(1) بنية اللاوعي الثوري :- غريب علي القُراء... اليوم نوجه قلمنا لتناول موضوع يغشاه الكثير من عاشقي الكتابة التعرض علية... وهي الحركات المسلحة و التي افترضنا عليها الثوره منذ زمن بعيد، حتي اثبت لنا العكس ،اي كانت اصطلحت عليها اسم الثوره و بعد زمنٍ لم تستطيع الارتقاء لذلك الاسم و اثبتوا لنا عكس ذلك ... (وهم الثوره)... و الذي نقصده هو ذلك القتال التي جرت في دارفور، بإسم الثوره والذي بدأت منذ 2003م وحتي اليوم مازال مستمر لا ندري الي اين ستقف ؟؟؟ حتماً ستدخل جيوب المنتفعين بها (ثروه). لا شك في النظر لواقع الشعب السوداني في كافة ربوع البلاد في امسه الحاجة لثوره حقيقية، و إن الظلم و التهميش الذي لحق بعامة المجتمع كفيل بتفجير الثوره من داخل البيوت في المدن و القري . وإن اراده الشعب لثوره حقيقية توفرت منذ زمنٍ ليس بقريب، ذلك الإراده ترسخت داخل كل مواطن سوداني أصيل يحركه نحو التغيير. و لكن الذي حال دون تحرك الشعب نحو ذلك هو فكره الثوره، وفكره الثوره تنطوي علي كثير من المضامين لا اريد التعرض علية إلا لبعض منه. (2) الثوره : الثورة كمصطلح سياسي هي الخروج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع يحركه عدم الرضا أو التطلع إلى اﻷفضل أو حتى الغضب، و كذلك عرفت الثوره بتلك العملية التي تقوم بها الشعب بقيادة نخب وطﻼئع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة. اذاً الثوره كي تقوم لابد من توفر الاراده عند الثوار، و كي تتشكل الاراده لابد له من مسوغات، كالظلم، الاستبداد، القهر، غياب الحرية،و... الخ. تلك المسوغات تسهم في تشكيل القناعات داخل نفس المواطن، و حتماً ذلك يقود لرفض الوضع القائم بكل الوسائل و السعي لاقامة نظام بديل يزيل تلك المسوغات. يكون المحرك الاساسي للانسان الثائر هو التغير نحو الافضل، و ليس التغيير او التبديل بنظام لنظام اخر فقط. وفق ما سبق يكون اي تحركات مسلحة سياسية باسم الثوره لا تتضمن اراده التغير الحقيقي بيكون نفاق سياسي... و اي سياسي ثائر رافع شعارت سياسية لا تنطبق عليه عملياً، و ممارسات سلوكية تنافي تلك الشعارات، هو نفاق سياسي كذلك... و هذا النفاق للاسف الآن هو التي تحرك معظم المثقفون الذين يقودون مكوناتنا السياسية (المسلحه و المدني)، و هذا هو آفه المثقفون الذين يمتهنون مهنة السياسة... و بالاخص الذين يقودون الحركات المسلحة في دارفور، الان ثبت للجميع بانها مجرد حركات !!!؟؟. الأوضاع السياسية في دارفور في بدايات عام 2002م، كانت تنذر بحدوث كأرثه انسانية ، حيث زيادة في رقعة الإقتتال بين القبائل، زيادة في حجم مشاكل النهب والقتل، تردي في المستوي المعيشي، و....الخ، ذلك الامور زاد في تعجيل إنطلاقة العمل المسلح المنظم، حيث كان ذلك بمثابة النواة الاولي لتاسيس حركة تحرير السودان. لاحقاً دشن حركة العدل و المساواة نشاطها العسكري، و سبق ذلك التدشين جملة من البيانات السياسية و وثيقة تاريخية سميت بالكتاب الاسود، تعرض فية لحجم الظلم و المعاناة الذي لحق بالشعب الدارفوري. إنطلق ذلك العمل العسكري في دارفور بإسم حركتين ( العدل ، والتحرير) رغم وحده الهدف، و تزايد حجم النشاط العسكري لهما بصوره متزايده. صاحب ذلك النشاط خطاب سياسي يدعو كل الشعب السوداني للإنضمام للثوره، و لم يكذب الشعب ذلك الخطاب طالما واقع حالهم يبرهن لهم ذلك، و بحسن نية من شعبنا وضعوا الأمل في ذلك و عقدوا العزم بالثبات علي ذلك حتي النصر، ذلك الخطاب تم تناول في وسائط الأعلام بصوره لم يتوقعة الناس، و تم الترويج له بصوره ازعج النظام في الخرطوم، مما اضطروا لمواجهتة بخطاب مضاد. إنضم لضفوف الثوره عدد هائل من الشباب، دون ان يدركوا او يستفسروا عن ذلك الحركات التي اصطلحت عليها : (الثوره ! )، ماذا تحمل لهم من فكره ؟، و هل القتال من اجل السلطة ؟ ام من اجل حقوق للعامة دون الخاصة، و هل القاده الذين خططوا و نظروا للثوره هم تحرروا من سيطره القيود (العشيره، العائلة، القبيلة، الجهوية) ام انهم قابعين تحت وراء تلك القوي ؟؟؟. تلك الأسئلة و اخري كثيره لم تخطر ببال شعبنا العطوف علي ابنائه، إنخرطوا في ميادين القتال للثوره، دون ان تكون هناك وعي و إدراك بالثوره نفسها، و نجح الخطاب في ذلك الزمن في صناعة ما يمكن ان نطلق عيه اللاوعي الثوري، او الوعي الزئف او الوهم الذي يوضع في مكان الحقيقة و يعتقده الناس بانه الحقيقة، حيث اوهموا الناس بان ما يقومون به من عمل عسكري سياسي هو الثوره !!!. مرت الأيام، و العمل كل يوم تتزايد و تتسع رقعة الثوره، إلا ان هناك شئٌ لم يتوقعة الثوار (الشريفيين) بدأت تظهر لهم، و تتجلي بين الفينة و الأخري، و كل يوم تتزايد رغم المحاولات الكثيره للتغطية عليه من قبل المنتفعين بذلك، إلا انه ظل موجود للعيان، هذا الشئ هو عباره عن (السلوك الممارس)، الغريب في الامر ان الثوار عندما ولجوا لميادين القتال وجدوا نوع من الكذب و النفاق بين ما كان إعتقدوه في السابق و الواقع المعاش، وجدوا الثوره قد تأسست علي نمط سياسات المركز الذي هم ثأروا ضده ، و وجدوا ان هناك قليل من العشائر منحوا لانفسهم حقوق و صلاحيات بموجبة يمنحوا للآخرين جزء من الحقوق بنفس عقلية المركز بل بذات الماكينزيمات السياسية المختلة سوءاً في السلطة او الثروة. و قيادات الثوره الذين برزوا للسطح معظمهم اداءهم الاداري و السياسي للثوره اشبة بطريقة بعقلية المركز في اداره البلاد. بل ثبت اسوء من ذلك في بعض الممارسات، و ساهم هؤلاء القيادات في صناعة الوعي الزئق للشعب السوداني. (الوهم)، و جعلوه يتوهم و يعتقد بان هناك ثوره إنطلقت... هذا الامر نتج عنه ما نسمية بأزمة الثوره، أي بان الخطاب الذي طُرحت و صدق الشعب عن الثوره لم يتضمن اي نظرية او فكره عن الثوره فقط كان موجه للتعبئة و حشد الشعب حول الحركات، و زاد الامر سوءاً السلوك الممارس داخل تلك الحركات، من تصفيات، إعتقالات، فساد، محسوبية، عنصرية ضيقة (عشائر، قبائل)، مكايدات،و... الخ، هذه المشكلات الموجوده عند النظام في الخرطوم بنفس القدر تم تصديره لأرض الثوره الطاهره الشريفة، الذي ما كن يخطر ببال احد منا و لا ظننا يوماً من الأيام ان القتال الذي تدور في دارفور بإسم الثوره بداخله مشكلات كهذا. (2) الثوره... و السلوك الممارس. !!؟؟ إصطدمت و أصيبت بغيبة أمل منذ أيامي الأولي عند وصولي لميادين الثوره، حيث رايت العجب !!! ، و كُنت ضحية لتلك الممارسات اللأخلاقية التي تنطلق من بنية اللأوعي الثوري التي تم الترسيخ له من قبل قاده الحركات انفسهم، أخجلوني و العالم بذات التصرفات و الممارسات اللاثوريه. و الحركات المسلحة في دارفور فشل في إداره ذلك المشكلات و مواجهتة بحلول جزرية، فقط تم مجابهتة بالسلوك المضاد اي بنفس ما عاملهم به المركز من قبل، و أي محاولة من الداخل من قبل الثوار (الشريفين) لإصلاح ذلك الأمر يتم مواجهتة بتهمة الخيانة و الإرتماء في أحضان المؤتمر الوطني (حمالة الفشل). لان أزمه تلك الحركات المسلحة و انا واحد من ضمنهم، ناتجة عن :- (1) غياب مشروع قومي مقنع يلتف حول الشعب السوداني. (2) السلوك الممارس لم يختلف عن سلوك المركز، بل احياناً تمارس باسلوب اقبح من ذلك. (3) ناتج عن غياب الفكره ، و كان الامر قتال للحصول علي مواقع سلطوية، في إن غائب عن عقولهم تجارب الثورات التي قامت دون فكره راسخه تحولت لديكتاتوريات عند وصولهم للسلطة كما في الأنظمة التي حكمت في دول الجوار ( إريترية، تشاد، ليبيا سابقاً،و ....الخ). وعند دراسة تجربة محاولة تأسيس ثورة في دارفور و كردفان عبر القتال المسلح خلال 12 سنة، نجد انه كان حلماً ولم يظل حتي الآن، و ذلك لان مفهوم الثوره ليس يعني قتالاً فقط ، الثوره كي تقوم في اي موقع علي الكره الأرضية هناك شروط تتطلب توفره و هي :- (1)- وقوع الظلم علي الشعب ، و هذا قائم منذ الإستقلال. (2)- وجود القوة البشرية (الثوار) و توفر القناعة لديهم بحتمية إتباع ذلك الوسيلة للتغيير. (3)- وجود قادة مخلصين و زاهدين، يخططون لذلك الثوره. و بإسقاط تلك الشروط علي واقع الحال لدينا، يتضح لدينا العجب ! . الظلم واقع و الشعب السوداني وقف لوقت طويل مع تلك الثوره و قدم ما فية الكفاية من ابنائه حيث دفع بهم لميادين القتال و قدم من حر ماله. و لكن العِلة في ذلك تمكن في القاده الذين بايديهم تلك الثوره، الذين يخططون لهداف الثوره و يرسمون لها خط المسار. هؤلاء القاده هم أُس الازمة و هم يتحملون فشل تلك الثوره، لان الثوره تعني التحرر و التجرد من العصبيات البدائية ( قبيلة، عشيره، عائلة، طائفة، إثنية، جهوية) و للاسف انهم لم يكونوا كذلك... حيث ظلت ذهنية العصبية تتحكم في نشاطهم... الثوره تعني تجاوز لتلك العصبيات في الممارسة و الولاء و الاداءة.. . للاسف هؤلاء القاده لم يتمكنوا من تجاوز عشائرهم او قبائلهم، اقحموا ذلك البدائيات في الثوره ، رغم ظاهرياً لديهم نصوص متقدمة و هياكل تنظيمية متطوره توحي للآخر بالمؤسسية ، إلا انهم رغم ذلك المؤسسات البارزه، هنالك قوة خفية (القبلية) فاعلة و محركة للأمور... فتجد تلك القاده يتحدثون عن القانون و المؤسسية و كل نظم الإداره الحديثة... إلا انهم يتصرفون إنطلاقاً من مرجعية العصبية (القبيلة). فقادة الثوره في كل الحركات لا زالوا يديرون الثوره بعقلية العشيره... بتلك الذهنية أُختزلوا تلك الثوره القومية في كيانات ضيقة، و اصبحت املاك تحت حيازتهم... و هذا أخطر مرحلة وصلت الية الثوره الآن، حيث إن الثوره تُهدر من قبل تلك الذهنية، حيث أُهدر طاقات هائلة كان يمكن الشعب من تحقيق هدفهم، و اهلكوا اروح ليت إنها كانت في ثوره حقيقية... الثوره تطلب قائد رسالي، متحرر من العصبية، طاهر من دنس النفوس الرخيصة ، قادر علي قياده الثوره، كل ذلك للاسف نفتقد للشخصية التي تتصف بذات الصفات. بحرالدين عبدالله إسماعيل [email protected]