يعتبر الاطفال طلائع اى امة و صناع مجدها و هم الركيزة التى يتكى عليها المجتمع فى سبيل نهضته و تطوره. فالطفل هو رجل الغد و رمز المستقبل. لذلك فهو فى حوجة الى الكثير من الاهتمام. فقد جاء فى الديباجة الخاصة للاعلان العالمى لحقوق الطفل (ان الطفل يحتاج و بسسب عدم نضجه الجسمى و العقلى الى حماية و عناية خاصة و خصوصا الى حماية قانونية سواء قبل مولده او بعده). لذا فحقوق الطفل من اوائل الاشياء التى ينبغى ان يتبادر على افكار المشرعيين و المدافعين عن حقوق الانسان، من اجل تمكين الاطفال من ان ينعموا بطفولة سعيدة . لقد التفت العالم المتمدن و منذ وقت مبكر الى خلق الوسائل من اجل حماية الطفل ، فسعى الى وضع مجموعة من الاتفاقيات و التى تستند الى انظمة قانونية و تقاليد ثقافية متنوعة تشكل مجموعة من المعايير و الالتزامات المتفق عليها و الغير خاضعة للتفاوض (هذه المعايير يطلق عليها غالبا حقوق الانسان). ففى الدورة 14 و بتاريخ 20/نوفمبر/1989م صدر اعلان حقوق الطفل و الذى اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة بالرقم 1286 و قد دعا الاعلان الاباء و الامهات الرجال و النساء ، كل بمفرده. و المنظات الطوعية و السلطات المحلية و الحكومات القومية ، دعتهم الى الاعتراف بحقوق الطفل و السعى من اجل ضمان مراعاتها بتدابير تشريعية و غير تشريعية تتخذ تدريجيا وفق مبادى الاعلان العشرة و التى تهدف الى تمكين الطفل من ان يتمتع بطفولة سعيدة ينعم فيها لخيره و خير المجتمع بالحقوق المقررة فى الاعلان. فى 1989م اقر زعماء العالم بحاجة اطفال العالم الى اتفاقية خاصة بهم . حيث اجيزت اول اتفاقية دولية ملزمة قانونا للتاكيد على حقوق الانسان لجميع الاطفال و قد اعتبرت(بحق)منعطفا هاما و معلما رئيسيا و تاريخيا فى الجهود المبذولة لتحقيق عالم صالح بالاطفال . و قد عرضت الاتفاقية للتوقيع و التصديق و الانضمام بوجب قرار الاممالمتحدة بالرقم 25/44 بتاريخ20/نوفمبر/1989م .و الذى بداء فى النفاذ فى 2/سبتمبر/1990م وفقا للمادة 49. و من اهم الملامح فى هذه الاتفاقية ،هو الاعتراف بالاسرة باعتبارها الوحدة الاساسية للمجتمع و البيئة الطبيعية لنمو و رفاهية جميع افرادها و بخاصة الاطفال. و اقرت الاتفاقية ايضا ، بان الطفل و كى تترعرع شخصيته ترعرعا كاملا و متناسقا ينبغى ان ان ينشأ فى بيئة عائلية و فى جو من المحبة و السلام و التفاهم. و قد استخدمت اتفاقية حقوق الطفل فى جميع انحاء العالم كاداءة لتعزيز و حماية حقوق الاطفال. وثيقة اخرى خاطبت مسالة حماية حقوق الطفل و هو عقد حقوق الطفل فى الاسلام . و الذى صادق عليه المؤتمر الاسلامى الثانى لوزراء الخارجية و الذى انعقد بصنعاء فى الفترة من 28 الى 30 يونيو 2005م . و الذى جاء فى ديباجته (ان المؤتمر و وعيا منه بجسامة المسئولية تجاه الطفل على وجه الخصوص ، اذ هو طليعة مستقبل الامة و صانع غدها و سعيا لتطوير الاداء الاسلامى فى قطاع الطفولة بغية ملامْة الاطر و الاليات لمواجهة حجم التغييرات المتسارعة فى هذا القطاع (الاطفال). و من المواثيق العالمية الاخرى و التى خاطبت حقوق الطفل ، الاعلان العالمى لحقوق الانسان و العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية و السياسية لاسيما المادتين 23 و 24 . و العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية لاسيما المادة 10 منه . و هناك النظم الاساسية و الصكوك ذات الصلة للوكالات المتخصصة و المنظمات الدولية المعنية بخير الطفل . اضافة الى الاحكام والمبادى الاجتماعية المتعلقة بحماية الاطفال و رعايتهم و قواعد الاممالمتحدة النموذجية لادارة قضاء الاحداث (قواعد بكين) . و الاعلان بشان النساء و الاطفال اثناء الطوارى و النزاعات المسلحة . على الرغم من مصادقة السودان على على ميثاق الطفل فى العام 1995م و الذى يضمن للاطفال حقوقهم و تعزيز ذلك الالتزام بالموافقة على قانون الطفل لسنة 2010م بالرغم من ذلك الا ان التحديات التى تواجه الاطفال ما تزال ماثلة . فظاهرة عمل الاطفال فى سن مبكرة و التسرب من المدارس ،و التعرض لظاهرة العنف و الاساءة فى المعاملة و الاستغلال سواء من الاهل او المجتمع. و تزداد معاناة الطفل بشكل كبير عندما يكون مصابا باعاقة او عاهة عقلية او بدنية . كل ذلك نتيجة لاتباع سياسات غير رشيدة فيما يتعلق بالطفولة و تجاهل الدولة التام للبعدين الاقتصادى و الاجتماعى . و الى غياب الاجراءات القانونية لمكافحة تلك الظواهرز اضافة الى عدم تفعيل و مراقبة القوانين القائمة وفق الاتفاقيات الدولية الحامية لحقوق الاطفال . مع الوضع فى الاعتبار ان الاطفال يشكلون رقما معتبرا فى السودان . فعلى حسب نتائج التعداد السكانى الاخير فهناك 18,5% مليون شخص دون السادسة عشر . و 9 ملايين شخص دون الخامسة بنسبة اجمالية تصل الى 15% اى ان الاطفال يمثلون الجزء الاكبر من السكان . و مع ذلك فان الجهود المبذولة لا تتناسب اطلاقا مع تلك النسبة و لا لاهمية الشريحة فى حد ذاتها باعتبارها عامل من عوامل النهضة المستقبلية. ففى مجال التعليم على سبيل المثال نجد ان هناك تقصيرا كبيرا و عدم ادراك بضرورة تعليم الاطفال . فعلى حسب مخرجات مؤتمر واقع التعليم العام فى السودان و تحديات الاصلاح فان ما نسبته 28,3% من الفئة العمرية من 6 الى 13 هى بدون تعليم حقيقة . و ذلك بنسب متفاوتة بين الولايات ، اضافة للتفاوت الكبير فى عدم اتاحة فرص تعليم متساوية بين الجنسين خصوصا فى المناطق خارج العاصمة الخرطوم. ايضا هناك نسبة كبيرة من الاطفال و كنتيجة طبيعية للحروب المستمرة و النزاعات المسلحة قد تاثرت بشكل بالغ خصوصا فى مجال تعليم وفقدانهم السبل التى تعمل على اكسابهم المهارات الاساسية لتعينهم فى قادمات الايام ، اضافة للاثار النفسية نتيجة لردات فعل الصدمات التى تعرضوا لها اثناء الحرب . و من ناحية اخرى فقد حذرت اليونسيف فى الكثير من تقاريرها من تفاقم ظاهرة اطفال الشوارع و التى تصاعدت بشكل سريع بسبب الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية ، حيث ان معظم هولاء الاطفال يتعرضون لمعاملة سيئة ومعظمهم يقبل على ادمان المخدرات و ارتكاب الجنح .لقد فشلت الحكومة و شركائها فى مؤسسات المجتمع المدنى العاملة فى مجال الطفولة، على الايفاء بالتزامها بتحقيق الالفية الانمائية و التى وقعت منذ العام 2000م و التى تم التواثق فيها على خلق واقع جدير بالاطفال خالى من الفقر و الجوع ، بجانب العمل على اتاحة تعليم ابتدائى للجميع و وقف نزيف وفيات الاطفال و تحقيق المساواة بين الجنسين و تحسين صحة الامهات و وقف انتشار الايدز. خلاصة القول . على الحكومة ان تعى بان حماية الطفل لا تقتصر فقط على سن التشريعات (بالرغم من اهميتها) او الانضمام و المصادقة على اتفاقيات و مواثيق الاممالمتحدة المتعلقة بالطفل و الطفولة . فلابد من الاضطلاع بادوار فعلية من اجل تغيير واقع الطفل البائس فى البلاد . و ذلك بضرورة نشر الوعى و الفهم لمبادى اتفاقية حقوق الطفل و برتوكولاتها الاختيارية . و اجراء و توثيق المبادرات الحكومية و العمل على اشراك المجتمعات فى تعزيز و حماية حقوق الطفل . ايضا ضرورة مؤامة التشريعات الحالية و الجديدة و الممارسات القضائية مع الالتزامات الدولية و رصد الموازنات و اشراك المجتمع بمافيهم الاطفال فى القرارات ذات الصلة . و على الدولة ان تلعب دورا محوريا فى مسالة تعليم الاطفال فقد نص كل من المبداء السابع، الثامن و التاسع من اعلان حقوق الطفل. على ان للطفل حق تلقى التعليم و تمكينه على اساس تكافؤ الفرص من تنمية ملكاته و شعوره بالمسئولية الادبية و الاجتماعية و من ان يصبح عضوا مفيدا فى المجتمع ويجب ان تكون مصلحة الطفل العليا هو المبداء الذى يسترشد به المسئولين عن تعليم و توجيه الطفل. كل ذلك مع التركيز على المناطق التى تشهد نزاعات مسلحة، و ذلك من خلال العمل على التنسيق مع الجهات ذات الصلة فى سبيل تمتع الاطفال بالحق فى التعليم . فكما جاء فى اتفاقية جنيف الرابعة بانه يتعين على اطراف النزاع ضمان عملية تعليم الاطفال تحت اى ظرف كان ، فالتعليم عامل اساسى فى التمكين من ان يعيش الاطفال حياة طبيعية . و يندرج فى ذلك تعليم الاطفال فى المناطق التى نزحوا اليها ، فبموجب المبادى الارشادية حول النزوح حثت المادة 23/1 على ضرورة تسهيل الخدمات التعليمية التى يتعين ان تكون متوافرة للنازحين فور اتاحة الظروف لذلك . بجانب ايلاء مزيد من الاهتمام للرعاية النفسية للاطفال لاحتواء ردات فعل الصدمات على الاطفال اثناء الحرب. كما ينبغى على المشتغلين فى مؤسسات المجتمع المدنى و المدافعين عن حقوق الانسان ادراك حقيقة المفهوم الشامل لحقوق الاانسان و انه عبارة عن حزمة متكاملة ، لذا فمن الضرورى بمكان تجنب الوقوع فى فخ التركيز على حق و اغفال اخر، فلابد من بعض الاهتمام بحقوق الطفل، لما يشكله الطفل من اهمية .فعلى مؤسسات المجتمع المدنى العمل على نشر الوعى و الفهم لمبادى حقوق الطفل بين اوساط الاطفال و تشجيع التثقيف لحقوق الانسان و المبادرة بانشاء منابر للاطفال ليتمكنوا من خلاله المشاركة فى المجتمع. ان الاوان ان يدرك الجميع بانه لابد من عمل المزيد لخلق واقع جدير بالاطفال ، واقع يكون الطفل فيه هو المحور الرئيس و غاية كل الغايات. انا الطفل رمز الامل .. انا برعم الامنيات .. تبسم مثل القبل .. ازهرت الطفولة فى روضنا البديع .. ورودها الجميلة كبسمة الربيع .. ايقظت البطولة فى الحمل الوديع .. موعدنا مع الرجولة فى غدنا السريع .. نحن عصافير المنى فى واحة الرجاء .. نحن تباشير السنا و الحب و الهنا .. نرعى عهود اهلنا فطبعنا الوفاء .. مستقبل الدنيا لنا و الحظ ماشاء .. لا نعرف الامس و لا ماضيا من الزمان .. نسابق الايام لا نرضى بفعل كان . [email protected]