بسم الله الرحمن الرحيم يرغب الكثيرون مِنَّا في الاستفادة من أوقات فراغهم في تطوير أنفسهم ولكن ظروفهم المادية تمنعهم من ذلك.. فهنالك من يريد تعلم لغة جديدة ولكنه لا يملك مصاريف التسجيل في أحد المعاهد الكبرى.. وهنالك من يعشق قراءة الكتب المفيدة ولكنه لا يستطيع توفير ثمن تلك الكتب.. وهنالك من يحب ممارسة التمارين الرياضية ولكنه يعجز عن الانضمام إلى صالة رياضية فخمة.. ونتيجة لذلك يشعر الكثيرون مِنَّا بالإحباط ويتحسرون على أوقات فراغهم التي تَتبَدَّدُ في مشاهدة التلفاز والتسكع مع الأصدقاء.. فما الحل إذن؟ الحل في أيدينا نحن.. وعلينا ألا نسمح لظروفنا المادية أن تكون سبباً في عدم تطورنا.. فإذا كُنَّا لا نملك المال الكافي فإننا نملك ما هو أهم من ذلك: فنحن نملك العقل، والصحة، والوقت، والدوافع، والرغبة الحقيقية في التطور، وليس من الحكمة أن نُبَدِّدَ كل هذه الأشياء بسبب عدم وجود المال.. يقول روبرت لويس ستيفنسون: "الحياة ليست أن تمتلك أوراقاً رابحة.. بل أن تجيد اللعب بالأوراق السيئة". Life is not a matter of holding good cards, but of playing a poor hand well فمهما كانت ظروفنا المادية سيئة فهنالك دائماً وسائل للتطوير أقل تكلفة وأعظم فائدة ولكننا لن نستطيع أن نستفيد منها ما لم نتحمل مسئولية أنفسنا ونتوقف عن رثاء ظروفنا.. فإذا عجز أحدنا أن يلتحق بمعهد لتعلم اللغة الإنجليزية فهنالك برامج كثيرة لتعليم الإنجليزية متوافرة على الإنترنت.. وأعرف الكثيرين ممن تعلموا اللغات الأجنبية عبر الإنترنت.. وأنا نفسي تعلمت الإنجليزية من خلال الاستماع إلى المحاضرات عبر اليوتيوب.. وصديقي (الصادق بشير) تعلم الألمانية عبر الإنترنت.. تعلمها منذ البداية وهو قابع في بيته في (الجبلين).. وهو الآن قد وصل إلى مستويات متقدمة في إجادة مهاراتها.. أمَّا صديقي وزميل دراستي (ياسر جمعان) فقد تعلم الإسبانية عبر الإنترنت.. تعلمها منذ البداية عبر موقع اليوتيوب.. فقد تَعَرَّفَ على أساتذة أسبانيين مدوه بالكتب والروابط الإلكترونية.. وسوف يجلس لامتحانها كلغة أجنبية قريباً.. وهو الآن متطوع يقوم بتدريسها مجاناً ليتمكن منها. فبالإرادة والعزيمة يستطيع أي شخص أن يتعلم اللغة التي يريدها عبر الإنترنت.. وإن لم يكن يمتلك جهاز حاسوب فهنالك الكثير من مقاهي الإنترنت التي لا يتجاوز ثمن الساعة فيها جنيهاً واحداً أو جنيهين.. وهنالك الكثير من المكتبات العامة التي تتيح خدمة الإنترنت مجاناً لمشتركيها. فإذا نظرت حولك ستجد بديلاً لكل ما هو عالي التكلفة.. فيمكننا أن نستبدل كتبنا المقروءة بأخرى من بعض بائعي الكتب الذين يفترشون الأرض أمام الجامع الكبير بدلاً من أن نشتري الكتب بأسعار مرتفعة من المكتبات الكبرى.. ويمكننا أن نمارس رياضة الجري في الميادين والشوارع الفسيحة بدلاً من نلتحق بإحدى الصالات الرياضية عالية التكلفة.. ويمكننا أن نتعلم قيادة السيارات في ميادين الأحياء التي تصطف فيها سيارات الأجرة زهيدة التكلفة بدلاً من الالتحاق بمدرسة لتعليم قيادة السيارات. فالمدارس والمعاهد والنوادي مجرد أماكن لتشجيعنا وتحفيزنا ولكنها لن تفيدنا ما لم تكن الرغبة نابعة من داخلنا.. فهنالك من يظن أن مستواه سيتحسن بمجرد الالتحاق بهذه الأماكن.. وأنه سيتطور بمجرد الحصول على الشهادات من تلك الأماكن.. فهنالك الكثيرون ممن يحملون شهادات القيد الصحفي ولكنهم لا يكتبون شيئاً.. وهنالك الكثيرون ممن يحملون شهادات مدربين في التنمية البشرية ولكنهم لم يدربوا أحداً.. وهنالك الكثيرون ممن يحملون شهادات في الحاسوب ولكنهم لا يمتلكون حاسوباً! وكان الأفضل لأحدهم أن يشتري حاسوباً ويتعلم في بيته بدلاً من أن يدفع أمواله في الحصول على شهادة لا يستفيد منها شيئاً. فإذا كانت ظروفنا سيئة فإنَّ إرادتنا وعزيمتنا قوية.. ونستطيع أن نطور أنفسنا.. فذلك هو طريقنا الأفضل إلى تحسين ظروفنا. فيصل محمد فضل المولى [email protected]