كنت أذهب في عطلة نهاية الأسبوع عندما كنت طالبا بكلية غردون لزيارة الشيخ المكاشفي في الشكينيبة قرب المناقل. كانت تربطني به صداقة ومحبة عميقة لأبعد الحدود. كنت أجلس دائما بجانبه فيأتي الزوار بلا انقطاع. ففي بعض المرّات ينصحهم ويرشدهم ويفسر القرآن ويفقههم في أمور الدين بإعطائهم دروسا في الفقه والحديث. ذات يوم وأنا جالس أمامه وكنت في حوجة ماسة لقرش ونصف أشتري بها علبة سجائر. وكانت أمامة علبة من الصفيح تعج بعشرات الريالات يضع بها الزوار من النقود حتي تمتلئ عن بكرة أبيها. فكرت بيني وبين نفسي: هل أسأل الشيخ المكاشفي ليعطني القرش ونصف بيد أني حيائي وعفتي منعتني أن أساله. فخطرت لي فكرة أن أكلّم الخليفة الظريف ليخبر الشيخ المكاشفي بالأمر. كل ذلك سرى بيني وبين نفسي. وفجأة دخل عليه ابنه موسى يتألم قائلا: يا أبوي راسي بوجعني. فعزم عليه وقرأ له ما تيسر من آي القرآن. فعندما انتهى من الرقية عليه أعطى موسي أبيه قرش ونصف. الشيخ المكاشفي أخذهم من موسي وأعطاهم لي! +++++ الفكي الشيخ وألفيّة اليَسُر ++++ ذات يوم كان الفكي الشيخ في طريق السفر ومعه الألفيّة يَسُر ومخلايته؛ وفي أثناء السير افتقد المخلاية. فأمر الفكي الشيخ أحد حيرانه يدعى مولاو أن يرجع ويبحث عنها. ولما انسحب مولاو من الركب ورجع يتقصّى أثر المخلاية وجدها تتوسط أعشابا كثيفة ورقد في طويتها ثعبان أب درق (كوبرا) مطوي تربّع بداخلها دون اكتراث. حملها وعاد إلى حيث ينتظره الفكي الشيخ وبقية الحيران. حينما لحق بالركب وقد جحظت عينيه من وطأة ما رأى، سأله الفكي الشيخ: أه يا مولاو لقيت فيها شنو؟ أجابه مولاو: والله يا سيدي لقيت فيها دبيب أب درق قدر ده (مشيرا بيديه على الطول)، ولمن أجي ماشي عليها يقيف على طولو وراسو واسنانو يضربن!! قلت ليهو أنا أرسلّني الفكي الشيخ ودي ألفيتو، قال لي "أمشي جيب المخلاية". والله يا سيدي من ما قلت ليهو كدي، بس الدبيب أل أل أل أل نزل وغرّب. (صحيفة الخرطوم) [email protected]