أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    إسرائيل تستهدف القدرات العسكرية لإيران بدقة شديدة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما كفرت العرب وكفر معها المسلمون (3)
نشر في الراكوبة يوم 09 - 06 - 2014


ازمتنا مع الاسلام:
التحية لمناضلي التسعينيات:
حقيقة لابد ان ابداء بالتحية لكل شباب التسعينات الذين كانوا يناضلون مكشوفي الظهر، رغم النعوت الكثيرة التي كنا نسمعها من رجال الدين او السلطة الحاكمة من كفار الى خونة وطابور خامس الى صعاليق وغيره، ورغم وجود كل التنظيمات السياسية في ذلك الوقت خارج الوطن مما يعني عدم وجود سند حقيقي، الا ان كل ذلك لم يوهن من عزيمتنا، فقد كان ايماننا بوطن يسع الجميع اكبر من كل المتاريس التي يضعها رجال الدين والسلطة، ولكن للاسف كل ذلك النضال لم يؤدي سوى الى تقسيم السودان واشتعال مزيد من الحروب، مما قادنا الى الادراك اخيرا الى نضالنا ذلك لم يوجه الاتجاه الصحيح نسبة لاتبعنا نخب لم ترهق نفسها في سبيل البحث عن الاجابات ولكنها باعت لنا اجابات معلبة عن الديمقراطية والعلمانية والفردية، والتي في تعريفاتها الداخلية لا تعني الانسان السوداني في شيء، بل الادهي والامر هو هروبها الكامل من استيعاب ظاهرة الدين ومعني الالوهية مما قاد الى استمرار النظام الذي استثمر في ضعف وهروب النخب المعارضة عن تفسير الظاهرة الدينية وهو ما جعله الوحيد الذي يقدم اجابات كاملة عن الانسانية او عن الاله في نظر المجتمع.
وبناء على توجيهات النخب السابقة التى واجهت من قبل الانظمة الشمولية كانت تدعونا الى ارهاق النظام بالفعل من خلال الحراك اليومي لطلبة الجامعات ومناقشة فساده وغيره من خلال اركان النقاش ومحالة عزل طلاب حركة الاسلام السياسي عن الفعل الاجتماعي، وهو ما كنا نقوم به وتضرر منه كثيرين دون ان ينبهنا احد الى ان الازمة ليست في الاسلام السياسي ولكن الازمة في الاسلام ذاته، اي في الرؤية التي تقدمها النخب العربية باعتبارها رسالة ارشادية من الاله، فمالم تقله النخب السابقة ان المعركة مع جهاز الامن او الشرطة او اي من الاجهزة النظامية او حتى ممارسات النظام هي معركة جانبية، فالمعركة الحقيقية هي مع مفهوم الاسلام الذي احتكرته المجتمعات العربية واصبحت تعبر به عن نفسها وتاريخها، ومالم تقله النخب السابقة ايضا ان مفهوم الاسلام قد تم افراغه من الارشاد الالهي وتم ملاءه بقيم ومفاهيم عربية تعبر عن مجتمع ومرحلة تاريخية محددة، وحقيقة لم ادرك قصور النخب الا عندما وجدت ان الاله يعبد الان كما كان يعبده الانسان الاول على الارض بخوف اكثر من الثقة وبخشية اكثر من الايمان وبترميز استمر كما هو باختلاف الاشكال، والمسيء حقيقة اننا رغم كل الارشاد الالهي لم نتوصل الى مفهوم الاله المتعالي والمسيء جدا ان هنالك مجتمعات كاملة لا تدرك حتى مفهوم الاله ويتصارع المسلم مع المسيحي مع اليهودي او يتصارعون فيما بينهم!!!
فهي دعوة الى الخروج من الاسلام العربي الذي زيف الرسالة الارشادية المحمدية الى رحابة الايمان بالارشاد الالهي، دعوة الى الثقة بالله ومعرفة محاولاته الكثيرة الى النهوض بالوعي الانسان اكثر من الخوف والرعب التي يجسدها الاله الان.
قصور الاستيعاب (الكفر) في الاسلام:
نتيجة لاستسلام النخب العربية للوعي المجتمعي الذي اعاد تعريف الرسالة بناء على وعيه الذاتي، فقد اتجهت تلك النخب الى تاكيد ذلك الوعي بالالتفاف على الارشاد الواضح وذلك باستخدام النصوص خارج سياقها التاريخي ومعناها اللغوى او ضرب النصوص بعضها ببعض من خلال مفهوم الناسخ والمنسوخ وعندما يعجزون تماما يلجاون الى السنة باعتبارها وحي ويضعونها في كثير من الاحيان اما الارشاد الالهي، وبعد كل ذلك التاويل يقولون هو من عند الله وليس نتيجة لاجتهادهم (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78) مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ). فهكذا يقول الفكر العربي كونوا عبادا لي، لنترك الارشاد الالهي ونعبد ابن تيمية وابن حزم والامة الاربعة، فعند من يسمون بعلماء المسلمين لا يكتمل الدين الا بهؤلاء وبغيرهم، ولا يدركون معني كمال الرسالة الارشادية.
في تعريف الذات الكلية:
ان الرسالات الارشادية عبارة عن رسالات كلية اي تتناول المفاهيم الكلية وعلى النخب والمجتمعات ان تعي علاقة تلك الكليات مع بعضها البعض، ولذلك اخبرت الرسالة ان الانسانية تنقسم الى شعوب وقبائل اي لكل مجتمع مميزات تختلف عن المجتمعات الاخرى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) - وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)). وهو ارشاد مباشر الى ان الله لو اراد الانسانية امة واحدة في اللغة والوعي والسلوك لخلقهم كذلك، وهو ما يتفق مع النظرة المباشرة للانسانية (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)).
فماذا فعل الوعي العربي مع ذلك الارشاد الواضح، افرغ العقل العربي المجاري للوعي الاجتماعي ذلك الارشاد من معناه وقال بان هنالك مجتمعين فقط، مجتمع مسلم يجب ان يكون له لغة واحدة ويمارس نفس السلوك والقيم هي قيم وسلوك المجتمع العربي، ومجتمع كافر عبارة عن مجتمع ضد للمجتمع المسلم، وكما قالت اليهود والنصاري نحن ابناء الله، قال المجتمع العربي ان لغته وقيمه وسلوكه هي مقدسات يجب على من يريد ان يتبع الله ممارسة تلك القيم.
ولم تقف النخب المسماة اسلامية عند ذلك التدوين لدراسته لكنها سلمت بها كما سلم الجميع من قبلهم بما وجدوه امامهم رغم مخالفته للفطرة الانسانية، فاذا تم دراسة ذلك التدوين بعيدا عن التحيز لقالوا ان ما تسمي بقيم الهية منزلة هي عبارة عن قيم عربية كانت توجد ما قبل التدوين اذا كانت في المعاملات او في العبادات. وما لم تدركه ايضا تلك النخب ان الرسالة لوحدها لا تجيب على الاسئلة ولكنها تحتاج الى استنباط المعاني من خلال علاقة الجزئي المباشر للمجتمعات بالكلي الارشادي. فاذا كانت الرسالة كافية بذاتها لاكتفي الاله برسالة واحدة فقط، وما لم تدركه ايضا ان الارشاد الذي جاء بلفظ اهل الكتاب هو ارشاد لاحق لليهودي والمسيحيين الذين اكتفوا بالوعي المجتمعي عن الارشاد الالهي وسابق لكل البشرية حتى لا تقع في نفس الاخطاء التي ارتكبها اليهود والمسيحيين، باعتبار ان الرسالة خاتمة ويوجد بها كليات لكل المجتمعات اذا كان مفهوم الذات الكلية او الاخر او الاخر الضد او علاقة الانسان بالطبيعة او الاله المتعالي، اما الجزئي فعلي النخب والمجتمعات استنباطه من كل ذلك.
اذا اعتمدت النخب على مجتمع متخيل نتيجة لاتباعها الوعي المجتمعي وليس الارشاد وسمته بالمجتمع الاسلامي او المجتمع المسلم وتركت الارشاد الذي دعى الناس الى الانتماء الى مجتمعاتهم الحقيقية التي تتكامل ذاتهم داخلها. وبالتالي كان قصور الاستيعاب (الكفر) عندما فرضت تلك النخب على الناس ترك مجتمعاتها والانتماء الى المجتمع المتخيل وقالت بان ذلك امر الهى.
في مفهوم الاخر المختلف:
عندما وصلت البشرية الى مرحلة تحولات تمكنها من رؤية الاخر داخل حيز الوعي المباشر وامكانية معرفة الاختلاف والاتفاق، جاء الاله برسالة خاتمة موجهة لكل البشرية بان الاختلاف لا يعني الضد، ولان الاخر المختلف في زمن الرسالة بالنسبة للمجتمع العربي كانوا اليهود والمسيحيين لذلك اخذوا كمثال على الاختلاف، فلم تتم دعوة اليهود والمسيحيين الى مفارقة عاداتهم والانخراط في العادات العربية كما يقول الفكر العربي بل امروا باقامة تلك العادات التي توجد داخل الرسالة اذا كان في الانجيل او في التوراة والتي هي في الاصل قيم وعادات مجتمعية (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)). وكانت الدعوة كذلك للتواصل والتراحم (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)).
فالاختلاف طبيعة انسانية ظاهرة لا تحتاج الى رسالة الهية ولكن تابي الانسانية الا ان تسير خلف الوعي المجتمعي القاصر الذي لا يري الا ذاته فقط، ويوجد الاختلاف في شكل ممارسة الحياة من الاسماء الى الغذاء والكساء وغيره من تفاصيل حياتية، فماذا فعل الوعي العربي بتلك الطبيعة؟ كما هو ديدن كل النخب في ترك الرسالة والاتجاه الى الوعي المجتمعي فقد تركت النخب العربية الرسالة الارشادية واتجهت الى تاصيل الوعي المجتمعي من خلال الرسالة وليس الى استيعاب الرسالة وارشاد المجتمعات لقصور وعيها الذاتي، وقد الغى الفكر العربي تلك الطبيعة وقال بعدم الاختلاف فانت اما ان تسمي باسماء عربية وتمارس كل الطقوس العربية التي صارت تعرف بطقوس اسلامية او تعتبر اخر ضد.
اذا الاخر المختلف هو اصل من اصول الاستيعاب وقصور الاستيعاب اي صل من اصول الايمان والكفار، اي اصل من سنن الله الظاهرة في الكون ومهما حاول الفكر العربي اعادة صياغة المجتمعات فهو يحرث في البحر (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)). وقد حاق المكر السيء باهله عندما فرض الفكر العربي المسمي اسلامي نفسه على الارض وقال لا اريكم الا ما اري، فعلى الافارقة ممارسة حياتهم وفق طبيعة مجتمعاتهم وعلى امريكا الجنوبية والصين وغيرها ان يكونوا كما هم وليس اتباع الاسماء العربية والقيم العربية حتى يوصفوا بانهم مؤمنين.
موالاة اليهود والنصاري:
حاول الفكر العربي الالتفاف على الرسالة الارشادية في تدوينه للوعي الاجتماعي العربي لعدم وجود الاخر المختلف في الوعي الاجتماعي فهو اما ذات او اخر ضد، وبني ذلك على الاية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)). تلك الاية التي اخرجها خارج صياغها التاريخي واللغوي كما اخرج كثير من الايات، فتاريخيا اتت تلك الاية للتفريق بين الذات الكلية والاخر المختلف وهم اليهود والنصارى (تجدها في التفاسير)، اما الارشاد المقصود في الموالاة هو عدم الانتماء الفكرى نسبة لقصور اليهود والمسيحيين عن استيعاب الارشاد الالهي (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64))، فاليهود في تلك الفترة كانوا المرجع بالنسبة للعرب في موضوع الاله وقد وجدنا وفد العرب الذي ذهب الى اليهود لاختبار الرسول، فاذا كان الارشاد في تك الفترة كان ياخذ بالبعد الاجتماعي باختلاف اليهود عن العرب اجتماعيا والبعد الفكرى، اما الان ونسبة للتحولات الاجتماعية التي شهدتها البشرية فان البعد الفكرى هو الاساس فقط دون غيره.
العلاقة مع الاخر المختلف:
يجب ان نعي ان اليهود والمسيحيين اخذوا كنموذج مباشر للمجتمع العربي في شكل العلاقة مع الاخر عند لحظة الرسالة، فاذا يجب معرفة الذات الكلية اولا اذا كانت سودانوية او غيرها ثم بعد ذلك النظر للكل بشكل متساوى دون انحياز اذا كانوا يهود او افارقة او غيرهم، فلا مانع من التواصل معهم اتراحا وافراح والتزاوج وغيرها من الممارسات الانسانية، ولكن المانع الوحيد هو اعتمادهم مرجعية فكرية للرسالات الارشادية.
خالد يس
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.