اكاد اختنق وفى جوفى حديث على بوابات برنامج نفرة نهضة ولاية الجزيرة ، آن الاوان ان اصدع به والجزيرة قد بلغت من الحال ( مع سبق الاصرار والترصد ) ما يغنى عن السؤال ، والجزيرة وما ادراك ما الجزيرة التى كانت فى وقت قبل عقدين ونيف من الزمان العمود الفقرى للاقتصاد الوطنى بذهبها الابيض ، ( وضراع اهلها اللخدر) ، وبيوتها المفتوحات ، وحبها الحصيد ، وجناتها المعروشات ، اما الان وبعد ان تغير الحال ( بفعل فاعل ) ، قد اصبح المزارع فى مشروع الجزيرة بهيئته الراهنة يكابد ( ويجابد ) لتوفير القوت لاهل بيته ، والاسباب معروفة لدى الجميع . اما بعد . . . العنوان الاكبر فى برنامج نفرة نهضة ولاية الجزيرة والصوت الذى يجب ان يعلو فيه بعد ان ادرك الكل خاصة اهل الجزيرة ، ان ما تظهره الحكومة من ( خربشات ) هنا وهناك فى المشروع بزعم اصلاحه واعادته الى سيرته الاولى ، مجرد مراوغات لا طائل منها ، انه آن الاوان ان ترفع حكومة السودان يدها عن مشروع الجزيرة وتقوم بتسليمه الى اهل الوجعة بقواه الخائرة ليصبح بذلك مشروعاً ولائياً لا قومياً تعود ملكيته برمته وعلاته لاهل وحكومة ولاية الجزيرة ، فهم الاقدر على ادارته وعلاج جراحه ، وهم الاعرف بمواضع الالم فى جسمه الذى انتحل ، بحيث تكون المرجعية الاولى فيه ورأس الهرم هو والى ولاية الجزيرة ثم بعد ذلك يتسلسل الهيكل الادارى للمشروع بدءأ من رئيس مجلس الادارة والمدير العام اللذان يعينهما والى الولاية ثم تأتى بقية الهرم ، فالجزيرة مثلما ( كانت ) تعطى من رحمها لوزات قطن وسنابل فان رحمها لم يبخل ايضاً بالخبراء من مهندسين زراعيين ، واداريين ، ومهندسى رى ، وماليين ، واطباء بيطريين ، وخبراء فى التربة ، وخبراء فى مكافحة الآفات ، وخبراء تقانة زراعية . . . الخ ، وكلهم يمتلكون الامكانيات والمقدرات الادارية وسيضعون المشروع فى احداق عيونهم وسيرسون به الى بر الامان ان شاء الله ، ولن يبخلوا على اهلهم فى ربوع السودان المختلفة بخيرهم ، كيف لا وهم اهل كرم وجود ، حتى الخرطوم سيكون لها النصيب الاوفر من الخير لان ( الجار اولى بالشفعة ) ولا مانع لدى اهل الجزيرة فى ان تختار الحكومة المركزية ان ارادت ، الصيغة المناسبة والعادلة لعلاقتها بعوائد المشروع ، كعلاقتها بعوائد بترول الجنوب علماً بان عائد المشروع اكبر واغلى من البترول واكثر استمرارية ( لكن عائد الجزيرة بدون انابيب ) ، لو كانت الحكومة تدرك ذلك . هذا هو الحل الوحيد الناجع لعودة مشروع الجزيرة الى سيرته الاولى التى فشلت فى تحقيقها كل الخطط والقوانين المفخخة والمعالجات الموضعية ، وبهذا الحل ينال اهل الجزيرة كل مقاصدهم ويبلغون به غاياتهم المنشودة ، ويكون به اول لبنة نجاح لمشروع نفرة نهضة ولاية الجزيرة ، وتصبح الجزيرة ( قطر ) افريقيا بلا منازع ، الا اذا كرهت الحكومة للجزيرة واهلها ذلك . برنامج نفرة نهضة ولاية الجزيرة يجب ان يلعب دور كوة ونافذة الامل لاهل الجزيرة بعد ظلم لحق بهم لسنوات طوال وما زال يلاحقهم ، والنار التى يأنسوها علهم يجدون عندها القبس والهدى والمخرج من الوضع الحالى ، فالبرنامج طرح اصلاحات عدة فى مجال البنى التحتية والتعليم والصحة وحصاد المياه والخدمات الاخرى ، ورصدت الجزيرة لهذا البرنامج مبالغ طائلة مناصفة بين حكومة الولاية ، والحكومة المركزية ممثلة فى وزارة المالية والاقتصاد الوطنى وحسبى انه الطرف الاضعف فى المعادلة ، ليس من حيث القوة المالية ولكن من حيث الوفاء بالالتزام ، وذلك من باب ان ( المحرش ما بكاتل ) لان البرنامج اصلاً جاء بمبادرة من اهل الجزيرة وحكومتها بعد ان ضاقوا ذرعا بأوضاع ولايتهم وحالهم ، التى لم تكن الحكومة المركزية ( بالحيل عليها ) يوماً من الايام منذ ان جاءت الانقاذ فوجهت كل مجهوداتها التنموية مع اتجاه النيل رغم علمها التام بان الفاعلية ستكون محصلتها صفر كبير او على الاكثر ضعيفة جداً كما يقول خبراء التخطيط الاستراتيجى ، فى الوقت الذى تتوفر فيه بالجزيرة كل مقومات وموارد الانتاج من قوى بشرية واراضى خصبة ممتدة ظلت تعانى لسنوات من رداءة الطرق وضعف فى البنيات التحتية وغيرها من المعوقات ناهيك عن الانقطاع التام فى فصل الخريف لدى العديد من مناطق وربوع الجزيرة والذى يصحبه تلقائياً عدم الوصول او قل الصعوبة الشديدة فى الوصول الى الاسواق لتسويق الانتاج او المستشفى للعلاج او الى المدرسة للتحصيل أو . .أو . . أو . . وقس على ذلك ، واتمنى ان تخيِّب الحكومة المركزية ظنى وتوفى بالتزامها تجاه البرنامج وتعطى الجزيرة ولو ( عطية مزين ) التى تذهب الحرج عن وجهها ، كما يجب ان تستحضر الحكومة المركزية فى ذلك المثل القائل ( الما بتريدو خاف الله فيهو ) فيجب ان تخاف الله فى اهل الجزيرة وتعود الى رشدها بعد ان عانت ما عانت بعد صدمة العام 2012 م والتى آلت بها 90 % من الموارد الى دولة الجنوب فكان اكثر الصامدين هم اهل الجزيرة فضلاً عن انهم اكثر واكبر المكلومين فى مشروعهم وفى انسانهم وفى قواهم الانتاجية وفى نصيبهم من السلطة والثروة وفى . . . وفى . . . وفى . . . الا انهم رغم ذلك لم ينفثوا ببنت شفه ولم تعلوا اصواتهم مثلما علت اصوات اهل الجنوب قبل الانفصال ، واصوات اهل الشرق ، واصوات اهل دارفور التى لم تخبو بعد ، وهنا استحضر قول احد الظرفاء من بلدياتنا حينما استدعى الحديث الاوضاع فى الجزيرة فقال ( الجنوبيين شعروا انهم مظلومين فدخلوا الغابة ، واهل دارفور دخلوا صحراء وتلال الغرب ، وناس الشرق دخلوا الجبال ، يعنى الزينا نحن ناس الجزيرة ديل لا عندنا غابة ندخلا ، ولا عندنا صحراء ولا جبال عشان ندخل فيها ، نسوى شنو والله الا نقع الترع والبحر بس ! ! !) ، وحتى الترع اصبحت يابسة ، فهذه ليست دعوة لان يفعل اهل الجزيرة مثلما فعل اهلهم فى دارفور وفى الشرق وفى الجنوب لان البلد لا تنقصها الجراح ، لكن ذلك فقط من باب ( فش الغبينة ) . الظلم الذى حاق بالجزيرة كان نتاجه ظاهرة غير معهودة فى اهلها وهى ظاهرة الهجرة الى ( كرش الفيل ) بعد ان كانوا اصحاب املاك من حواشات وغيطان وماشية وغيرها من الخيرات ، والان اصبحوا من مرتادى المهن الهامشية بعد ان كانت الجزيرة واهلها من اكثر بقاع السودان استقراراً وانتاجاً واعتماداً على الذات ، فالان بدأ اعل الجزيرة يهاجرون زرافات ووحدانا الى الخرطوم بعد ان اصبح المشروع غير ذى جدوى ، فنفرة ولاية الجزيرة هى الفرصة الوحيدة فى ان يعود الابن الضال الى اهله فى سلام ، وان تعلو رايات استقلال مشروع الجزيرة ، يجب ان يكون هذا هو الصوت والمطلب الذى ينادى به اهل الجزيرة ، والا فان ( زياد ) الجزيرة لم تغزو ولم تكن تحدث نفسها يوماً بالغزو . حسن على عباس [email protected]