بسم الله الرحمن الرحيم ونقاط القوة هي سِمَاتُنَا الشخصية التي تميزنا عن الآخرين.. وقد تكون سمات نُوْلَدُ بها في جيناتنا الوراثية.. أو لدينا قابلية على اكتسابها وتنميتها أكثر من غيرها.. وقد يكون لأحدنا نقطة قوة واحدة.. أو اثنتان.. أو ربما أكثر من ذلك قليلاً.. فهل إدراك نقاط قوتنا مسألة مهمة؟ وهل من الأفضل لنا أن نُطَوِّرَ نقاط قوتنا أم نقاط ضعفنا؟ يقول جون ماكسويل في إحدى محاضراته: "لِتَنْمُوَ لابُدَّ أن تكون مُدْرِكَاً لنفسك.. إذ عليك أن تعرف ما هي نقاط قوتك.. وعليك أن تجتهد في تطوير نقاط قوتك وليس نقاط ضعفك".. ويرى جون ماكسويل أنه لا فائدة من تطوير نقاط الضعف.. لأنك مهما بذلت من مجهود في تطوير نقاط ضعفك فإن مستواك سيرتفع من ضعيف إلى عادي.. فإذا كان مستواك مثلاً.. 30% ثم بذلت مجهوداً كبيراً وأضفت إليه 20% فإنه بذلك سيصير 50%.. وذلك معناه أنك بذلت وقتك وجهدك ومالك لتجعل مستواك عادياً!! والآخرون لا يندهشون للمستوى العادي.. ولا يدفعون أموالهم لمشاهدة شيء عادي.. لا يوجد شخص يقول: "أحب ذلك البرنامج التلفزيوني لأنه عادي.. أو أشجع ذلك اللاعب لأنه عادي.. أو يا لها من أغنية عادية!". أمَّا إذا رَكَّزْتَ وقتك وجهدك ومالك في تطوير نقاط قوتك فإن مستواك فيها سيرتفع من فوق العادي إلى الممتاز.. فإذا كان مستواك مثلاً: 70% ثم بذلت مجهوداً كبيراً وأضفت إليه 20% فإنه سيصل إلى 90%.... والآخرون يدفعون لمشاهدة مستوى 90%.. ويندهشون من ذلك المستوى.. ويستطيع كل واحد مِنَّا أن يصل إلى ذلك المستوى الممتاز إذا بذل مجهوده في تطوير نقاط قوته التي يكون مستواه الطبيعي فيها فوق ال50%..وليس نقاط ضعفه التي تكون دون ذلك المستوى. يقول ريتشارد سانت جون في كتابه: (السمات الثماني المشتركة للناجحين): "هنالك طريقة ستمكنك من التطور.. وهي التركيز على نقاط قوتك.. إلا أننا لسنا جميعاً على دراية بهذا السر البسيط الذي يؤدي إلى النجاح".. فهذا هو السر ببساطة: ركز على نقاط قوتك.. وانسَ نقاط ضعفك.. فالناجحون يصلون إلى القمة بنقاط قوتهم وليس نقاط ضعفهم.. والناجحون يفيدون الآخرين بنقاط قوتهم وليس نقاط ضعفهم.. وعندما تصل إلى القمة وتفيد الآخرين فلن يكترث أحد بنقاط ضعفك.. انظر إلى مهندس الحاسوب الذي يستطيع -وفي دقيقة واحدة- أن يكتشف العطل الذي أصاب حاسوبك ثم يتقاضى منك عشرات الجنيهات في صيانة ذلك العطل الصغير.. أو لا يُعَدُّ ذلك المهندس شخصاً عظيماً؟ فهل ينقص من قدره عندك أنه ضعيف في قواعد النحو والإملاء؟ فلو قَسَّمَ الإنسان جهوده في محاولة إصلاح جميع عيوبه ونقاط ضعفه فإنه لن يصل إلى القمة أبداً.. يقول جوزيف بيننجر أخصائي علم الوراثة المشهور: "ما من فائدة في محاولة إصلاح كل نقاط ضعفنا وعيوبنا البسيطة.. بل من الأفضل أن تقول: (هذا هو الشيء الذي أجيده)".. والآن ليسأل كل واحد مِنَّا نفسه هذا السؤال: (ما هو الشيء الذي أجيده؟).. فعندما تجد إجابة صادقة لهذا السؤال ستزداد ثقتك في نفسك ولن تكترث بعد ذلك للأمور التي لا تجيدها.. انظر إلى ما قاله رجل الأعمال أسامة داؤد وهو يرد على الصحفية المتميزة صباح موسى التي سألته عن دور الاستثمار في حل المشكلات السياسية؟ أجابها قائلاً: "أنا أفهم في الصناعة والاستثمار.. ولا أفهم في السياسة.. ولا أجيدها.. ولا أشغل نفسي بها..".. فإذا كان أسامة داؤود عبداللطيف بكل ثرواته وإنجازاته ونجاحاته.. يركز في نقاط قوته ولا يشغل نفسه بغيرها.. أوليس من الأجدى لنا نحن أيضاً أن نركز في نقاط قوتنا؟ ذات مرة سألني أحد أصدقائي الصحفيين: "لِمَ لا تكتب عن الرياضة والفن والسياسة؟" أجبته قائلاً: "أنا أجيد الكتابة في مجال التنمية البشرية.. ولا أفهم في كرة القدم ولا أجيدها.. ولا أستطيع أن أعدِّدَ ثلاثة من لاعبي الهلال أو المريخ.. ولا أعرف شيئاً عن غناء الحقيبة أو الطمبور.. ولا أجيد السياسة ولا أشغل نفسي بها".. فماذا تجيد أنت؟! فيصل محمد فضل المولى [email protected]