في 1984 والسودان في خضم أزمته،حرب مشتعلة في الجنوب،واقتصاد تم وضعه في جيب صندوق النقد الدولي الخلفي،وقوانين سبتمبر تلهب ظهور الغلابة بالسياط،وشيوعيون ومعارضون تمتلئ بهم المعتقلات،كان هنالك سدنة وتنابلة من سئ الذكر(الإتحاد الإشتراكي)يجهزون لاحتفالات الولاية الثالثة للمخلوع نميري،لا في مجلس الشعب(المجلس الوطني حالياً)،بل في قاعة الصداقة . والإتحاد الإشتراكي آنذاك يضم المايويين والكيزان،أي التعيس وخايب الرجاء بلغة أهل السودان. من مال الشعب،نصبت آنذاك الصيوانات علي طول شارع النيل،وتكونت لجان الإحتفال بتنصيب(الرئيس القائد)،وتم تأجير البصات لنقل(المخدوعين)إلي نواحي قاعة الصداقة ووزعت عليهم أعلام الورق الملونة،والسندوتشات،والمرطبات،ليراهم ضيوف البلاد من الرؤساء الذين قدموا لمشاركة نميري احتفالاته. وأنيرت قاعة الصداقة بكل أشكال الأضواء الملونة،بينما تغرق قري الريف في الظلام الدامس،وصنعت النافورات علي عجل لتجميل مكان الإحتفال،بينما الموية مقطوعة في الحاج يوسف،ولبس الأرزقية حللهم،وعلقوا ديباجات الدعوة علي صدورهم،حتي لا يتسلل(الطابور الخامس)إلي مكان الإحتفال فيفسد فرحتهم. وانتشرت قوات الامن علي جانبي الطريق،وحلقت طائرات الهيلوكوبتر في سماء الخرطوم،ورابطت عربات مدرعة ودبابات في مداخل الكباري. وانتشرت كاميرات الإعلام في قاعة الصداقة،وأتت فرق موسيقية وفنون شعبية،وانتظر السدنة قدوم موكب رئيسهم وقد كان. أتي أسطول العربات والمواتر وفي وسطه العربة الرئاسية السوداء،المظللة،يشق الطريق بسرعة الضوء،خوفاً علي حياة المخلوع،ثم أجريت مراسم الإستقبال،وصدحت الموسيقي(خطوة عديلة يا جعفر)،ورقص السدنة والسادنات طرباً،ثم قال النميري خطابه (وما أدراك ما خطابه)،وتفرق السدنة إلي بيوتهم،كما تفرق مال الشعب عليهم،واطمأن بالهم علي دورة رئاسية مدتها 6 سنوات،أتت علي خلفية استفتاء مزور،بيد أن الشعب أطاح بهم وبإمامهم المخلوع بعد أقل من سنة علي ذلك التاريخ. بالأمس القريب تكررت مناظر الفيلم البايخ،بحذافيرها،إلا أن المكان تغير،والشخصيات تبدلت،بينما النتيجة واحدة(لم ينجح أحد). أما هذه النتيجة فقد عبر عنها الدكتور التيجاني عبد القادر وقد كان من قادة الإتجاه الإسلامي(علي أيامنا)إذ قال(أما السذج من أمثالنا،والذين دخلوا في الحركة الإسلامية علي أمل أن يتمكنوا من بلورة برنامج إسلامي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة والعدل الاجتماعي،أو علي امل أن يوصلوا أصوات الفقراء المستضعفين إلي مسامع السلطة،هؤلاء الساذجين عليهم أن يبحثوا عن طريق آخر،فالرأسمالية المتوحشة قد استولدت لها أنصاراً في صفوفنا الأمامية). أما أولئك الذين رقصوا طرباً (في التنصيب)،فقد كانوا يرتجفون هلعاً في محاكم ما بعد الإنتفاضة،ورئيسهم المخلوع(لابد في مصر) علي أيام ديكتاتورية حسني مبارك،لم تنفعهم(نقولا نعم ليك يا القائد الملهم)،ولا أمتي يا امة الأمجاد،ولا أمريكا التي كانت تدعمهم بالمعونة الأمريكية،وتشد أزرهم بمناورات النجم الساطع. من طرف(التنصيب)جات أغرب رسايل،حاجة حارة وحاجة باردة وكم(شمارات)والقوايل . [email protected]