حزب المؤتمرالوطني اختار لنفسه عنواناً لبرنامجه الانتخابي (نقود الاصلاح.. ونستكمل النهضة)... والآن انتهت الانتخابات بخيرها وشرها.. أليس جديراً أن نسأل المؤتمر الوطني بكل احترام كيف (سيستكمل النهضة)؟ كلمة النهضة Renaissanceفي التاريخ الإنساني يقصد بها الفترة من القرن ال(14) حتى القرن (17) في أوروبا وبالتحديد في إيطاليا.. ومثلت الفترة التي (نهضت!!) فيها أوروبا في مختلف المجالات. بعبارة أخرى ، فإن الراهن الذي تعيشه أوروبا الآن بكل حداثته ورونق التكنولوجيا المتقدمة فيه.. لا يُسمى (نهضة)..!!فعصر (النهضة) انتهى (زماااان) في القرن السابع عشر.. فما هي (النهضة) التي يريد حزب المؤتمر الوطني أن ينهضها اليوم في القرن ال(21) بعد أربعة قرون من عصر (النهضة). حزب المؤتمر الوطني كان يقصد بشعاره هذا أن (نهضة!) السودان بدأت في العام 1989 يوم ولدت (الإنقاذ).. وأن السنوات الخمس القادمات هي (ما تبقى) من استكمال (النهضة).. وهنا تكمن المصيبة..!! ليست مصيبة أن يتجاهل المؤتمر الوطني كل تاريخ السودان فيؤرخ ل(النهضة) من يوم ميلاده فحسب.. بل و مصيبة حكاية أن (النهضة) مستمرة لخمس سنوات قادمات!! هل يُعقل هذا؟؟ بالتأكيد (نهضة) السودان لم تبدأ في 1989.. فالسودان الحديث وطن ناضج موفور القوام منذ مطلع العشرينات.. بل وشهدت فيه الفنون والمعارف والفكر الوطني والعلوم والتكوينات السياسية عنفوانها في مطلع العشرينات حتى الأربعينيات. غالباً المؤتمر الوطني وقع في فخ أنه كان يبحث عن كلمة (رنانة!) أكثر من برنامج حقيقي.. ولهذا لا أتوقع أن يكون (تحت القبة) أي (فكي) سوى رنين العبارة.. لا برنامج ولا يحزنون.. فتنتهي الانتخابات وتوابعها من تعيين الدستوريين وتدور الساقية.. ساقية (يوميات) الحكم العادية التي لا تنتظر من الأفق سوى مغيب شمس يوم لتشرق شمس اليوم الذي يليه.. عندما تطوع الدكتور قطبي مهدي – وهو من هو في تاريخ الحزب- ووصف حزبه المؤتمر الوطني بأنه (دواء فاقد الصلاحية) كان يقدم (شهادة فقدان) القدرة على استلهام المستقبل.. فحزب لا يكثرت لمعاني شعاراته التي يبني عليها برنامجه لا يمكن أن يصنع برنامج المستقبل. وفي تقديري هنا تكمن مشكلة السودان!! مشكلة السودان ليست في حرب تحرق أطرافه أو في أزمة سياسية أو اقتصادية فحسب.. فكل ذلك هو مجرد أعراض المرض.. بل المشكلة هي في (الرؤية) التي يجب أن يقوم عليها قوام الدولة والبلاد.. وبكل أسف هذه (الرؤية) كالإبرة في كومة القش ضائعة بين حكومة تستبسل في الحكم من أجل الحكم.. ومعارضة تستبسل في المعارضة –أيضاً- من أجل الحكم. بلدنا في حاجة ماسة لتأسيس (حلم سوداني) مبني على (الرؤية) التي يصنعها جماع عقولنا المستنيرة.. فليحكمنا الساسة ما شاءوا.. لكن على الأقل بأحلامنا وعقولنا نحن..!! نترك لهم الحكم.. على أن يتركوا لنا أحلامنا ومستقبلنا.. تعالون نحلم بوطن نستحق أن نحلم به.. هل هذا مستحيل؟؟ التيار