حزب المستقلين القومى التلقائى يوضح رأيه فى مشكلة الزراعة فى السودان تلخيص وإعداد د. فائز إبراهيم سوميت – أمين عام الحزب مدخل كلى : على الرغم من أهمية الزراعة فى الإقتصاد بشكل عام , فقد بقى الإنتاج الزراعى فى الدول الأقل نموا لايستطيع تلبية إحتياجات الأسواق المحلية أو أسواق التصدير , وعلى الرغم من تحقيق زيادة متواضعة فى الإنتاج خلال الفترة ما بين 1990 – 1998 م , فقد تجاوزت هذه الزيادة بالكاد النمو السكانى بل إن معدل النمو فى نصيب الفرد من الإنتاج فى البلدان الأقل نموا إنخفض فى الواقع فى فترة التسعينات . وهنا نعطى تلخيصا موجزا للعوامل الداخلية الرئيسية التى تكمن وراء الوضع الراهن للزراعة فى البلدان الأقل نموا مع إلقاء الضؤ على المجالات التى يمكن أن تؤدى إلى التحسينات فى السياسات والمؤسسات الزراعية والإستثمارات لدفع عجلة النمو الزراعى إلى المستوى الذى يساعد فى التخفيف من حدة الفقر وتحسين مستوى الأمن الغذائى فى الدول الأقل نموا وهى : " 1 " قضايا العرض " الأسواق المحلية " .. " 2 " الإتجاهات السائدة فى مجالات الإنتاج " 3 " لم يواكب الإنتاج الزيادة فى تعداد السكان فى الدول الأقل نموا بما فى ذلك إنتاج الأغذية " 4 " لم تحدث فى الفترة ما بين 1990 – 1999 م أى زيادة فى نصيب الفرد من الإنتاج فى الدول الأقل نموا .. فى هذه السلسلة التى قدمنا فيها رأى الحزب فى الأزمة الإقتصادية فى السودان وحدد رئيس الحزب بروف/ مالك حسين حامد النقاط الحاسمة التى إن تم تطبيقها بشكل علمى صحيح ستؤدى إلى خروج الإقتصاد السودانى من أزمته الإقتصادية الحادة .. واليوم وفى السلسلة الثانية وفى ذات السياق التنويرى الذى درج حزب المستقلين القومى التلقائى على المضى فيه كوسيلة حاسمة فى إيصال مفهوم العمل الحزبى السياسى المعافى من كل هنات القوى السياسية الأخرى المدلسة فى مصالح قواعدها أولا وفى مصالح الشعب السودانى ثانيا .. حيث نعرض فى هذه السلسة مشكلة الزراعة فى السودان وماهية الحلول التى يمكن أن تضئ هذا الجانب الإقتصادى المؤرق لكل المسئولين على المستوى الرسمى وكذلك المستوى الشعبى والذى تأثر كثيرا لقربه من تحمل مسئوليات الأخطاء الجسيمة التى لازمت هذا القطاع الحيوى فى جسم الإقتصاد السودانى والتى نخرت فى عضده فأصبح جسما هامدا يتسول موائد شعوب العالم , بعد أن كان مرشحا من قبل المؤسسات الإقتصادية الدولية والإقليمية سيما العربية بأنه الجنة الزراعية الموعودة .. مشكلة الزراعة فى السودان : كان السودان وقبل عام 1998 م " قبل ظهور البترول " يعتمد إعتمدا كليا على القطاع الزراعى فى توفير الغذاء والعملات الأجنبية من عائدات الصادرات الزراعية التى كانت تشكل 90 % من صادرات السودان , وذلك للأسباب التالية : " 1 " جودة الصادرات السودانية " 2 " العلاقات السودانية الخارجية كانت فى قمة اداءها " 3 " عدم وجود منافسة قوية لمنتجات السودان فى الأسواق الخارجية عدا مصر " 4 " توفر الكفاءة الإدارية " 5 " وجودة التربة السودانية قبل تطويرها بشكل رأسى مما ساعد فى خفض إنتاجية الفدان الموارد الزراعية فى السودان : يعتبر السودان من أكبر الأقطار فى القارة الأفريقية , ويمتاز بطبيعة منبسطة نادرة , المرتفعات فيه والتعرجات السطحية تتمتع ببيئات مناخية مختلفة وتنوع فى أنواع التربة وخصائصها وتوزيعها الجغرافى , إضافة إلى التنوع الواسع فى القطاع النباتى الطبيعى وتقسيماته الجيولوجية ويتوافق مع هذا التنوع تباين فى المناخ من حيث معدلات الأمطار ودرجات الحرارة وتداخل الفصول .. وتقدر المساحة المزروعة فى السودان بحوالى 84 مليون هكتار أى ما يعادل 200 مليون فدان , المساحة المزروعة بإنتظام منها تقدر بأقل من 10 مليون هكتار , وتزرع بطريقة متقطعة عند توفر الأمطار الفاعلة . تقدر أعداد الثروة الحيوانية بحوالى 132 مليون رأس وغالبية الثروة الحيوانية تتكون من المجترات الصغيرة والأبقار والجمال . يمثل القطاع الزراعى بشقيه " النباتى والحيوانى " رأس الرمح لنمو الإقتصاد السودانى , حيث يلعب القطاع الزراعى دورا محوريا فى التنمية الإقتصادية والإجتماعية فى السودان ويظهر ذلك فى مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى بحوالى 43 % " القطاع النباتى بحوالى 22 % والحيوانى بحوالى 21 % " .. إلا أنه وبعد دخول .. النفط فى الصادرات السودانية تغيرت الأوضاع تماما , فبدل أن يستفاد من عائدات الصادرات النفطية فى دعم القطاع الزراعى , حيث أخذت الأهمية النسبية للصادرات غير النفطية منذ عام 1998 م فى الإنحسار التدريجى لتصل إلى أقل من 5 % فى عام 2008 م , مما يؤكد أن إكتشاف النفط وتصديره عام 1998 م , جاء على حساب الزراعة ومنتجاتها فى السودان , حيث لم يستفاد من تدفق عائدات النفط فى إعادة تأهيل البنيات التحتية فى مجال الزراعة وتهيئة الكثير من المشاريع الإستثمارية لتنوع الصادرات مما أدى إلى تدهور مريع فى مناطق الزراعة التقليدية وفى مناطق الرى المنتظم فى الجزيرة والقضارف ومشاريع النيل الأبيض . أما عن الزراعة فى الشمالية أصبحت مثلها مثل الزراعة فى الجنوب فى فترة نظام مايو مساحات محدودة للإكتفاء الذاتى المحلى . كما أن القطاع الزراعى فى السودان أصبح يعانى من التقسيم والبيروقراطية والتضخم فأصبحت بدل وزارة واحدة للزراعة فى السودان أصبحت هناك ثلاثة وزارات مما أنهك القطاع الزراعى الذى أثقل بالصرف والإنفاق على الموازنة الحكومية التجارية من وزراء ومستحقاتهم ومنصرفاتهم ونواب وزراء ووكلاء ووزراء ومحاسيبهم إلخ .. المشاريع الزراعية الكبيرة التى إنهارت : " 1 " مشروع الجزيرة : يقع مشروع الجزيرة فى منطقة وسطى ما بين النيلين الأبيض والأزرق وتعد من أخصب المناطق الزراعية فى العالم . وقد بنى المشروع وهو أكبر مزرعة فى العالم واحدة موحدة بمساحة 2 مليون فدان تروى برى الإنسياب الطبيعى الذى لايقبل إستعمال المضخات , وكل ذلك فى إطار إدارة واحدة موحدة لكل الأعمال بإنجازاتها وحساباتها وتسويقها . على ذلك كان من أنجح المشاريع الزراعية فى منطقة الشرق الأوسط , والذى كان يمول جميع عمليات الإنشاء والتعمير وتمويل الخدمات فى السودان جميعه شرقه وغربه فبنى التعليم والصحة والصناعة والطرق والكبارى والسكة الحديد وأصبحه منتوجه من القطن فقط يمثل الإئتمان الأوحد لتمويل جميع العمليات المالية السودانية على مستوى العالم . أسباب إنهيار المشروع : والإنهيار كان ناجما من خرق تركيبة المشروع الإدارية الأولى والتى كانت سببا فى نجاح المشروع والفساد ودخول غير المختصين فى الإدارة والقرار , وقاد المشروع زمرة من الجهلاء ذوى المصالح الضيقة , فإنهار المشروع الذى اصبح يدار بأيدى فاسدة وغير مؤهلة وبقانون مزرى . كما تم تسييس المزارع , وفرضوا عليه نظام التمويل الأصغر المفضى للإعسار بضمانة الأرض فإختلت الملكية وهاجر المزارع وتغير مزاج الملكية بدخول عناصر جديدة كل ذلك فى حركة سياسية بغيضة ومؤلمة أدت إلى ما حدث اليوم . إمكانية إعادة تأهيل مشروع الجزيرة : هناك فرص كثيرة لإصلاح هذا المشروع وهى جزء أصيل من سياسة القطاع الإقتصادى بالحزب , يعكف بروية على دراستها وتقديمها للمواطنين . التدهور فى مشاريع القطاع المطرى وأسبابه : محاولة زيادة الإنتاج أفقيا وليس رأسيا تتم فيه تخطيط المشاريع لإدخال اكبر قدر من الأفدنة تحت المشاريع المطرية دون الإهتمام بالتطور الرأسى فى الإنتاج , حيث كان يجب أن تكون السياسة كى نرفع إنتاج الفدان فيما هو مخطط من مشاريع وصب كل مجهودات الدولة وتمويلها وخدماتها فى المشاريع المطرية القائمة , لا أن نضيف مساحات جديدة فتختل أولويات الصرف وتصبح غير مجدية وغير منتجة فوجود عشرة مليون فدان مروى تنتج أكثر من إنتاج 100 فدان مطرى وهذه معادلة محبطة بغرض المقارنة , فلو كان الإهتمام هو الإهتمام بالتطورالأفقى بزيادة الرقعة بغرض زيادة الإنتاج فربما كان ذلك أجدى وأكثر تأثيرا على واقع الإقتصاد الزراعى فى السودان ومناطق الزراعة المطرية تتمثل فى منطقة القضارف , الجزيرة , كردفان , وجبال النوبة ودارفور والنيل الأبيض . ويمكن أن نورد بعض من هذه السياسات التى يجب تطبيقها على المدى القريب فيما يلى : 1 – إعادة تأهيل المشاريع الزراعية التقليدية والمنتظمة وتوطين النازحين فى مناطق الإنتاج الزراعى بعد تأمينها . " 2 " تقنين الصرف على الموازنة الجارية لإيقاف الترهل الوظيفى " 3 " دعم المستثمرين الصغار فى مجال الزراعة وتحفيزهم لدفع عمليات الإنتاج الزراعى بالبلاد " 4 " توجيه ورصد جزء كبير من عائدات الإستثمار النفطية لدعم الإنتاج الزراعى " 5 " إعفاء جزء من الجمارك المفروضة أو إلغائها على المدخلات الزراعية المستوردة لدعم وتأهيل القطاع الزراعى وفى الختام نحن نرى فى حزب المستقلين القومى التلقائى , القطاع الإقتصادى , وحسب ما أدلى به بروف/ مالك حسين حامد رئيس حزب المستقلين القومى التلقائى ورئيس القطاع الإقتصادى بالحزب , حيث قال فى هذا المضمار : " الإنتاج الزراعى ينبغى أن ينبنى على تفعيل القطاعات التقليدية على المستويات الريفية بحيث تنشغل بإنتاج محلى مستمر مع إعطائه العناية الفائقة ليكون متطورا من ناحية الكم والنوع ومتشكلا من حيث المجالات ليصبح النظام الكونى المتكامل فى المنطقة المعنية هو محور الإنتاج لإدارته إدارة علمية ومحاولة أخذ أقصى كمية ونوعية من الإنتاج وتحويل هذا القطاع الريفى التقليدى إلى منتجا لطعامه وشرابه لكى يتطور إنتاجه لينقله من مستهلك ومتلق للمعونات , لمنتج ومصدر فى آن واحد . وعلى الدولة أن تتحول من أبراجها العاجية لنقل مكاتبها وخدماتها إلى الريف بحجمه وتنوعه وأن يكون هناك إلتزام صارم لحماية الموارد الطبيعية وتطوير إستعمالاتها بحيث يكون الإنتاج إنتاجا فاعلا فى دفع التنمية وزيادة الدخل وزيادة متوسط مستويات دخول الأفراد . فى الحلقة القادمة : مشاكل الصناعة فى السودان الرؤية والحل