مدخل : فى ختام هذه السلسة التى تناولت فيها النظام الفيدرالى أو بما عرف تدجينا " بالحكم الإتحادى السودانى " – حيث أوضحت أن المشرع الفلسفى فى السودان إختاره لأسباب عديدة منها أنه النظام الأصلح لدولة كالسودان مترامية الأطراف تتعدد فيها الأعراق والثقافت واللهجات ولأن النظام الفيدرالى يحتوى كل هذه التنوعات فى وحدة جاذبة ولأنه كذلك النظام الذى يتيح الشراكة فى الحكم لأكبر قدر من الوحدات السياسية والمعبر عن الواقع النظري والأيديولوجي كمرشد وموجِّه لعمليات البناء المؤسسي للنظام المستند على إرث سوداني مرتكز على تراث كبير من الحكم والإدارة للبلاد منذ السلطنة الزرقاء والدولة المهدية . بما يحقق التنمية والتوازن السياسى والإجتماعى المنشودين فى السودان . وتناولت تجربة التطبيق فى السودان مقارنة مع الدول التى عملت بهذا النظام كالإتحاد السوفيتى والولايات المتحة الأمريكية والهند إلخ .. ضف إلى ذلك أن الفيدرالية تتيح التواصل بين الوحدات السياسية بواسطة دستور إتحادى يحكم العلاقة البينية بينها بشكل يوفر العدالة والإستقرار السياسى . وقد تناوات أيضا الإنتقادات التى ووجهت لتطبيق الفيدرالية فى السودان لأسباب غير علمية بل سياسية مناوئة . وأيضا النجاحات التى اصابها تطبيق الفيدرالية فى السودان . دور الحكومة المنتخبة فى إرساء مفاهيم الفيدرالية : جاء تطبيق الفيدرالية فى السودان فى العام 1994 م , لمعالجة جملة من الإختلالات فى مجال الحكم والإدارة مرتكزا على مرجعيات قانونية وسياسية منها إتفاقية السلام الشامل ومؤتمر جوبا ودستور 2005 م الإنتقالى وعلى ضؤ مبادئ الشريعة الإسلامية , كما إحتشد تطبيقها على مراسيم جمهورية كثيرة مما يؤكد غياب دستور إتحادى يعضد ويعرف العلاقة بين مستويات الحكم المحلى المختلفة – حيث يمكننا القول أن الفترة الفترة الممتدة من عام 1994م شهدت عمليتين إنتخابيتين فى 2010 وأبريل 2015 م , للمرحلة من هاتبن المرحلتين سماتها وبصماتها فى دعم وترسيخ سياسات وتطبيقات الحكم الفيدرالى " لتجاوز قصور الدوافع القومية أو الإقليمية الضيقة في حل إشكاليات التنمية والنهضة الاقتصادية والقوة المادية والأمنية والدفاعية " د. محمد أحمد محمد راني أستاذ الإدارة العامة – قسم العلوم السياسية جامعة النيلين على الأقل فى تلك المرحلة " السياسية الحامية الوطيس السياسى حينئذ أصابت الكثير من النجاحات حيث تطورت جهود بناء النظام الاتحادي وهي تسعى لترسيخ مبادئه بتبني محتوى ومضمون وشكل الفيدرالية التعاونية الحديثة في ظل مباديء الشريعة الإسلامية والحكم الراشد؛ وقد أفلحت هذه الجهود من تحقيق الاستقرار السياسي والتنمية والسلام الاجتماعي واللامركزية الفيدرالية بصورة نسبية ومن منطلقات بناء استراتيجي للوصول إلى الغايات والأهداف " المصدر السابق وذلك لأجل خلق كيان جديد أكبر حجما من الناحية السياسية يضم فى حواشيه قوميات و أقاليم وقبائل إتسمت بالصراعات والإحترابات والتداخل العرقى والتنوع الثقافى . وعلى الحكومة الإتحادية القادمة دور هام مناط بها فى إرساء مفاهيم وقيم الحكم المحلى فى إطار مبادئ الحكم الفيدرالى . وأن تعى جيدا للأخطاء التى لازمت تطبيقات التجربة فى مراحلها الأولى والتى إمتدت لأكثر من عقدان من الزمان. وأن تفصل بشكل علمى حاسم التداخلات بين الأجهزة الإتحادية المختلفة وأن تعيد النظر بشكل جدى فى مسألة توزيع الثروة وإشراك المواطن فى إدارة الوحدات السياسية التى تشكل عصب الحكم الفيدرالى فى السودان كما عليها أن تراعى خصوصية السودان الإجتماعية والعرقية والثقافية , و هناك شئ هام اشار إليه أغلب المفكرين والمحللين وأساتذة الإدارة والعلوم السياسية بالجامعات الضباط الإداريين القادرين على تطور الحكم الفيدرالى بشكل علمى ينأى عن الترضيات والمجاملات السياسية لتحقيق ما يأتى : " أ " إرساء الحكم الفيدرالي على أسس واضحة لتوزيع السلطة والمسئولية والثروة والموارد بموجب قوائم لتوزيع السلطة إتحادياً وولائياً ، وبيان السلطات المشتركة وكما هو معلوم أنه أعطيت الشخصية الاعتبارية للمجالس المحلية فأصبحت ذات استقلال إداري ومالي واضح بموجب قانون خاص بالحكم المحلي , إلا أن الفترة السابقة أفرزت الكثر من التداخلات والأخطاء التطبيقية " ب " توكيد وتأمين المشاركة في السلطة بصورة واسعة في إطار مركزية ديمقراطية تعددية سياسية محدودة ساهمت في خلق تعددية سياسية أصيلة ما بعد 2005م وهذا أيضا جانب أفرز الكم الكبير من الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تصبو لحكم وإدارة البلاد للمرحلة ما بعد الانتخابات القومية والإقليمية المعلنة في أبريل 2010م , كما على الحكومة الإتحادية القادمة أن تخلق برامج عمل مشتركة لكل الأحزاب السياسية المسجلة حتى وأن لم تشارك فى الإنتخابات لتأكيد دورها فى دعم وتطوير الحكم الإتحادى فى السودان كمؤسسات إجتماعية سياسية لابد أن تلعب دورا فاعلا فى إدارة البلاد . . " ج " تقصير الظل الإداري والسياسي بتقريب النظام الإداري لعتبة البيت السوداني لتصبح السلطة قريبة من المواطن لحلحلة إشكالياته الخدمية والتنموية بالدعم الحكومي أحياناً وبالاعتماد على الذات في كثير من الأحيان , وهذا لايتأتى من خلال تنظيمات سياسية حزبية وليس لجان أحياء مختبئة فى كثير من الأحايين ومتوارية لارغبة لها فى تقديم خدمات للمواطنين . " د " الوصول إلى وضع صيغ متغيرة للسلطة والمسئولية والموارد، من أجل تفعيل سياسات التنمية المتوازنة، والتي لعب صندوق دعم الولايات دوراً كبيراً في هذا المجال ما قبل نيفاشا 2005م وقيام مفوضية تخصيص ومراقبة الموارد المالية 2006م، وإنشاء الصندوق القومي للعائدات . ولابد أيضا أن تركز الجهود فى جعل الوحدات السياسية الطرفية " الأقاليم " أن تبتكر مصادر دخل وتمويل ذاتى لرفع العبء عن الخزانة العامة . . " ه " تقديم الحل لإشكالية الصراعات المسلحة فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق بإعطاء مجلس الولايات الجديد المنتخب الصلاحيات الكاملة ق التشريع بما يناسب أعراف وتقاليدا وثقافة بؤر الصراعات الإقليمية لحسم مسألة الصراعات بشكل سلمى وعلمى في ضوء مباديء الحكم الذاتي الإقليمي الراشد وتقرير المصير والاعتراف بالهوية ومباديء الحكم الراشد " د " دفع وتائر التنمية الاجتماعية والاقتصادية برفع معدلات الإنتاج برفع متوسط مستوى دخل الفرد وتحفيزه لرفع إجمالي الناتج القومي والمحلي، والتوسع في البنى التحتية ، اعتماداً على الذات بالإضافة إلى الدعم المالي القومي الذي زاد بصورة هائلة بعد إكتشاف وتصدير النفط فى السودان . والله من وراء القصد