شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    شاهد بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم وصلة رقص فاضحة وتبرز مؤخرتها للجمهور وتصرخ: "كلو زي دا" وساخرون: (دي الحركات البتجيب لينا المسيرات)    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    المريخ يكثف درجات إعداده للقاء سانت لوبوبو    تمديد فترة التقديم الإلكتروني للقبول الخاص للجامعات الحكومية وقبول أبناء العاملين    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    الهلال والجاموس يتعادلان سلبيا والزمالة يخسر من ديكيداها    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    (في الهلال تنشد عن الحال هذا هو الحال؟؟؟)    تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    الإرصاد في السودان تطلق إنذارًا شديد الخطورة    الزمالة أم روابة في مواجهة ديكيداها الصومالي    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في سبيل إسترجاع "قلوبنا" من قبضة الإسطورة
نشر في الراكوبة يوم 12 - 12 - 2014

جل الأمم في العصور القديمة كانت تعتقد أن القلب هو جوهر الإنسان.. الجوهر الكلي. فحاز القلب على كل المساحات فجاء بمعناه التشريحي مرة والرمزي مرة أخرى ليكون هو العقل والبصر والبصيرة والضمير والنفس والشعور والعواطف وفي بعض المرات الروح.
في هذه العصور المتقدمة أصبح جل الناس العاديين يعلمون أن القلب مجرد مضخة للدورة الدموية ولا شيء أبداً غير ذلك.
غير أن الإستخدام الرمزي لكلمة "قلب" ما فتأ شديد الكثافة في الحياة اليومية لكل سكان الكرة الأرضية تقريباً. كما يجري توظيف القلب في الأغاني والأشعار والأداب والفنون بصورة راتبة ليرمز إلى بعض المعاني التي كللته في التاريخ السحيق من العواطف الجياشة والحنان وأضدادهما قبل أن ينكشف أمرة "التشريحي" رويداً رويداً ويتحول إلى عضلة عادية "مسكينة" من عضلات الجسد معرضة للإصابة بعدد من الأمراض القاتلة بسبب نمط الحياة العصرية الضاغط كما التدخين والمأكولات الدسمة والكلوسترول والتلوث البيئي. غير أن الناس "بعضهم متعمدين وآخرين ساهين" لم يتركو القلب في حاله بعد إنكشاف أمره لقد حاولوا جهدهم ليسجنوه في بعض أقبية ماضيه السحيقة مساقون بأرث جبار من الإعتقادات والتصورات البالية اللذيذة. ولو في بعض الأحيان تم الإستعاضة عنه برمزيته الفادحة في صورة صناعية خارجية مثلما يحدث في حالة الإشارة إلى "العواطف الجياشة" في صورة قلب أحمر يخترقه سهم من نصفه ليكون رمزاً للحب التجريبي عند المراهقين وفي عيد الحب المدعو "الفلانتاين".
بدأ أمر القلب يتكشف رويداً رويداً منذ العصورة الأغريقية والرومانية والعربية وعهد التنوير في أوروبا وإبن النفيس 1288م ووليم هارفي 1628م ثم توج الكشف في العصور الحديثة بشكل نهائي وحاسم وغير قابل للجدل في أطره العلمية والأكاديمية من كونه "القلب" في معناه الأصيل "التشريحي" ما هو إلا جهاز عضلي في غرف الفقاريات الصدرية يضخ الدم القادم من الأوردة إلى الشرايين، وبالتالي الحفاظ على تدفق الدم من خلال نظام الدورة الدموية بأكمله بأوامر وخطة طريق مرتبة من الدماغ..
وليس له أي معنى آخر خفي أو غامض ما دون ذلك
إذا أتفق معي البعض منكم على هذا التعريف وهذا الكلام في مجمله، إذن ماذا نفعل بإرث الماضي الكثيف الذي تمحور حول القلب وجعل فيه كل أسرار ومعاني الحياة؟. أعتقد أن المؤمنين في كل الأديان لن يتنازلو عن تصوراتهم العقدية عن القلب، كونها تمس النصوص المقدسة عندهم كل من زاوية إعتقاده ولا بد أنهم سيحاولون التأويل إن لم يفعلو بالفعل.
أشعر أننا ربما نكون أمام أزمة قلبية شديدة الوقع!.
والملاحظة الواضحة للملاحظ المطلع أن في جميع الأديان والمعتقدات والتيارات الآيديولوجية إختلافات في المقدار وفي النوع في أوجه عديدة من القضية المحددة حتى داخل المنظومة الواحدة ما عدا "القلب" جميعهم وبلا إستثناء يتفقون على معاني القلب السائدة دون أي تمييز ولا نظرة نقدية وفي معظم المرات في رومانسية شديدة الكمال من شاكلة قول المتصوف الكبير إبن عربي: (لقد صار قلبي قابلا كل صورة .. فمرعى لغزلان ودير رهبان .. وبيت لاوثان وكعبة طائف والواح توراة ومصحف قران .. ادين بدين الحب اني توجهت ركائبه فالحب ديني وايماني ).
والسؤال الذي ربما بدأ قاسياً لمحبي الرجل العظيم: هل كان إبن عربي يعلم ماذا يقول، يعرف ما هو القلب الذي يتحدث عنه أم أنه أنساق خلف الصورة النمطية المتوارثة للقلب في زمانه؟. وإن كان يعني: الروح أو العقل أو النفس فلما لا يقول ذلك صراحة؟.
تلك الأسئلة للتأمل وليست بالضرورة للإجابة الآنية كوننا الآن سنمضي إلى الأمام مع "القلب" في تجليات أخرى مختلفة أكثرة وضوحاً وصرامة.
نأخذ أمثلة من الأديان الشرق أوسطية الكبيرة مع لمحات من تصورات "قلبية" سابقة عليها ونذهب إلى الأمام واضعين في الإعتبار أن ليس من أهداف هذه المقالة مناقشة أو مقارنة الكلمة محل النظر في مستواها العقائدي "الديني" وإنما تم وسيتم الإستشهاد بما ورد عن وحول كلمة "قلب" في الأديان والحضارات والثقافات قديمها وجديدها وغيرها من المصادر والحقول مثل الفلسفة والعلم والفن والأدب و التراث الشعبي الشفاهي كما الحياة اليومية المعاشة، في سبيل عصف الذهن، وعلى أمل فض "القلب" عن إشتباكه الإسطوري بمعانيه الفائضة مع إرجاع تلك المعاني المعنية مثل الحب و العقل والتعقل والبصر والبصيرة والشجاعة والحساسية إلى قواعدها المحتملة التي لا مكان لها في "المضخة".
وهذه أمثلة منتقاة لل "قلب" من مصادرة مكتوبة في أزمان مختلفة. أقول "أمثلة" لأن الإحاطة الكلية بالكلمة مستحيلة بالرغم من أنني سأحاول المجي بعدد مقدر من المرجعيات. فعلى سبيل المثال وردت كلمة القلب بمعاني مختلفة في جميع الأديان السائدة في الوقت الراهن وأهمها الشرق أوسطية: اليهودية والمسيحية والإسلام. وقد حفل الكتاب المقدس بشقيه الأساسيين القديم والجديد بالقسط الأوفر من ذكر كلمة "قلب" 876 مرة. وكانت كلمة "قلب" في عديد المرات تشير إلى معاني مختلفة وأحياناً متعارضة.
وجاء في القران الكريم ذكر كلمة "قلب" حرفياً مفردة أو جمعاً "قلوب" 157 مرة. وأن أكثر الأيات صعوبة في التفسير لمعنى كلمة "قلب" كما حفلت به كتب الإختصاص هي الآية التالية من سورة الحج: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور). لدى هذه الآية "الوحيدة" يضع القرآن مكاناً تشريحياً واضحاً للقلب (القلوب التي في الصدور) كما هو معروف في العلوم التجريبية ثم يجعل القلب الذي هو في الصدر مكان العقل والبصر والبصيرة معاً. وأدناه بعض الأمثلة المعنية:
القلب في التوارة:
سفر التثنية 10: 12
"«فَالآنَ يَا إِسْرَائِيلُ، مَاذَا يَطْلُبُ مِنْكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلاَّ أَنْ تَتَّقِيَ الرَّبَّ إِلهَكَ لِتَسْلُكَ فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَتُحِبَّهُ، وَتَعْبُدَ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ"
أمثال 4: 21- 22
"اِحْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ [كلمات الله] . لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا، وَدَوَاءٌ لِكُلِّ الْجَسَدِ."
سفر التثنية 4: 29
" ثُمَّ إِنْ طَلَبْتَ مِنْ هُنَاكَ الرَّبَّ إِلهَكَ تَجِدْهُ إِذَا الْتَمَسْتَهُ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ."
إرميا 29: 13
" وَتَطْلُبُونَنِي فَتَجِدُونَنِي إِذْ تَطْلُبُونَنِي بِكُلِّ قَلْبِكُمْ."
يوئيل 2: 12- 13
" « وَلكِنِ الآنَ، يَقُولُ الرَّبُّ، ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ ..... وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ». وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ."
أمثال 3: 1- 5
" يَا ابْنِي، لاَ تَنْسَ شَرِيعَتِي، بَلْ لِيَحْفَظْ قَلْبُكَ وَصَايَايَ. فَإِنَّهَا تَزِيدُكَ طُولَ أَيَّامٍ، وَسِنِي حَيَاةٍ وَسَلاَمَةً..... تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ. فِي كُلِّ طُرُقِكَ اعْرِفْهُ، وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ."
القلب في الإنجيل:
متى 12: 33- 35
"لأَنْ مِنَ الثَّمَرِ تُعْرَفُ الشَّجَرَةُ. ..... فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ. اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ." وكذلك، تخبرنا
لوقا 16: 15
" فَقَالَ لَهُمْ:«أَنْتُمُ الَّذِينَ تُبَرِّرُونَ أَنْفُسَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ! وَلكِنَّ اللهَ يَعْرِفُ قُلُوبَكُمْ."
متى 5: 27 - 28
" «قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ."
متى 22: 35- 38
" وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ نَامُوسِيٌّ، لِيُجَرِّبَهُ قِائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ."
القلب في القرآن:
وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) سورة الشعراء
خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ(7). سورة البقرة
لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ( ..18
سورة الفتح.
ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة.. من سورة البقرة
فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " سورة آل عمران
أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. سورة الحج.
وجاء في الحديث: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ) [ متفق عليه.
القلب في مصر القديمة: في بردية من كتاب الموتى للخطاط عاني من طيبة، مصر الأسرة 19، حوالي 1275 ق.م.
في بردية كتاب الموتى هناك مشهد بخط الكاتب المصري عاني، وتتسلسل أحداثه من اليسار إلى اليمين. ففي الجانب الأيسر، يدخل عاني وزوجته ساحة الحساب، حيث نُصب في وسطها ميزان يستخدم لوزن القلب تحت إشراف أنوبيس، إله التحنيط، وتقوم روح "با" العائدة إلى عاني نفسه بمراقبة خطوات الحساب، وهي روح على هيئة طائر برأس إنسان، كما يراقب هذه المجريات آلهتين من آلهة الميلاد، ورجل يُمثِّل مصير عاني.
ويُوضَع في كفة الميزان اليسرى قلب عاني، الممثل في الصورة بالحرف الهيروغليفي لكلمة "قلب" (بشكل قلب حيوان من الثدييات)، بينما وُضِعَت في الكفة اليمنى ريشة ترمز إلى ماعت، وهو مبدأ النظام عند قدماء المصريين ومعناه "الحق" في هذا السياق. وكان قدماء المصريين يعتقدون أن القلب هو مَعقِد العواطف والأفكار والسمات الشخصية، ويُجسِّد بالتالي الجوانب الجيدة أو السيئة من حياة الشخص. فإذا لم يتوازن القلب مع الريشة، قُضي على المتوفى بالعدم، فيصبح فريسةَ "المُلتَهِم" الشرس الذي يظهر إلى اليمين في هذا المشهد، وهو وحش عجيب، بعضه تمساح، وبعضه أسد، وبعضه الآخر على شكل فرس النهر. "المصدر: المتحف البريطاني".
وفهم الكوشيين في السودان كما أسلافهم من الحضارات الأخرى: الأغريق والرومان والبابليين والصينين والأنكا والفرس والبربر والعرب والأفارقة وكل الأمم القديمة، فهمهم حسب كل المصادر التي عبرت منها لم يتباين أبداً عن ماهية القلب في إسطورته البدائية كمكان للجوهر الإنساني الكلي في تطابقه مع موضعه التشريحي كعضلة في الصدر وليس الرمزية التي جاءت في باب التأويل والتبرير في أزمان لاحقة.
كما أن الأدب (القصة والشعر وغيرهما) على مر العصور والأزمان كان سكراناً ب "القلب" وهكذا جاءت الأغاني وأبي فرج الأصفهاني وهلمجرا، وأنا قلبي دليلي "ليلى مراد" و قلبي مالو اليوم من جسمي فرَّ وراح دمتّ يامحبوبي ودامت الافراح "قلب سوداني".
وليس الأداب والفنون والسينما والمسرح من مفتوني القلب وحدهم وارثي القلب التليد بل الآيديولوجيات القديمة كما الحديثة المتصارعة من أقصى اليمين إلى أقصى يسار الماركسية أشد فتنة بالقلب وما جيفارا إلا ولد "قلبه" حار. ويقول المثل الألماني "الغميس": إذا كان الشاب قبل الثلاثين عاماً غير إشتراكي فلا قلب له وإذا ظل بعد الثلاثين عاماً إشتراكياً فلا عقل له. (المصدر: د. عبد المنعم مختار).
"كل تلك المفاهيم العقدية بدائية بالمقارنة لكنها حتماً متسقة مع معارف عصرها، إلا انها غير صحيحة علمياً، فالقلب ما هو إلا عبارة عن عضو عضلي يعمل كمضخة عالية الكفاءة للدم فقط، هذه هي وظيفته البيولوجية الوحيدة بإتفاق جميع علماء الفيسولوجيا دون اي استثناء، لماذا اذن تم ربطه منذ قديم الازمنة بالمشاعر والاحاسيس؟. السبب هو ان عملية ضخ الدم مرتبطة بالمشاعر والاحاسيس، او لو شئنا الدقة مرتبطة بردود الافعال التي تتطلبها المشاعر والاحاسيس الغريزية المختلفة... مثلا عندما نخاف يرسل الدماغ اشارة الي غدة موجودة فوق الكلى تسمى الغدة الكظرية، هذه الغدة تقوم بإفراز مادة مهمة للغاية اسمها الاندريالين، هذه المادة - او الهرمون - يقوم بتأثيرات عدة، منها زيادة معدل اطلاق الطاقة في خلايا العضلات وزيادة دقات القلب، فيستطيع الانسان القديم الذي كان يعيش في الغابات الهرب مما يخيفه، ولان اكثر التأثيرات وضوحا لهرمون الادرنيالين هو زيادة دقات القلب، لذا ربط الخوف والشجاعة وهذا على سبيل المثال. فهرمون الادرنيالين لا يفرز عند الخوف فقط، بل عند الغضب ايضا، وربما كان السبب وراء ارتفاع دقات قلب المحب عندما يقابل محبوبته هو ان عند أسلافنا البدائيين، كان الحصول على انثى يعني ان تخوض معركة ضد الذكور الاخرين، معركة يعني حركة عنيفة وسريعة، يعني إدرنيالين، ومجددا لاحظ القدماء ان القلب ينبض مع الحب، فظنوا ان الحب مكانه القلب..
اما السعادة والاطمئنان، فسببهما تأثير مادة اخرى تسمى الدوبامين، ولكن هذه المادة يفرزها الدماغ بنفسه، وبسببها يهدأ الانسان وتنخفض ضربات قلبه، فيقول القدماء ، إطمأن قلبه..
الصحيح هو ان جميع الافكار والمشاعر و الاحاسيس والقرارت والصلاح والفساد، مكانها الدماغ، وانه هو من يرسل الاشارات التي تتسبب في هذه التغيرات، التي خدعت القدماء وجعلتهم يظنون ان القلب هو مركز الاحاسيس والجوهر الكلي للإنسان، وأديان الحضارات القديمة كما الجديدة فهي سيان ظهرت للوجود في أزمان سحيقة وفي ذلك الوقت من الطبيعي ان تحتوي على الكثير من هذه الاخطاء العلمية التي لا تقلل من قيمتها كنصوص تاريخية".. شهاب كرار، بتصرف.
والسؤال: بعد هذا كله، ماذا نفعل مع هذه المضخة العظيمة المدعوة "قلب" كونها لم تتخلص بعد من إرث ماضيها، إنها من ضلالات الماضي الفاعلة في عين الوجود الحاضر وهي مرتبطة إرتباطاً جذرياً بالصراع السياسي والعقدي والآيديولوجي الجاري في عالم اليوم.. بل وبأكثر من ذلك، ب:الحب والكراهية، في إطلاقهما، في السياق التاريخي وخارجه!.
محمد جمال الدين لاهاي/هولندا
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.