كانت اول محاميه بمدينه كسلا . واختارت هذا الدرب الوعر الذى ظن البعض انه محظور على النساء . فقد صالت وجالت فى ردهات المحاكم ,متميزه بخلقها الطيب ومعاملتها الانسانيه لكل رفاق المهنه . لم تكن تتردد فى الدفاع عن متهم لا يملك قوت يومه , تدافع عنه بدون اتعاب بحثا عن الحق الذى يعلو على اى ثمن . ولم تكن تهمها الاتعاب بقر ما يهمها ان تكسب انسان فى هذه الحياه القصيره . انها الاستاذه الراحله ساميه التوم مختار التى اختارها الله الى جواره فى اخر ايام شهر شعبان . فقد عرفتها متميزه على رصيفاتها, مجتهده فى عملها , وهكذا كانت والدتها عليها الرحمه , كأنما اختارت التميز فى كل شىْ فقد كانت والدتها المرحومه نفيسه عبد القادر اول معلمه بمدينه كسلا . واختارت ان تسير فى درب والدتها لتكون اول محاميه بمدينه كسلا . فقد تدربت على يد الاستاذ الخبير القانونى محمد على طه الملك الذى يعمل ويعيش بهولندا . والذى صعق وانا اوجعه بخبر انتقالها للدار الاخره . فى عام 1984 اذكر بان هناك بلاغ امام النيابه العامه بكسلا ويرغب ذوى المرحوم فى التنازل عن البلاغ , وقد طلبت يومها احضار والده المرحوم للتنازل , وقد كان المرحوم من ابناء الهدندوه بمنطقه القاش وتقريبا منطقه جمام , الا ان شيخ المنطقه ذكر لى بانه من العيب ان تحضر احدى نساء القبيله الى المدينه او الى مكتب من مكاتب الدوله , وبحكم معرفتى واحترامى لهذه التقاليد طلبت منهم تجهيز عربه لنقل محاميه من مدينه كسلا الى منطقه جمام لتستمع الى تنازل المرأه وتاخذ بصمتها بحضور شهود, وكم كانت دهشتهم ان تتولى شابه هذا المنصب . وبالرغم من صعوبه الطريق ووعورته لم تتوانى الراحله ساميه فى الذهاب الى جمام والقيام بكافه الاجراءات لتقدم لنا الاقرار بالتنازل . فقد كانت الرحله فى ذاك الزمان الى منطقه جمام لا تقل عن ساعه ونصف . ولكنها انجزت ما كلفناها به باتقان شديد , بل رفضت ا ن تأخذ ايه اتعاب . لقد عملت المرحومه بالمحاماه بجانب اعبائها فى تربيه صغارها والمشاركه فى الحياه الاجتماعيه والسياسيه والقانونيه .فقد كانت اول سفراء المرأه الى المحاكم بمدينه كسلا . وقد مهدت الطريق لبنات جنسها فى هذا الحقل , وقد كانت محترمه وجديره بالاحترام , ليس لانها امرأه ولكن لقوه منطقها وغزاره علمها ومعرفتها . رحم الله الاستاذه المرحومه ساميه التوم مختار اول محاميه بكسلا بنت المرحومه نفيسه عبد القادر اول معلمه بكسلا , ولزملائها وزميلاتها وبناتها واخوانها الصبر الجميل على هذا الفقد الكبير . وانا لله وانا اليه راجعون . عبد الله احمد خير السيد المحامى / كسلا [email protected]