المعارضة السودانية بكل أطيافها تثير العجب في تركيزها فقط على شعار إسقاط النظام ، وكأن الشعب السوداني يريد فقط إسقاط النظام ، الشعار المفرغ من أي محتوى سوى الندية والضدية التي لا تقدم لنا بلد ولا تعمره . هذا الشعار المتلأليء ، إسقاط النظام ، سوف لا، ولن يخدم لنا قضية وطن ، وأنتم تعلمون أكثر من اي فرد سوداني آخر ، أن هذا شعار أجوف تريدون به الوصول لكراسي حكم هذا الشعب المسكين ! أيضاً وحينها سوف تمارسون أسوأ أنواع الممارسات بنا إن مكنكم الله من رقابنا ، أيضاً . نحن نقبل هذا الشعار إذا كنتم فعلا ستغيرون من حال الوطن والمواطن الذي ظل يتدحرج للأسوأ منذ فجر الإستقرار ، وقد جربناكم في مايو فخرجتم علينا بعباءة حمراء ، لا تشبهنا ولا تشبه طبعنا ولا ديننا ولا ثقافتنا ، عباءة عرجاء ، لا طعم لها إدعاء التقدم والحضارة البكماء ، والحرية الجوفاء ، وعبيتمونا شعارات فارغة أيضا ، وأنتم تنخرون في دين العباد وثقافة البلاد ، لازالة وإزاحة كل ما يمت للدين بصِلة ، وقد جربناكم في مايو فجلبتم الخوار والبوار ، توتو كورة ، والڤودكا ، وخمس بيوت ، وصفوف الدعارة ، وعندما قنع الشعب منكم ، وتحولتم إلى معارضة لمايو ، حولتم نهارنا ليلا وإقتصادنا ويلا ، حتى سآلت وديان عسلاية عصيرا من انتاجنا ، وحولتم السكة حديدة خردة ، بعد أن كان الزمن يضبط على أوقات وصول القطارات ، جربناكم منذ نشأتكم فكان همكم واحد هو فصل الدين عن الدولة ، ولماذا يفصل الدين عن الدولة؟ ، ومن قال لكم ان الشعب السوداني بهذا الحد من الخروج على الله ؟ والخروج عن الأدب والأخلاق الاجتماعية ، وبهذا الدرك من التفسق والإنحلال والسقوط ؟ مرة في أيدولوجيا الكفر والشرك اللعين من السوفيات النافق، ومرة في براثن الرأسمالية المغيتة ؟ وجربناكم الآن بعمر هذا النظام ، وانتم تحيلون البلاد الى رماد ، تتكتلون وتناصرون كل خارج عن الله وكل خارج عن الدين ، وكل داخل للبلاد بأجندة ضد الله والوطن ، تتوسطون لهم وترسمون لهم وتتواطأون معهم حتى قسمتم الجنوب ورميتموه على النظام لتفتوا من عضده وتشوهوا سمعته ، وأقعدتم الإقتصاد ورميتموه على النظام ، لتسقطوا النظام !!!؟ هذا ليس إسقاط نظام ، إنما تريدونها عوجا ، وتريدوننا بلدا قعيدا كسيحا يتجرجر في العدم والضياع ويتمرمط في الخنا والذل الفكري والثقافي والإنهزام والإنكسار بإقعادنا إقتصاديا وإجتماعيا حتى يسهل عليكم القياد. وجربناكم بعد أن قسمتم البلاد إلى نصفين ، وأنتم تجلسون في مقاعد الآخر في المفاوضات ، وقد مالأتموهم ساندتموهم بالرأي وبإدعاء النضال وبالمال والعيال ، فقاتلتم في صفوفهم ، مأجورين ولا مأجورين ، ثم أنتم أولاء ، تريدون قضم ما تبقى من الوطن ، بإسم إسقاط النظام ، وأنتم تبدلون جلودكم من علمانية إلى ديمقراطية ، إلى ثورية ، بمليون جبهة وبمليون لون ومليون إسم ، تهدرون طاقات الشباب وتفتنونهم وتعبئونهم بالغرض والمرض ، عبأتم الناس ضد بعضهم ، بألوانهم وعقيدتهم وهوياتهم وثقافاتهم ، الدارفوري ضد مثلث حمدي والمسيري ضد الدينكاوي ، والمعالي ضد الرزيقي ، ورميتموها على الإنقاذ ، وإتخذتم تمثيل المنظمات العالمية تجارة وإستثمرتم في دارفور وانسان النيل الأزرق ، وفي جنوب كردفان ، تحت مسمى إسقاط النظام ؟ وإنما بإسقاط النظام هذه ، إسقاطنا وتفتيتتنا وإنما هي تجارة وإستثمار في طيبة هذا الشعب وبراءته ، وإنما هي فنادق وثيرة ، وإنما تريدون إسقاط عرق معين ودين معين ولون معين وتريدون تفتيت قوانا ، جيشنا ، وأمننا القومي ، وتريدون تفتتيت عقيدنا ووحدتنا ونماءنا. ما هو شكل برامجكم الإقتصادية والإجتماعية والعلاقات الخارجية بعد إسقاط هذا النظام ؟ وأي دستور ستضعون ومن أي نقطة ستبدأون تنميتنا ، وأنتم ترفعون شعار التغيير !!! تغيير ماذا ؟ والى ماذا؟ والى أين ؟ وأنتم بعد إسقاط نظام ستبدأوا بنا ، من تحت الصفر بإعتبار أن الحال كان إسلامي وأن الدستور كان إسلامي !!! فتهدومون كل شيء لتأتوا لنا بدستور ليس فيه حتى إسم الله ، بإعتبار أن فينا مسيحيون ! ولا دينون ، ومن قال أن المسيحيين ضد الله ، ومن قال أن دارفور ضد الله وهي قد عمرت الحرمين لآكثر من مئة عام ؟ ومن قال أن جنوب كردفان ضد الله ومن قال أن النيل الأزرق بمملكة سنار التي كادت ان تبلغ بالإسلام حتى أبواب أوروبا ، من قال أن اللادينين ، ضد دين ، وضد الله ، أو أنهم علمانيين وديمقراطيين جدد ، لتتحدثوا بإسمهم لإسقاط النظام ؟ أنا اتحدى جميع المعارضة أن يأتونا بمعالم دستور فيها ، الله قصدا والإسلام سبيلا والوطن قبلة !!! أتحدى أن تحلوا لنا معضلة الهوية التي عمقتم ، وشرذمتم وزدتم الناس من خلالها غبنا ، أن تأتوا لنا بمن يريد أن يرتق حال الهوية ، بين من سميتمونه عربي وأفريقي وبين ممن عبيتموه على أنه غرابي وشمالي أو نيلي ، ومن يريد أن يصلح القبائل ويرشد الشباب عما أحدثتموه لهم من ضياع وإنبتات في الفكر والأخلاق !!!! إن أسوأ أنواع الإستغلال هو إستغلال الشعوب ، وأسوأ أنواع الضلال هو التدحرج من الحق إلى الباطل ، وإلى الإلحاد ، ومن النور الى الظلمات ، ومن الله إلى الطاغوت . إلى أي تقدم ، وأي حضارة والى أي رب ؟ والى أي ديمقراطية ، تدعوننا يا هؤلاء ، أإلى ديمقراطية ، الفوضى الخلاقة ، واللا قانون واللا إنسانية واللا قيم واللا حدود ؟ واللا بقاء ولا إبقاء ؟ ثم إلى إسقاط نظام فقط وبعده هاوية دستورية وسياسية وفوضى خلاقة؟ ونحن نراكم تنقلبون على نفس الديمقراطية في مصر وفي الجزائر وفي ليبيا ، فحولتونا في هذه الأيام النحسات المخابيل ، إلى إنهيار ، ورأينا ودار وقبيح عار؟. إن ما يشعر به المواطن العادي في السودان في كل بقاع السودان ، حتى في المناطق التي إستحللتم ، ليشعر بأن فيضان الغل والغبن الذي عبأتم به أتباعكم ، بدرجة عالية ، وشيطنتم به جنانهم وغيرتم به مكانهم ، أن هذا الغل سيبلغه ، إن مكنكم الله ، وأن الناس في مثلث حمدي الذي رسمتموه جورا وبهتانا ، وبغض النظر عن إنتماءاتهم وولاءاتهم وبغض النظر عن دينهم وميولهم السياسية ، ولمجرد انه يقطن مثلث حمدي ، ولمجرد أن سحنته عروبية ، إلا من ترضون عنه ، لهم أكثر شعورا وغبن هذا الطوفان ، الذي أوجدتم بين الشعب الواحد ، بأنكم سوف لن ترقبوا فيهم إلاًّ ولا ذمة وسوف لن تدعوا لهم كبد لا يُفت ، أو ربا يعبد ولن تتركوا لهم مساجد وبيع وصلوات يذكر فيها إسم الله ، وسوف ان تتركوا فيهم عرقا ولا عروبة ولا إسلاما ولا بيتا قائم ولا طفل نائم وستسومونهم سوء العذاب ، تذبحون أبناءهم وتستحيون نساءهم ، والأمر عندهم ليس إسقاط نظام . الرفيع بشير الشفيع [email protected]