لا أدري ما هو سر الاحتفاء بالبطن عند بعض الناس... الذين يولونها عنايةً خاصة، ويمهدون لها كل أسباب الرعاية لكي تنمو الي حد التبختر؟!! فضولي لإجاباتٍ مباشرة دفعني لمناقشة الامر مع صديقي المحامي الشاب، الذي يتمتع ببطن تزهو مترعرعةً الي الامام. فأجابني بكل فخر بأن (الكرش) عنده تُعتبر أحدي الضرورات التي يتطلبها المظهر الاجتماعي للمهنة. وسألني متهكماً: كيف أضع ربطة عنقي دون كرش تسندها من الخلف؟ وفي مناسبة أخري، كنت أستمع مندهشاً لإحدي النساء، وهي تعمل جاهدةً لزيادة الكرش حتي يتسني لها الاحتفال بمظهر لائق في أحدي مناسباتها العائلية المرتقبة. من الحالتين المذكورتين، يتبين لنا جلياً أن هناك بعض المفاهيم الاجتماعية الخاطئة، والمؤثرات الثقافية السالبة التي تلعب دوراً مهماً في وجود الكرش. ومن الاعتقادات الخاطئة في مجتمعنا السوداني أن الولادة تعتبر مبرراً لظهور الكرش، ولو كانت المرأة في عمر زهورها اليانع، فهي بالتالي لا تبذل أي مجهود للتخلص منها. أما الذكور فنجد الكثير منهم يسعي نحو الكرش بمجرد حصوله علي وظيفة، و تخلصه من عناء البحث عن عمل، وبالتالي يستطيع أن يُظهِر لأقرانه (بلغة البدن) كم هو مستقر مهنياً... ! وذلك بظهور مبكّر للكرش. الكرش هي إحدي العلامات البارزة لزيادة الوزن، أو البدانة، أو زيادة متوسط محيط الجسم (BMI) وهي كلها مؤشرات تدل علي ممارسة نمط حياة غير صحي. ومن أعظم العوامل والممارسات التي تودي لهذا الوضع الغير صحي هو الحياة الخاملة التي تنعدم فيها ممارسة الرياضة والحركة البدنية؛ والعادات التغذوية السيئة مثل الإكثار من تناول الدهون، والمشروبات الغازية، والوجبات الدسمة الاخري. ومن المظاهر الحياتية التي تُكرس مثل هذه المشكلات الصحية أننا شعبٌ يحب كثيراً أكل اللحوم خصوصاً الحمراء، مهما أرتفعت أسعارها، حيث لا نكاد نتصور أي وجبة علي المائدة دون أن نتفقد صحن اللحمة؛ ونهمل كثيراً تناول الخضروات والفواكة والبقوليات، مهما قلّ ثمنها، علماً بأن بيوتنا الشاسعة تسمح بزراعة الكثير منها. وفي كثير من الاحيان يعود صحن الارز أو العدس أدراجه الي المطبخ دون أن يتذوقه أحد. تتكتل الدهون في الجسم علي الغالب في الأرداف في شكل (كمثري) ويظهر هذا بشكل أكبر عند السيدات؛ أو علي البطن في شكل (تفاحة) ويغلب هذا في الذكور. ويُعتَبر تكتل الدهون علي البطن من أكثر العوامل التي تسبب مشاكل مظهرية وجمالية؛ أضافة للمشاكل الصحية الخطيرة المتعلقة بأمراض القلب وتصلب الشرايين، وضغط الدم، ومرض السكر، والسكتة الدماغية وغيرها من الامراض المزمنة. ويتعلل الكثيرون بأن ما يجدونه من مشاق الحياة والعمل، واللهث وراء وسائل المواصلات يُعتبر رياضة، وانه يكفي لحرق الدهون وما يتناولونه من سكر ومواد دسمة ...! فنقول لهم بأن ذلك لا يُعتبر رياضة بالمفاهيم والمقاييس العلمية، وليس له مردود في أغلب الأحيان في التخلص من الأحماض الدهنية والمواد الاخري الناتجة من التغذية غير الصحية. للتخلص من البطن يستجيب الكثيرون لتأثير الإعلانات التلفزيونية التي تسعي لتسويق المنتجات التجارية لبعض المؤسسات التي تسعي للربح السريع مثل؛ حزام البطن، وشورت التخسيس، والملابس الرياضية الحرارية وغيرها. ولكن كثيراً من هذه المنتجات لم تثبت جدواها العملية، ولم تجري عليها بحوث علمية تثبت فاعليتها. كما أن بعض اليائسين من عمليات التخسيس يلجأون لتناول الأدوية مثل الليبو 6 (lipo)، والشيتوكال (chitocal)، والزينيكال (zinical)، وغيرها؛ بينما البعض الآخر يلجأ للعمليات الجراحية مثل ربط المعدة، وشفط الدهون. ولكن يجب أن نشير الي أن هذه التدخلات هي في الغالب مصحوبة بكثير من الآثار الجانبية التي تصل لحد الوفاة. وللتعرف علي المخاطر المصاحبة لمثل هذه الحلول المكلفة يمكنك قراءة البحوث المنشورة في قاعدة بيانات (PubMed) في الرابط أدناه: http://www.ncbi.nlm.nih.gov/m/pubmed...o+Liposuction+ لذلك يبقي الحل الأمثل للتخلص من الكرش هو ممارسة التغذية السليمة والانشطة الرياضية. ولاتباع حمية غذائية صحيحة، أو ممارسة نشاط رياضي فاعل نحن نحتاج لاتباع الطرق المعتمدة التي أثبتت جدواها. وأنصح بزيارة هذا الموقع الذي يقدم بعض الانشطة الرياضية مدعومة بالصور في الرابط أدناه: http://www.tadawoo.com/413 ممارسة التغذية الصحية والتمارين الرياضة أثبتت جدواها الكبيرة في تقليل الوفيات الناتجة من الامراض المزمنة؛ كما أنها أحد العوامل التي تلعب دوراً كبيراً في المحافظة علي نضارة الجسم، وجاذبية المظهر، وزيادة متوسط العمر المأمول في الحياة. ولتحقيق هذه الأهداف لابد أن يتبني كل المجمتع؛ بكل فئاته العمرية؛ ومن الجنسين كل أشكال الرياضة، وأن تصبح الرياضة جزءً من حركة الحياة اليومية، علي الأقل الركض نصف ساعة في اليوم لمدة خمسة أيام أسبوعياً. ولابد من أن تشمل خطط الدولة في التخطيط العمراني أفساح ميادين وحدائق عامة مخصصة للرياضة؛ وكذلك تخصيص مساحات كافية للمشاة في الشوارع العامة. حبانا الله وأياكم بحياة عامرة بالبذل والعطاء، ومزدهرة بالحيوية والنشاط، ومزدانة بالصحة والعافية، ومليئة بالأخلاص والتقوي. عزالدين فضل آدم جامعة طوكيو للطب والاسنان محاضر بكلية الصحة، جامعة الخرطوم [email protected]