتجارب، التى لا تدع مجال للشك، بان الجن مخلوق رغم استتاره وعدم مقدرتنا ... رؤيته فان له تواجد ما... اما النعمة الكبرى فاننا ولله الحمد ...لا نراه بالعين ... بدات القصة فى مدينة نيالا وكانت وقتها حاضرة محافظة جنوب دارفور ..... منزل مكتمل لا ينقصه شىء سواء من يتجرأ ويسكن فيه، فما ان يجن الليل حتى تبدأ اصوات تتعالى من تلك الشجرة ،وقد يسمع اصوات كانه حوار ،وربما تدور الشكلة فتصبح خناقة وصراخ ونواح وبكاء، وعندما تتغير مزاجات الجماعة تنقلب الى زغاريد وغناء وضحك كل هذا ولا ترى بام عينيك احد غير شبح الشجرة العملاقة... وهكذا ظل البيت مهجور لفترة طويلة من الزمن فلم ينظر ناحيته احد الا احس بالرهبة... واستولى عليه الخوف وساوره القلق ولما كان البيت من ضمن المبانى الحكومية المخصصة لكبار الموظفين ...حاولت ادارة المجلس اكثر من مرة اغراء بعض موظفيها بالسكن فيه... الا ان كل من يقطن بيت التبلدية كما يحلو لاهل المنطقة تسميته، يولى هاربا فى اليوم التالى مباشرة، وقد تملكه الجزع من هول ما يحسه ويسمعه، من تلك الشجرة الملاصقة لجدار احد الاركان الخارجية للبيت... نعم نمت تلك التبلدية التى يقشعر بدن كل من يحاول الاقتراب منها، والتى ربما تجاوز عمرها المئات من السنين وهى ...صامدة تغالب... رياح الايام شاب طموح ...تم تعينه مساعد للمحافظ ... وكان من ضمن امتيازات وظيفته الجديدة البيت المهجور،وبكل روح المغامرة والتحدى والشباب، قبل السكن فى ذلك البيت وقال لزملاءه هذه مجرد تراهات وخزعبلات واساطير... ما انزل الله بها من سلطان، وانه سوف يسكن هذا المنزل ، مهما حدث ولن يتراجع عن قراره ...حاول البعض نصحه بان لايقبل على تنفيذ فكرة السكن فى ذلك البيت المشؤوم ...ولكن لم يزيده التخويف الا تحديا ....بل طلب احضار عمال لقطع الشجرة ... واجتثاثها من جذورها ...وما ان اقترب العمال من الشجرة ....حتى اطلقوا سيقانهم للريح... ولسان حالهم ...يقول : البعد ولا الديار ام سعد...!!! تدخل بعض العقلاء ،وحاولوا ان يثنوا مساعد المحافظ عن فكرة قطع الشجرة ،فالخير يخص والشر يعم .... ولكن تمادى مساعد المحافظ... ولم يستسلم بل اصر على تنفيذ قراره فاحضر جماعة اخرى ...من العمال واغراهم بزيادة الاجر فى حالة تمكنهم من قطع الشجرة شرع العمال المساكين فى القطع، وهم لا يعلموا سرها الدفين ، ولكن ما ان هوت الفؤوس على الشجرة حتى سقط عامل مغشى عليه ، ثم هرب البقية الباقية اتقاء الشر، وحفاظا على الروح التى ما بعدها..... ولم يكتمل نهار ذلك اليوم الا ومساعد المحافظ قد اصابته علة لم تمهله لصباح اليوم التالى.... ففارق الحياة ... وبقيت تلك الشجرة قائمة ...كماهى...ينام من فيها نهارا... ثم ...تستيقظ... اصواتهم... ليلا .... منتصر نابلسي [email protected]