ماهية الفكر: الفكر عبارة عن عملية ذهنية تستخدم الترميز اللغوى لبناء عالم موازي للواقع والتاريخ داخل رؤية كلية محددة. فهي اذا عملية فلسفية توضح موقع المراة مثلا داخل الكل الذي يستوعب معني الحياة والاله وغيره، وقد سعت الفلسفة الغربية والعربية الى اعطاء اجابات لذلك السؤال الذي يبدا بمن هي المراة وما هو حدود فعلها الذهني والمادي، وقد كانت اجابة الفلسفة الغربية تتمثل في ان لا اختلاف ذهني بين المراة والرجل ولكن اختلاف فيسيولوجي لا يؤثر على الفعل الذهني او المادي للمراة، ولذلك كانت مناداة تلك الفلسفة بالمساواة الكاملة بين المراة والرجل. اما الفكر العربي ورغم انه لا يقول بانه فكر ولكن هو عبارة عن رؤية الاله للمراة، نجد داخل ذلك الفكر ان علاقة المراة والرجل هي علاقة جزء ناقص باخر كامل فهي اذا علاقة ترتيب قيمي تمنح الافضلية للرجل وتقول بالتالي ان ما يفعله الرجل لا تستطيع ان تفعله المراة. الاختلاف بين المراة والرجل تاريخيا: تاريخيا نجد الاختلاف بين المراة والرجل واضحا في التحولات الكبرى التي تعني اعادة استيعاب المجتمع لذاته بين مجتمع عشائري الى مجتمع قبلي الى مجتمع ثقافي، ولذلك نجد ان تاريخيا ان كل الرسالات الالهية التي كانت تعني باعادة استيعاب المجتمعات لذاتها قد جاءت من خلال رسل (رجال) ولم تاتي رسالة واحدة من خلال امراة، وكذلك الاكتشافات الكبرى اذا كانت المادية في الثقافة الغربية او الفكرية في الثقافة العربية هم من الرجال. وهذا يقودنا الى ان التاريخ يناقض ما تذهب اليه الثقافة الغربية بان لا وجود لاختلاف ذهني بين المراة والرجل، اما الفكر العربي فيقول بقصور المراة المادي والذهني على الاطلاق وهذا ايضا يمكن اثبات عدم صحته من المشاهدات المباشرة دون الحاجة الى العودة الى التاريخ. المراة وفلسفة التحولات الاجتماعية: تنظر فلسفة التحولات الاجتماعية الى وعي المراة الذي هو المحرك لفعلها، فالمراة ليست اقل او اعلي او مساوية للرجل ولكنها مختلفة تماما عن الرجل. فلكل مجاله الذي يمتاز فيه وكذلك هنالك مناطق مشتركة للفعل والوعي مع اختلاف نظرة الوعي والقيمة لذلك الفعل او الفكر. فاذا كان وعي الرجل يمتاز بالتركيب الثنائي الذي يقوده الى العلاقات الكلية للجزئيات مع بعضها البعض، فان وعي المراة يمتاز بالتركيب الاحادي الذي يستطيع التدقيق في الجزء ورؤيته بعيدا عن الكلية. المراة بين الانوثة والانسانية: ان الازمة الحقيقية التي تقعد بالمراة هي نظرة الفكر الغربي والعربي لانوثتها كمصدر للاختلاف، اذا كان اختلاف فيسيولوجي كما يقول الفكر الغربي او اساس قصورها عن الرجل هو انوثتها كما يقول الفكر العربي، ولذلك حوصرت المراة داخل الانوثة ما بين اظهار للجسد كحق اختلافي وبين اخفاء للجسد كعورة. مع اننا نجد ان صفات الانوثة والذكورة ليست صفات حصرية على الانسان بل ان الانسان يشترك مع الحيوان وتحديدا الثديات في اغلب صفات الانوثة والذكورة التشريحية. فالاختلاف اذا يكمن في الوعي الانساني المحرك لتلك الصفات اي انسانية الذكر والانثي، فترك الفكر الغربي والعربي المصدر الاساسي للاختلاف ولجاء الى الصفات واصبحت الانوثة مصدر الهاء عن انسانية الانثي. وللاسف استطاع العقل الذكورى في الثقافة الغربية والعربية الهاء المراة عن دورها الحقيقي في الحياة كانسانة واصبحت معتقلة داخل مفهوم الانوثة. فعلي المراة ان تدرك ان الاختلاف يكمن في انسانيتها ووعيها وليس في اظهار او اخفاء صفات الانوثة الذي شغل به العقل الذكورى الانثي كثيرا. الوعي كمحرك لفعل المراة: قبل ان نذهب يجب ان نفرق بين الفكر والوعي، فالفكر كما ذكرنا (الفكر عبارة عن عملية ذهنية تستخدم الترميز اللغوى لبناء عالم موازي للواقع والتاريخ داخل رؤية كلية محددة)، ولان تلك المحاولات اذا كانت في الثقافة الغربية او العربية انشغلت بالاني على حساب التاريخ لذلك انتجت رؤية كلية قاصرة عن استيعاب الوعي اللحظي الذي هو عبارة عن نتاج لتحولات تاريخية لازالت تساهم في الفعل اللحظي بصورة ما. اما الوعي الذي هو محرك للفعل الذهني او الفعل المادي للمراة او الرجل فيقوم بانتاج الفعل اولا ثم بعد ذلك يذهب العقل الى تفسير ذلك الفعل وعلاقته بالكلي او الجزئي. ولان عقل المراة يمتاز بالتركيب الاحادي لذلك نجده حتى عند اعادة تمثيل الفعل ذهنيا لا يذهب ابعد من رسم ذلك الفعل بكل ابعاده فقط ولا يذهب الى علاقة الفعل بالكلية. فلسفة التحولات الاجتماعية والرسالات الالهية: تنظر فلسفة التحولات الاجتماعية للرسالات الالهية كرسالات ارشادية جاءت لفائدة الانسانية حتى تساهم في استيعاب معني ومغزى الانسانية، فالمحددات التي نجدها داخل الرسالات الالهية هي عبارة عن محددات اجتماعية تاريخية تم استيعابها من اجل التوضيح، فهي قيم انسانية او مفاهيم انسانية وليست قيم الهية او مفاهيم الهية فالاله في فلسفة التحولات الاجتماعية يتعالي على القيم والمفاهيم الانسانية. وقد حاولت الرسالة الالهية ان ترشد المراة حتى لا تعتقل ذاتها داخل مفهوم الانوثة الذي حددها لها العقل الذكورى فهي انسانة لها دور في الحياة الانسانية يجب ان تقوم به وان لا تكون انثي فقط، اما قيم اللبس او الاكل وغيره هي قيم تحددها المجتمعات اي قيم تخضع للتحولات الاجتماعية بعيدا عن مفهوم الحد الالهي. ففي داخل الرسالة هنالك تناول تاريخي للحظة الرسالة اوجبه سؤال المستمر من جانب اصحاب الرسول للرسول كمرجع الهي، فتم ارشادهم الى ما هو معلوم من الممارسات المجتمعية في تلك اللحظة وترك الباقي للتحولات الاجتماعية وللوعي النخبوي. [email protected]