يعتقد البعض كما وضحت في المقال السابق أن سياسة التمكين التي إنتهجتها حكومة الإنقاذ تنحصر أضرارها في عملية إحالة أعداد كبيرة من الكفاءات لما يسمى بالصالح العام وإحلال وظائفهم بالمنتمين للمؤتمر الوطني غير أن الأضرار كانت أكبر من ذلك بكثير ويتمثل ذلك في عملية شغل تلك الوظائف بمن لا يستوفون معايير شغلها من مؤهلات وخبرات وقدرات حيث كان معيار التمكين كما هو معروف هو الولاء فقط مما أدى إلى حدوث ضرر مزدوج أخفهما الذي وقع على من إحيلوا للصالح العام أما الضرر الأكبر فقد وقع على الخدمة المدنية والمنوط بها تنفيذ كل سياسات وخطط الدولة العادية والإستراتيجية وذلك لأن معظم تلك الوظائف هي الوظائف القيادية التي تقود دولاب الدولة في العمل التنفيذي في كل المرافق الإقتصادية والخدمية وغيرها والتدمير حدث بسبب إختلال معايير وأسس الإختيار لشغل تلك الوظائف ومعروف أن لكل وظيفة وصف وظيفي يحدد المهام والواجبات ومتطلبات القيام بتلك المهام والواجبات من مؤهلات وخبرات ومهارات ولكل وظيفة متطلبات من المهارات الفنية والسلوكية يجب توفرها في من يتم ترشيحه لشغل الوظيفة غير أن ذلك يتناقض مع معايير نهج التمكين والذي لا يعرف غير الولاء معياراوقد كانت نتائج ذلك الإخفاق والتردي الذي طال كل مرافق الدولة من مرافق خدمية وإقتصادية وصحية وتعليمية وغيرها ولاشك أن تكلفة ذلك كانت كبيرة من ناحية إهدار المال والزمن والحصيلة النهائية كانت أصفارا كبيرة في مجال التنمية وتدمير لمشاريع كانت تدعم الإتصاد القومي مثل مشروع الجزيرة والسكة الحديد والخطوط الجوية والخطوط البحرية وإنهيار في التعليم والخدمات الصحية وغيرها وكل ذلك بسبب عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وعدم الإلتزام معايير وأسس الإختيار المتعارف عليها لشغل الوظائف خاصة إذا كانت تلك وظائف قيادية يتعاظم دورها في تسيير دولاب الدولة ودفع عجلة التنمية وإذا نظرنا إلى قواعد الخدمة المدنية الأخرى والتي تشكل المنظومة المتكاملة لعملية إدارة الموارد البشرية لتحقيق هدفها المنشود وكما هو معلوم تشكل الموارد البشرية المحور الأساسي لعملية التنمية ولكن لن يتحقق هذا الهدف إذا لم تحسن إدارة الموارد البرية والإلتزام بالمعايير التي تحكم تشغيلها وفعاليتها وتبدأ المنظومة بعملية الإختيار لشغل الوظائف ثم حسن إدارة الموارد البشرية المتمثلة في الضوابط والقوانين والإجراءات ثم عملية التحفيز والمحاسبة ثم عملية التدريب والتطوير لضمان مواكبة متطلبات تلك الوظائف من مهارات وقدرات تقتضيها حاجة العمل ثم عملية التقدم الوظيفي(الترقيات) والذي تحكمة معايير إستيفاء متطلبات كل مستوى وظيفي حسب مسار التدرج الوظيفي المعتمد-وإذا نظرنا إلى كل تلك الأسس والمعايير نجد أن سياسة التمكين كانت بعيدة عنها فلا إختيار للوظائف يتم بالطرق العلمية المعروفة وينطبق ذلك على الأنظمة الأخرى من تحفيز وترقيات وتدريب وغيرة حيث أصبح الأمر خبط عشواء وشعارات تطلق في الهواء مثل ثورة التعليم والحكومة الإلكترونية وغيرها من الشعارات التي تعكس الحال الكئيب والذي أدت نتائجه إلى ما نحن فيه من تردي بل إنهيار لمنظومة الخدمة المدنية ومن المفارقات أن الدول التي إستفادت من خبرات السودانيين في بناء أنظمة الخدمة المدنية فيها وخاصة دول الخليج تحظي حاليا بخدمة مدنية تضاهي الأنظمة المطبقة في الدول الأوربية وإمريكا مما كان له الأثر الإيجابي في دفع مشاريع التنمية في تلك الدول والتي كانت في مطلع السبعينيات تعيش في أوضاع يرثى لها وهو عكس مايحدث عندنا حيث كان الوضع في السابق أفضل بكثير ولولا تكنولوجيا المعلومات وما أحدثته من تطور هائل في أنظمة الخدمة لكان الحال عندنا أسوأ مما هو عليه الآن وأشبة الخدمة المدنية عندنا الآن مع التطور التكنولوجي بحال بعض الفنانين الذين ظهروا الأن بأصواتهم النشاذ والتي تغطي عليها أجهزة الصوت الحديثة والآلات الموسيقية المتطورة فإذا سكتت فجأة وقف حمار الشيخ في العقبة ونسأل الله السلامة سيد أحمد الخضر [email protected]