(عفوا إذا غاب هذا العمود لأيام فلقد رحلت شقيقتي الكبرى رحمة الله عليها) إذا كنت قد تناولت مسيرة (الحزب الوطني الاتحادي ) والذي افرزه مؤتمر الخريجين وأولاه الشعب السوداني ثقته في أول برلمان عندما منحه الأغلبية النيابية التي مكنته من إن ينفرد بأول حكومة وطنية وان يعلن الاستقلال وحمله مسئولية أن يكون المؤسس لدولة موحدة تتعايش فيها العنصريات والجهويات والأديان المختلفة وان يقدم نموذجا لمؤسسة حزبية ديمقراطية جامعة لكل قوى الوسط لأنه كان وحده المؤهل لذلك طالما إن بقية الأحزاب في السودان أما عقائدية متطرفة تحكمها نظريات أو مفاهيم لا تقبل الآخر أو إنها طائفية مملوكة لأسر خاصة بنظام الإرث إلا إن الحزب الوطني الاتحادي كما أوضحت فشل في أن يحقق آمال الشعب التي تعلقت به وانه – بعيدا عن المكابرة - خرج ولن يعود بسبب أخطاء تاريخية وحاضرة شاركت فيها قياداته بدرجات متفاوتة إلا إن الضربة القاضية التي كتبت نهايته عندما أصبح ملكا وارثا لأسرة الميرغني تتوارثه ابنا وحفيد. وهنا لابد أن يبرز السؤال: إذا كان حزب الحركة الوطنية خرج ولن يعود وان الأحزاب العقائدية يسارية أم دينية أو طائفية ولن أقول الأحزاب الهامشية التي فاقت المائة حزب وأكثر التي عجت بها الساحة بعيدا عن أي ارتباط جماهيري أو أي قواعد شعبية والتي يدفع ملاكها البحث عن مواقع في السلطة فكيف يكون المخرج للسودان من هذا المأزق الذي بلغ اخطر مراحله بتمزق السودان وما تبقى منه في الطريق للتمزق تحت العنف والحروب التي طالت الكثير من مناطقه بسبب فشل الحكم الوطني في تحقيق توحده في تعايش وأخاء ومساواة من مختلف عنصرياته وجهوياته وأديانه فكيف يكون إذن المخرج. المخرج إذن في أغلبية شعبه التي توصف بالأغلبية الصامتة وهى في حقيقتها المهمشة ولكنها بدون شك الأغلبية الرافضة للواقع السياسي بكل مكوناته الخربة حاكمة ومعارضة والتي تتحمل مسئولية إجهاض أي أمل في إصلاحه كما إنها في نفس الوقت هي الضحية التي ظلت تتحمل فشل الحكم الوطني منذ رفع الحزب الوطني علمه المسمى بالاستقلال ولم يجنى الشعب من هذا العلم إلا الندم على رحيل الانجليز . نعم هي الأغلبية التي وقع عليها ولا تزال تسدد فاتورة هذا الفشل بما تعيشه من معاناة في كافة أوجه الحياة وهى تفتقد لقمة العيش ويفتك بها المرض ويتساقط مرضى الفشل الكلوي والسرطانات بعد أن أصبح المرضى أسرى النهب المصلح في المستشفيات الخاصة التي تفتقد أي مقومات للعلاج وبعد أن أصبح التعليم الذي افتقد كل عناصره مصدرا للنهب وإفقار الأسر بدلا من أن يكون مصدرا لرفع مستوياتهم المعيشية وبعد أن أصبحت العطالة هي المصير المحتوم بعد كل هذا الاستنزاف وهذا قليل من حجم المعاناة التي طالت كل أوجه حياة المواطن ولا يسع المجال التفصيل فيها فان المخرج إذن لابد أن يكون في سيادة كلمة هذه الأغلبية من رحم المعاناة والرافضة لكل القوى السياسية بلا استثناء لأنها لم تعد تنساق وراء هذا الوهم المسمى بالقوى السياسية التي تتحارب وتتحالف من اجل السلطة غير معنية بهموم الشعب والتي يتعين عليها أن تسترد حقها بالوحدة سلميا ودون إذكاء لنار الفتنة والحروب والعنف لوقف الصراع من اجل السلطة والتي أدخلت السودان في نفق مظلم منذ أن تحرر الوطن من الاستعمار الانجليزي ليصبح مستعمرة ( أسوأ ) لطلاب السلطة والذين يقتتلون من اجلها وباسمه وهو براء منها بلا استثناء مهما كابر المكابرون وروج المدعون. من كل جوانبهم وفى المقالة القادمة أتناول كيف لهذه الأغلبية أن تحقق المخرج وكونوا معي