بسم الله الرحمن الرحيم بتاريخ 27/1/2014م كان كل الشعب السوداني يترقب المفاجئة التي نوهت لها عناصر من المؤتمر الوطني ورئيس البرلمان ووسائل الإعلام ومن قبلها ما تطرق له كارتر رئيس البيت الأبيض الأمريكي السابق في المؤتمر الصحفي بعد لقائة برأس نظام الإنقاذ إلا أن المفاجئة التي نوه لها كارتر دفعت بتكهنات كثيرة وأغلب هذه التكهنات أنصبت في حل النظام وتشكيل حكومة انتقالية تتولى مهام المرحلة الانتقالية وإطلاق الحريات والمعتقلين السياسيين وتشكيل لجنة لسياغة الدستور ، ولكن يتفاجئ الشعب بخاطب الوثبة السياسية التي قصمت ظهر البعير ودفعت فيما بعد بالحوار الذي أطلق عليه الحوار الوطني الذي تكالبت عليه أحزاب اليمين وقضت على أهداف الشعب المتمثلة في الانتفاضة الشعبية لإسقاط النظام ، بل أحزاب اليمين تبرأت من دماء شهداء 23/9/2013م وتسابقت نحو ( الكيكة) عسى ولعلي تجد لها موطئ قدم في السلطة الجديدة سواء حققت الديمقراطية أو لم تحققها فإنها بذلك قد تكون حققت مراميها الأساسية منذ عام 2005م وبالتالي تلقي بالسهام الموجهة إلى صدور الشعب بأن ذلك هو الخيار ودون ذلك هو الإثم لم تكتفي بذلك بل تلقي اللوم على أحزاب اليسار والجبهة الثورية بأنها هي السبب في عرقلت الحوار الوطني لأنها تمتلك أجندة خارجية تمنع الحوار . المبادئ العامة : و- ( تمارس الأحزاب أنشطتها حسب شروط تأسيسها كما جاء في قانون الأحزاب السياسية لسنة 2007م المادة ( 14) الموافقة على الاجتماعات العامة والندوات واللقاءات .) إذاً من المستحيل أن توافق الأحزاب أو التنظيمات على تأسسها بقرار كل الأحزاب والتنظيمات نشأة نتيجة لتردي الواقع الاجتماعية في أي دولة من دول العالم بالتالي نشأت هذه الأحزاب وفق ضرورة أقتضها ظروف ذلك الواقع الاجتماعي والسياسي وبالتالي شيء طبيعي أن تواجه حظر من النظام الذي يضيق زرعاً من تلك التنظيمات أو الأحزاب التي تنافسه في الساحة لتحقيق الأهداف الجماهيرية المتمثلة في إرساء قواعد الديمقراطية وبسط الحريات الأساسية وتحقيق العدالة الاجتماعية في التنمية أو كافة الخدمات الأساسية ، أو تألب الجماهير ضده ولهذا السبب أي نظام عسكري عندما يفقد تأثيره الجماهيري سوف يلجأ إلى فرض قيود على نشاط تلك الأحزاب ، إما أن يؤسس الحزب بقرار فهذا غير وارد في تاريخ البشرية باستثناء الاتحاد الاشتراكي الذي أسسه نظام مايو 1969م بقرار وبعد سقوط مايو في 1985م سقط الاتحاد الاشتراكي وأيضا المؤتمر الوطني الذي نبت بعد مفاصلة الإسلاميين 1999م هذا الحزب الذي تأسس على كنف نظام الإنقاذ يمكن أن نطلق عليه تأسس بقرار أما بقية الأحزاب السودانية وحتى في ظل الاستعمار البريطاني لم تأسس بقرار من الاستعمار وإنما تأسست نسبة لحوجة الوطن لها . حيث أن لا في الوطن العربي أو الأوربي لم نعلم بأن هناك حزب تأسس بقرار فالمادة (14 ) لا تعبر إلا عن رغبة نظام الإنقاذ وحزبها المؤتمر الوطني وأي حزب يخضع لهذه المادة (14) عليه أن يراجع دستوره ونظامه الداخلي لكي يكون جزء من المؤتمر الوطني الوثبة والحرية المنقوصة تجعلنا نقف على مفردات القرار الجمهوري رقم 158 الصادر بتاريخ 14/4/2014م والخاص بتنظيم الأنشطة الحزبية الذي استند إلى أحكام المادة 58 ( 1) من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005م وإذا كانت المادة 58 (1) تمنح الأحزاب حرية العمل السياسي وإقامة الندوات ولقاء الأحزاب بجماهيرها ، والسؤال المطروح على الإنقاذ لماذا تم تعطيل هذه المادة من 2005م إلى 2014م ، وما هو الجديد الآن في المادة 58 لإطلاق الحريات . الفقرة 3 البند (2) ( يجب الحصول على الموافقة من السلطات المختصة قبل وقت كاف لا يقل عن 48 ساعة لغرض التأمين والحماية وتنظيم حرية المرور) . يبدو أن الحرية التي أشار لها القرار 158في تنظيم أنشطة الأحزاب هي حرية ناقصة لأنها ارتبطت بموافقة الجهات المختصة والعلة في الجهات المختصة إذا أرادة أن تمنح هذا الحزب الموافقة وإذا لم تريد فأنها سوف ترفض ذلك مع إيجاد مبررات للرفض وإذا تعمد الحزب إقامة الندوة سوف يتم اعتقال أعضاءه بحجة أنه لم يحصل على موافقة أو بحجة أنه أثار الفتنة ، هذه الحرية المنقوصة لن تعبر بشكل ديمقراطي عن طموحات الشعب ( نص المواكب السلمية ) ( يكون لأي حزب سياسي الحق في تسيير المواكب السلمية . 2- على الرغم من أحكام البند (1) يحب الحصول على الموافقة من السلطات المختصة قبل وقت كاف لا يقل عن 48 ساعة لأغراض التأمين والحماية وتنظيم حركة المرور على أن يتضمن طلب الحصول الموافقة هدف الموكب وزمنه وخط السير ) المهم الخطورة في هذه الفقرة هو التزام الحزب الذي يريد التظاهرة بشكل سلمي أن يتقييد بالزمن وإذا لم يلتزم بذلك من المؤكد سيتم اعتقاله وفق القوانين المقيدة للحريات وتكثر الاتهامات والتبريرات للاعتقال أو قد تلصق به تهمة التخريب . 3- ( يجب أن يقدم الطلب وبواسطة رئيس الحزب السياسي أو من يفوضه ممهوراً بتوقيعه وخاتم الحزب مبينا فيه النشاط وزمانه ومكانه ) طالما الحزب يجب أن يقدم طلب للجهات المختصة مع تحديد أنواع النشاط ويتعب نفسه ، هل هذه حرية وهل هذا الحديث لا يتناقض مع المادة 58 من الدستور طالما هذه المادة تم تقييدها بالبند ( 1) ومن الملاحظ إن الجهات المختصة التي يقدم لها الطلب غير معرفة ألا وهي الشرطة أو جهاز الأمن أو رئيس منسق الأحزاب أم هنالك جهات أخرى . وإذا ما وضعنا في الاعتبار إذا أقام الحزب ندوة بدون الحصول على إذن ماذا نتوقع ؟ . 4- ( تلتزم الأحزاب السياسية بعدم التعرض للممتلكات العامة والخاصة أو الإساءة أو التجريح لأي جهة أو ما يؤدي إلى الانفلات الأمني ) إذا حللنا مضمون الفقرة (4) بشكل موضوعي نجد أن الاعتقال وارد دون شك لأنه إذا تعرض الحزب الذي أقام الندوة بنقد المؤتمر الوطني وبين كل الأخطاء ماذا يحصل غير اعتقال أعضاء ذلك الحزب بينما تجارب الأحزاب السياسية في أكتوبر 1964م ومارس أبريل 1985م هي خير شاهد على حرص الأحزاب وجماهير الشعب على الممتلكات العامة أو ممتلكات الأفراد أو منشآت الدولة في كل تاريخ الثورات أو الانتفاضات الشعبية لم تتعرض هذه الممتلكات للتخريب وفق ما أشارة لها الفقرة (4) إلا إذا كان هناك نية مبيتة من قبل المؤتمر الوطني للتخريب كما حدث 23/9/2013م وإلصاق هذه التهمة بذلك الحزب . إذاً الفقرة (4) تؤكد تقييد الحريات بصورة ناعمة . والملفت للنظر إن هذا القرار لم يتطرق للعنف في الجامعات والذي أصبح ظاهرة خطيرة من قبل عناصر المؤتمر الوطني لتقييد العمل السياسي في الجامعات بل هذا القرار 158 لم يؤكد على حرية القضاء وهي السلطة المعنية بتحقيق العدالة إذا ما لجأ إليها أي حزب متقدم بشكوى ضد ممارسات أعضاء المؤتمر الوطني أو أجهزته الأمنية والسياسية أو الشرطية طالما هذا القرار لم يعطي السلطة القضائية تلقي الشكاوي والفصل فيها حرية لتحقيق العدالة ، فإن غياب الحرية هنا أصبح ماثل للعيان . ( سلطات الولايات )1- (9) ( دون الإخلال بالمبادئ الواردة في هذا القرار الجمهوري يجوز لأي ولاية إصدار ما ينظم النشاط السياسي في حدود الولاية ) المهم هذه هي الطامة الكبرى القرار لم يكن شامل بل ترك الباب مفتوح للولاة. إذا أراد الوالي تقييد النشاط السياسي لأي حزب بحجة الظروف الأمنية لا تسمح بممارسة العمل السياسي أو الإلتقاء بالجماهير له الحق ؟ إذاً الولاة في دار فور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وغرب كردفان يمكن أن لا يسمحوا لتنظيمات الأحزاب السياسية بممارسة العمل السياسي في وسط الشرائح الاجتماعية بحرية كاملة دون أن تلوح في الأفق الظروف الأمنية وتطورات الحرب ، لا أعتقد أن الولاة سوف يسمحوا بذلك وبالتالي تنطلي على الكل أن هنالك حريات مسموح بها للأحزاب في الوقت الذي إن الحريات هنا مشروطة بموقف الحزب من ما يسمى بالحوار الوطني . 2- ( تكون لجنة أمن الولاية برئاسة الوالي هي الجهة محل الاختصاص في متابعة هذا النشاط ) هذه الفقرة (2) أنتابها غموض ما بعده غموض الوالي في أي ولاية رئيس اللجنة الأمنية بالتأكيد لن يسمح لمنظمات الأحزاب التي تكون ضمن ولايته بممارس العمل السياسي لأسباب عدة وأولها : 1- الظروف الأمنية 2- تردي الخدمات في هذه الولايات 3- ظروف تطور الحرب في كل من دار فور والنيل الأزرق إذاً التفلتات الأمنية في غرب كردفان هي واحدة من الموانع الأساسية في تقييد الحريات وبما أن هذه الولاية السبب في التفلتات الأمنية هو انعدام الخدمات الأساسية للمجتمع والمطالبات الكثيرة للولاية والمركز وعدم الاستجابة للمطالب أما ولاية دار فور سوف تصبح تحت رحمة القيود الأمنية بحجة أن الحركات المسلحة لم توقع اتفاق مع النظام أو لأنها لم تستجيب للحوار الوطني هذا ينطبق على ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بحجة أن الحركة الشعبية لا زالت تقود الحرب وأيضا لم توقع اتفاق مع النظام وخاصة في المحادثات الأخيرة في أديس أبابا كل هذه الظروف سوف تمنع ممارسة النشاط السياسي بناءاً على ما جاء في الفقرة (3) ( نص على الرغم من أحكام البند (2) يجب الحصول على الموافقة من السلطة المختصة قبل وقت كاف لا يقل عن 48 ساعة لأغراض التأمين والحماية وتنظيم حركة المرور ) في آخر المطاف إن الولاة سوف يجدون الأعذار الكافية والمبررات القانونية لتحجيم النشاط الحزبي . المهم الأحزاب إذا وافقت على هذا القرار الجمهوري رقم 158 تكون حكمة على نفسها بالفشل الزريع حسين الحاج بكار [email protected]