بسم الله الرحمن الرحيم قد يتبادر للقارئ سؤال موضوعي وهو لماذا الاهتمام الكبير بقضية أبيي في المرحلة الحالية؟ التي شغلت الرأي العام المسيري من جهة والرأي السوداني من جهة أخرى، رغم أن هذا الشأن هو شأن نظام الإنقاذ الذي أدخل مشكلة أبيي في المفاوضات عنوةً في 2004م ضمن سيناريوهات السلام التي شملتها إتفاقية السلام الشامل 2005م، إن السؤال الذي يطرح من قبل القارئ يجيب على عدة تساؤلات مطروحة على الساحة السياسية السودانية والدولية من الناحية القانونية لماذا قبل المفاوضين ببرتوكول أبيي وبرتوكولي جنوب كردفان والنيل الأزرق وتقرير مصير الجنوب في استفتاء أدى بالنتيجة النهائية إلى فصل الجنوب عن الشمال؟ وهم يعلمون إن هذه القضية هي قضية داخلية لا تقبل المساومات السياسية والعسكرية والمراهنات الاقتصادية بحجة السلام بأي حال من الأحوال لأن مثل قضية أبيي يمكن أن تدخل المجتمعات في صراعات جانبية لن تنتهي وسيكون الخاسر في هذا الصراع ليس الذين قبلوا بالبرتوكول أو الذين وقعوا عليه وإنما المجتمعات التي تجد نفسها مجبرة على ذلك . مثلما كان من الضروري أن تقبل حكومة الخرطوم بنتائج انتخابات جنوب كردفان وتجنب الحرب والمضي في المشورة الشعبية لتحقيق السلام الدائم في السودان لأن الفرق بين مرشح الحركة الشعبية شمال وبين مرشح المؤتمر الوطني ليس كبيراً ولا يستدعى الحرب . وإذا حسبنا المسألة من الناحية الجغرافية نجد أن أبيي قُدمت مهراً للسلام دون التفكير في مصير الذين قطنوا هذه البقعة منذ آلاف السنيين سواء كانوا هم المسيرية أو دينكا نقوك، لأن في تلك الظروف أعميت الأبصار بنشوة السلام من قبل الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني و أكتفوا بما يحققه السلام من مقتنيات مستقبلا تنعكس إيجابا على الوطن والشعب بالخير والرفاهية كما يتوقعون ولم يدركوا المخاطر الناجمة عن هذا التصرف وإنعكاسه وأثره السلبي على الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية والعسكرية في الحاضر والمستقبل وربما يتطور هذا التفكير في تفسير أي من الأطراف لما يحلوا له في فهم الاتفاقية أي اتفاقية السلام الشامل وبالتالي وقعت المغالطات في تفسير النصوص وهذا ما حصل بالطبع إذاً الاهتمام بقضية أبيي في هذه الظروف الحرجة المقصود منه تمليك الرأي العام السوداني والمسيرية بشكل خاص والرأي العام الدولي تواطأ نظام الإنقاذ في هذه القضية التي بدأت تبشر بحرب لا تبقي ولا تزر على أي حال ينبغي عدم تورط المسيرية في حرب مع القوات الأممية المتواجدة في أبيي . التي جاءت إلى المنطقة بموافقة نظام الإنقاذ ولم تأت هذه القوات الأممية رغم أنف الإنقاذ وإنما باتفاق وقع في أديس أبابا يوم 20/6/2011م عقب اندلاع الحرب في أبيي 19- و20/5/2011م ويجب عدم تكرار هذه التجربة مرة أخرى . إذ وردت معلومات غير مؤكدة بأن حكومة الإنقاذ هددت الوسيط الأفريقي الذي أعلن زيارته إلى منطقة أبيي يوم 26 والاجتماع مع دينكا نقوك في مدينة النت جنوب أبيي ويوم 27/10/2013م للاجتماع مع المسيرية في منطقة دفرة شمال أبيي ، هذا التهديد للوسيط الأفريقي بعدم سلامة الوفد إذا صدق يفسر إن هنالك مخاطر على الأرض ستجري وتزهق فيها أرواح المسيرية ، لكن الإنقاذ لم تحسب أن هذا التهديد يمكن أن يغير موازين القوة لمصلحة طرف جوبا وكذلك ينذر بتوتر العلاقات بين الخرطوم والاتحاد الأفريقي وربما المجتمع الدولي أيضا في كلا الحالتين ستشهد العلاقة بين الدولتين توتر كبير رغم زيارة البشير لجوبا يوم 22/10/2013م وما خرجت به من قرارات ينبغي أن تنفذ على الأرض إذن البيان المشترك وما ورد فيه من اتفاق الطرفين سيموت كما ماتت الاتفاقيات السابقة ونعود لمربع الحرب سواء كانت إعلامية أو عسكرية أو شكاوي لمجلس الأمن الدولي أو الخضوع للوسطاء الأفارقة دون شروط . نأمل أن لا تصل الأمور إلى مستوى الصراع العسكري الذي يؤدي بالنتيجة الحتمية إلى قبول الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي لنتائج الاستفتاء الحالي وبالتالي تخسر المسيرية المعركة نهائياً إلى الأبد ، رغم أن المجتمع الأفريقي أو الدولي أبدي اعتراض على خطوة نقوك وعدم موافقته على ما يجري في الأرض . إذا لم تتعقل المسيرية وتفكر ملياً بأن ما يدور هو صراع الكبار وليس للقبيلة شأن به ، حيث الظروف الاقتصادية التي يعيشها نظام الإنقاذ ربما تدفعه بدفع بعض عناصر من أبناء المسيرية لخلق بلبلة لإيقاف الاستفتاء دون قراءة للواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمتغيرات الدولية سواء على مستوى السودان أو على مستوى القارة الأفريقية حيث أن ظروف النزاعات في القارة الأفريقية لا تنفصل عن الصراعات الدولية سواء كانت اقتصادية أو عسكرية والدليل على ذلك التهديدات العسكرية المتوقعة بضرب سوريا كما حدث في بغداد وليبيا أو الصراع بين الدول الأوربية وإيران أو حتى إيران والدول الخليجية كل هذه الأوضاع الدولية لا تبشر بانفراج . يجب ألا تكون المسيرية طرف في تهديد وفد الاتحاد الأفريقي أو القيام بمغامرة ظرفية لتغيير الخارطة المعكوسة أصلا . حسين الحاج بكار 26/10/2013م [email protected]