كل مرة تجتمع فيها الجمعية العمومية للأمم المتحدة يرسل السودان ممثل له بكل هدوء،يشارك ويكمل مشاركته ويعود،ولم يكن ممثل السودان في وقت سابق هو الرئيس،فلا أدري لماذا هذه المرة يصر السودان على مشاركة الرئيس في الاجتماعات،النائب الأول موجود والنائب موجود والقصر الجمهوري دافق برجالات الرئيس،إن لم يكف وزير الخارجية وحده..قبيل اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وصل المبعوث الأميركي الخاص للسودان وسط استقبال بارد وفوق العادة،حتى وزير الخارجية لم يستقبله بل غادر إلى بروكسل في ذات اليوم بعد أن ألقى تصريحات ساخنة لا تقوم مقام الديبلوماسية،ووصلت مرحلة التهديد بعدم التعاون معه،وقبل ذلك كان وزير الخارجية قد طلب من الولاياتالمتحدة أن تدع السودان وشأنه،رغم كل ما يحدث،دونالد بوث ليس هو أول مبعوث أو وسيط،إن كان بخصوص العلاقات مع جوبا جملة أو بخصوص أبيي أو بخصوص التطبيع الذي تحلم به الخرطوم كل يوم،النفور الذي قابلت به الحكومة السودان مبعوث أوباما له ما وراءه،والخرطوم على مدى سنوات لم ترفض أي تدخل أجنبي إلا في خطاباتها الجماهيرية أمام البسطاء،والذي يحدث الآن ليس فقط هو مجرد استياء الخرطوم من طول انتظار الجزرة الأميركية. أبيي وحسب تصريحات مسؤولين بجنوب السودان توصلت الخرطوموجوبا لاتفاق خاص بالمنطقة وهو غير معلن عنه حتى الآن،إلا أن التصريحات تقول ذلك بل أن نائب سفير جنوب السودان بالخرطوم تحدث "للشروق" عن عدم الحاجة لتدخل دولي أو وسيط بشأن أبيي في إشارة إلى أن الرئيسين البشير وسلفاكير حسما الملف. الخرطوم تريد أن تمارس الضغط على واشنطن كنوع جديد من سياسة الكتف بالكتف،والخرطوم تعلم تماماً صعوبة أن يسافر الرئيس السوداني للمشاركة ومدى الإحراج الذي ستقع فيه،رغم حق الرئيس الكامل في المشاركة باعتباره يرأس دولة هي بالأصل عضو بالأمم المتحدة،لكن الحق له تبعاته،تأشيرة الرئيس التي فيما يبدو ستدخل البلدين في أزمة جديدة أُستخدمت ككرت ضغط،فيما يتعلق بمهمة المبعوث التي هددت الخرطوم بعدم التعاون معه،لا أدري "كرت التأشيرة" فكرة من هذه بالدولة ليضغط بها،لكن معنى ذلك أن التحدي في الحصول على التأشيرة رهين بما ستتوصل إليه الخرطوم حول مهمة المبعوث التي هي مجبرة للتعاون معه،والمبعوث يركز على أبيي كقضية أولى ومهم حسمه بأسرع وقت حتى لا تعود الخرطوموجوبا للمربع الأول،والخرطوموجوبا اتفقتا بخصوص أبيي لكن الاتفاق لم يعلن بعد..سياسة جديدة يبدو أن الخرطوم تنتهجها مع واشنطن،بعد طول انتظار لجزرة لم يتم قطافها رغم استحقاقها بانفصال جنوب السودان،ولحكومة الخرطوم حق كامل في أن تمنحها واشنطن كل شروطها،كونها حققت دولتين في وطن واحد،لكن الواقع أن هذا الوضع قد قبلت به الخرطوم وباركته،هي تدفع دون مقابل،ولا جديد في الأمر. شمائل النور [email protected] الجريدة