تتواتر الأنباء كل يوم حول عمومية الاتحاد العام، سيما بعد ظهور اسم البروف شداد مجدداً كمرشح قوي لرئاسة الاتحاد. ومنذ تلك اللحظة وجدت وسائل إعلامنا المتعطشة دوماً للإثارة بأي ثمن مادة دسمة للتكهنات والحسابات ( المضروبة ) التي عودتنا عليها. ففي صباح نقرأ أن كتلة الغرب أو مجموعة اتحاد الخرطوم المحلي مع شداد، لنفاجأ في اليوم التالي بأن نفس الكتلة أو المجموعة قد تحولت مائة وثمانين درجة واختارت الانحياز لمجموعة معتصم جعفر. هناك من يؤكد فوز مجموعة الفشل التي يسمونها (ب) مجموعة التطوير. ويؤكد هؤلاء أن شداد لن يفوز طالما أن الأغلبية وقفت ضده. ولا ندري فعلاً ما جدوى العملية الانتخابية المحدد لها يوم السابع والعشرين من الشهر الجاري إذا كانت الأمور تحسم هكذا قبل ذلك اليوم! كل ما يكتب محاولات لإثارة الناس وتأمين بيع أكبر نسخ ممكنة من صحفنا الرياضية التي تعاني فيما يبدو من الكساد، لذلك لا يفوت أصحابها أي فرصة كهذه. شخصياً أرى أن شداد يمثل حلاً مقبولاً من الورطة التي نعيشها حالياً مع معتصم ومجموعته. ليس لأن شداد هو فريد زمانه أو أن فتراته الطويلة في اتحاد الكرة شهدت الكثير من الانجازات غير المسبوقة، فكرة القدم السودانية لم تشهد انجازات تذكر منذ عهود طويلة. لكننا نؤيد عودة شداد لأنه على الأقل صاحب شخصية قوية ويملك قراره ورجل عالم في مجال القوانين واللوائح والنظم التي تحكم الكرة. أما تلاميذه الذين غدروا به فقد افتقدوا المصداقية ولم يكونوا يوم أقوياء أو أصحاب قرار. من يرون أن مجموعة معتصم جعفر هي مجموعة تطوير نقول لهم " كان راجين ليكم تطوير من ديل خموا وصروا". فقد خبرنا تطويرهم المزعوم خلال السنوات الماضية ولم نر منهم شيئاً سوى العشوائية.. المجاملات.. التخبط والارتجال في برمجة وتنظيم المسابقات والمباريات. في عهدهم تم منح حقوق البث لنقل مباريات الدوري الممتاز لقنوات لا تملك القدرة على النقل التلفزيوني الجيد في وجود أخرى أفضل من ناحية الإمكانيات والأجهزة والتقنيات. معتصم ومجدي وأسامة عملوا مع شداد على مدى سنوات طويلة ويفترض أنهم خبروا كل شيء. ولو أن لديهم ما يمكن تقديمه لرأينا بدايتهم الجادة منذ أول يوم تولى فيه معتصم منصب الرئاسة بعد تلك المؤامرة القبيحة على معلمهم. لكننا للأسف لم نر منهم شيئاً سوى الإذعان لأطراف بعينها وغض الطرف عن أخطاء النافذين والخضوع التام للمؤتمر الوطني الذي ينتمي له بعضهم حتى ولو من باب " تمشية الأمور". من يُسمون (ب) مجموعة التطوير هم من أفقدوا المنتخب ثلاث نقاط غالية بسبب خطأ إداري شنيع وغير مقبول إطلاقاً. فقدان نقاط مباراة زامبيا خطأ تستقيل بعده مجالس الإدارات التي تحترم نفسها. لكن المعلوم أنه في سودان اليوم ليس لدينا مؤسسات تحترم نفسها، ولذلك لم يفكر معتصم وشلته مجرد التفكير في أمر الاستقالة. هؤلاء لم يقدموا للسودان شيئاً كما يرى البعض، وكل ما في الأمر أنهم لمعوا ذواتهم ولبسوا البدلات الفاخرة وتولوا مناصب عبر علاقاتهم العامة ، بينما لم يجن السودان شيئاً من كل ذلك. فما معنى أن يكون مجدي على رأس لجنة الحكام في الكاف، طالما أن التحكيم في السودان يعاني الأمرين، وطالما أن أنديتنا ومنتخباتنا تتأذي حتى يومنا هذا من الحكام الأفارقة! وما الذي يجنيه السودان عندما يرتدي مجدي بدلة فاخرة ويجلس على المقصورة بجوار حياتو وبقية مسئولي الكاف لمتابعة نهائيات أمم أفريقيا ومنتخب بلده قد خرج بسبب خطأ إداري فادح! إحدى مشكلاتنا في السودان التي لا أستثني منها الدكتور شداد نفسه هي السعي وراء الأمجاد الشخصية ولو على حساب قضايا الوطن. جلنا يهمهم أن يقال عنهم أن فلاناً فعل كذا أو حقق كذا. من ينزه شداد عن الأخطاء والنقائص لابد أنه يخطئ خطأً كبيراً. فالبروف كسائر البشر له مشاكله، لكنك دائماً تحترم الشخص الذي يفرض إرادة مؤسسته على المتسلطين سواء اتفقت أو اختلفت معه. أما مجموعة ( التطوير) ففي زمنهم لم نعد نشعر بأي هيبة لاتحاد الكرة. من أجل عيون إداري في هذا النادي أو ذاك يمكن أن تتغير أمور كثيرة. ولسواد عيون الوزير أو الرئيس يمكن أن يُغض الطرف عن أشياء شتى. كل هذا يحدث في زمن معتصم وشلته. لكن يستحيل مجرد التفكير في هكذا أمور عندما يكون شداد على رأس الاتحاد. فمن منهم بالله الأجدر ومن منهم الأكثر إذعاناً للحزب الحاكم؟! لا اختلف مع من يرون أن دكتور شداد وقع في أخطاء أيضاً خلال سنوات رئاسته لاتحاد الكرة الطويلة، لكنها لا ترقى لما يقع فيه معتصم ورفاقه كل يوم. الخيار الأفضل قطعاً هو أن تكون لدينا قيادات شابة تتعلم من الكبار لتتولى شئون الكرة في البلد. لكن المحزن أن الشباب في سوداننا المكلوم بأبنائه يأتون بأسوا ما لدى الكبار. والدليل على ذلك المجموعة الحالية التي تدير اتحاد الكرة والمسماة خطأً بمجموعة التطوير. هؤلاء بدلاً من أن يأخذوا من شداد قوة الفكرة والإصرار عليها والقدرة على الصدام ومواجهة السلطة اختاروا أن أن يكونوا مجرد أدوات تحركهم هذه السلطة. وما دمنا أمام معلم عنيد بعض الشيء وتلاميذ ضعيفي الشخصية، ولا خيار لنا غير ذلك، فمن الطبيعي أن نفضل المعلم على تلاميذه الذين لم يتعلموا منه شيئاً. تأمُلات كمال الهدي [email protected]