أعجب واستغرب حّد الدهشة لما آل إليه حالنا وهواننا على أنفسنا وغيرنا. أين هي عزة أنفسنا وإبائها أين ذهبت تلك القيم والصفات التي كُنا نُوصف بها حتى قبل عقدين من الزمان وكُنا نضاهي بها القمم الشواهق ونتباهى بين الشعوب بعدلنا وصدقنا في العمل والأمانة وعفة اليد واللسان وما أدراك ما عفة اليد واللسان. أعجب لبعضنا الآن يدفنون رؤوسهم في الرمال وخطابهم لقبيلة النعام ويسمون الأشياء بغير مسمياتها. وما زالوا يطوفون حول حرم وكر الأفاعي. ولا يجرؤون على الدخول ولا يفسحون لغيرهم. أقول إنهم يغضون الطرف عن أفاعي الداخل كأنما أنيابها تُرضِع أطفال بلادي حليباً صافياً. ما هذا الذي نرىَ أنجلس في آخر الرصيف وقد اصطفت فيه صفوف الأتقياء الأنقياء والعاملين الكادحين ليل نهار العائدين لأبنائهم وذويهم بكيس رغيف حاف. وجسد منهوك معلول. أم طوابير الشباب الباحثين عن عمل يعفون به أنفسهم ويحفظون به كرامتهم ويردون به سهر آبائهم وأمهاتهم. إنهم لا يطلبون إلا القليل. ولم تعرف أقدامهم حروب البنوك وأسواق الأوراق المالية ولافتات الشركات الوهمية والحكومية ولا مضاربات تجارة الدولار ولا سماسرة الأراضي المليارية وتلاعب من في الأسواق بقوتهم ودوائهم وتعليم أبنائهم. ولم يرد ذكرهم أو يمثلوا فيما يسمونه بآليات مكافحة الفساد من شاكلة دائرة الثراء الحرام أو قانون من أين لك هذا. ولا مفوضية مكافحة الفساد. أسألكم بالله هل تحتاج مكافحة الفساد لكل تلك الآليات والمسميات حتى يخرج علينا رئيس لجنة العمل بالبرلمان ويبشرنا بإمكانية التعاون مع لجنة برلمانية متخصصة كما يقول بغرض تطوير آليات مكافحة الفساد. وهو رئيس للجنة العمل داخل برلماننا الموقر. ألا يرون الفساد يمد لسانه وينشر أذرعه ويتطاول حتى يخرق قانون ديوان المراجع العام وتقارير المراجع العام كل عام تنضح بما يزكم الأنوف. ثم ماذا فعلت هذه الآليات والدوائر حتى نسعى لتطويرها.. إن إقرار الذمة تلك الورقة التي تشبه ورقة تعهد سلفا كير بفك الارتباط مع قطاع الشمال يتهرب منها من يتهرب. فقط نأمل فك الارتباط بين تلك الآليات لمكافحة الفساد ومن تطولهم شبهات الفساد وهنا مربط الفرس نسبة لأن من تطولهم شبهات الفساد ينسجون روابط وعلاقات متينة تمكنهم صلاتهم الرحمية وأسماؤهم ذات الرنين العائلي أو الطائفي أو عوائل ذات ثراء أصله مشبوه، وكل ذلك يمكنهم من خلق شبكة علاقات تبدأ من الخارج وتنتهي داخل الموانئ والمطارات وإدارات الجمارك ويتجاوزون كل قوانين البلاد ونقاط التفتيش والمحليات والأسواق حتى عظم المواطن مباشرة تفتته وتسحقه ولا تبالي. وهناك نوع آخر يعتمد على نفس ما سبق تجده في الأراضي السكنية والزراعية وتسهيلات البنوك والرهونات والمعاملات الربوية والاستثمارات ذات الصبغة الاستهلاكية التي لا تصب ولا تضخ في الاقتصاد القومي للبلاد فكل عائداتها وفروقات أسعارها تذهب في جيوب هؤلاء. ونسكت عن كثير في الولايات والذي يبدأ من هنا حيث الرئيس ينوم والطيارة بتقوم. أقول لا بد من آلية واحدة لفك هذا الارتباط وهي (آلية الميدان العام)!! وحينهاسيجد الفساد نفسه في العراء لا أب له ولا أم .. ياسر الجندي [email protected]