هو من أكثر سياسيي السودان ذكاءً بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء.. ü بل حين تجلس إليه يدهشك الذكاء (المخيف!!) الذي يشعّ من عينيه (الضاحكتين).. ü وكاتب هذه السطور جلس إليه كثيراً؛ وفي كل مرة يسمع منه عبارة: (من الذكاء السياسي قراءة التاريخ جيداً).. ü أي أدرس التاريخ حتى تفهم المستقبل.. ü أو؛ إقرأ التاريخ كيما تتجنب الأخطاء.. ü أو ربما هو يعني أن كل مرة يُضيَّق عليه فيها (الخناق!!) ينقلب الوضع لصالحه.. ü حدث ذلك أواخر عهد عبود .. ü وأواخر عهد مايو.. ü وأواخر عهد الصادق المهدي.. والآن هو وحزبه مضيَّقٌ عليهما من تلقاء نظام (لولاه!!) لما كان هناك شيء اسمه (الإنقاذ).. (أها)؛ الترابي رغم ذكائه الحاد هذا اعترف بعظمة لسانه- الآن- أنه عجز عن التنبؤ الصحيح بشيئين اثنين: أولهما إمكان انسحاب الجيش من عالم السياسة عقب (التمكين الإنقاذي!!).. وثانيهما مدى قدرة الإسلامويين على الصمود أمام إغراءات (شهوة السلطة والمال والجاه!!).. وإن كنا نعذر الشيخ (الذكي) في عجزه عن التنبؤ الثاني فإن الأول ينمّ عن (عدم قراءة صحيحة للتاريخ!!) وهو صاحب عبارة (من الذكاء السياسي قراءة التاريخ جيداً).. فتاريخ السودان مليء بالشواهد الدّالة على (صعوبة تخلَّي العسكريين عن السلطة حال وصولهم إليها!!).. فعبود- مثلاً- عجز عن الوفاء بالوعد الذي قطعه لعبد الله خليل ما إن جلس على كرسي الرئاسة بالقصر الجمهوري.. ü والوعد هذا كان يتمثل في ارجاع السلطة إلى المدنيين عقب فترة زمنية متفق عليها.. ونميري (استكثر!!) على القوميين العرب وأهل اليسار أن تكون ثورة مايو (خالصةً) لهم من دون العسكريين بعد نجاح الإنقلاب.. ü و سوار الذهب لاقى عنتاً رهيباً في اقناع زملائه العسكريين- من أعضاء المجلس الإنتقالي- بأن يكونوا (عند كلمتهم!!).. ü الترابي- إذن- لا يُعذر في هذه ولكن الثانية نجد له فيها ألف عذر.. فما من أحد- مهما بلغت به حدة الخيال- كان يظن أن أصحاب (ثورة المصاحف!!) يمكن أن يغدوا أصحاب (ثروة الملاغف!!!) حين يدين لهم الأمر.. بل إن كثيرين منا- من غير الإسلامويين- (أخذوا!!) بوعودٍ (تقشفية) استهداءً بما كان عليه السلف الصالح في أيام الإنقاذ الأولى.. فمن إسلاموي الإنقاذ هؤلاء من كان يصرخ: (لن أبرح سكني الطرفي هذا!!).. ومنهم من كان يصيح: (لن أمتطي سوى فارهة حكومية واحدة مجبراً!!).. ومنهم من كان يزأر: (لن نكون مثل الذين استهوتهم الدنيا من قبلنا!!).. ü فإذا بأمثال الأول يقتنون سرايات ذات (مصاعد!!) بأرقى أحياء العاصمة.. وإذا بأمثال الثاني يمتطون من الفارهات مثنى وثلاث ورباع بخلاف المخصصة تلكم ل(المدامات!!) والأبناء.. ü وإذا بأمثال الثالث (تنسيهم الدنيا!!) ما كانوا يزأرون به ذاك.. ويذهل (شيخهم) إزاء ذلكم كلّه ويقول: (ما كنت أحسبهم سيضعفون الضعف هذا كلّه أمام فتنة السلطة والجاه والمال!!).. ولكنه (يحسب!!) الآن- الترابي- أن (قراءة ذكية للتاريخ) مهمة للغاية في أيامنا هذه.. أي أنها بمثابة (نبوءة) لم «يجهر!!» بها الشيخ كعادته.. فماذا عساها تكون؟!!!! اخر لحظة