بسم الله الرحمن الرحيم (أنا يا خالتو كنت طالع من المسجد بعد صلاة التراويح ومعاي صاحبي وكان في أطفال بيلعبوا قدام المسجد بالألعاب النارية فجأة جاء جاري علينا راجل كبير وطوييييل قاموا الأولاد طوالي جروا، أنا وقفت مكاني وأبيت ما أجري عشان أنا ما عملت حاجة غلط، بعد كده الراجل جاء علي وقعد يضرب فيني ضرب شديد، قمت قلت ليهو أنا ما معاهم أنا ما كنت بلعب، أنا كنت في المسجد بصلي في التراويح، لكن ما سمع كلامي وبقى يضرب فيني بي يدينو الإتنين مرة كف ومرة بونية وخبيط شديييد في وشي ورأسي وكان لابس (خاتم) في يده ضربني بيهو في وشي لمن قعدت أنزف.. يلا صاحبي جاء يحجزوا مني قام دفروا. بعدين جات واحدة جارتنا حاولت تحجزوا قال ليها (إنت أمو؟) قالت ليهو (لا... أنا جارتهم) قام برضو زحاها. وواصل ضرب ولكم فيني ولما شاف النزيف ملا هدومي ووشي قام ساقني لقسم الشرطة وأنا بنزف والدم مالي هدومي !!! يعني حتى ما وداني المستشفي يا خالتو)!! بهذه الكلمات البسيطة المؤلمة حكى لي الطفل عصام محمد محجوب إبراهيم (12) سنة قصة الاعتداء عليه قبيل وقفة العيد.. طفل بريء كل ذنبه أن خروجه من المسجد صادف وجود صبية يلهون بالألعاب النارية، وصادف أيضا وجود رجل لا يحمل رحمة ولا إنسانية في قلبه للدرجة التي ينهال فيها بالضرب على صبي لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره مسبباً له الأذى الجسيم. الطفل عصام وقبل وصوله القسم اتصل بوالدته عبر الهاتف ليخبرها بما حدث وقد كانت والدته في ذلك الوقت في مستشفى الخرطوم. وحكت لي والدته كيف أنها صعقت من رواية ابنها خاصة بعد أن تحدثت مع المعتدي والذي قال لها حسب حديثها: (ولدك ده أنا ضربتو وشوهتو ليك والدايرة تعمليهو أعمليهو)!! أضافت الأم: (إتخيلي يا أستاذة الكلام ده قبل الوقفة والشوارع زحمة شديييييد وكنت حأموت قبل ما أشوف ولدي)!! التفاصيل أعلاه ليست مشهداً من فيلم آكشن، ولا مقطعاً من أفلام الرعب، إنما هي واقعة حقيقية من لحم ودم حدثت في مربع 29 المهندسين. والمدهش في الأمر، أن المجني عليه والمعتدي كانا حاضرَيْن داخل القسم، ورغم ذلك لم يصدر أمر توقيف، أو يتم إلقاء القبض على الجاني، رغم أن الواقعة تعتبر حالة تلبس، وكان ينبغي على الشرطة القبض على الجاني وعدم إطلاق سراحه إلا بالضمانة المالية المقدَّرة من وكيل النيابة، وهو ما لم يحدث، حيث خرج الجاني حراً طليقاً وذهب الطفل إلى المشفى ليخضع لعملية خياطة للجرح بلغت (5) غرز. عقب ذلك، تم تدوين بلاغ بالرقم 611 وتوجيه اتهام تحت المادة 139 من القانون الجنائي (الأذى الجسيم)، وصدر أمر قبض في مواجهة المتهم الذي ما زال مطلق السراح حتى كتابة هذه السطور، رغم أن أمر القبض محرر في تاريخ 15 يوليو. تفاصيل القصة أعلاه وبقدر ما توضح القصور الذي شاب بعد الإجراءات المتبعة لإيقاف المتهم توضح أيضاً إهدار حقوق الطفل والأذى النفسي والبدني الذي يتعرض له الأطفال بين الفينة والأخرى. وقد ظلت ذكرى الأعياد دوماً مرتبطة بانتهاك حقوق الأطفال ابتداءً من مرام وشيماء و.. و.. ليس انتهاءً بعصام، وما لم يتم تشدييد العقوبة في مواجهة المعتدين على الأطفال، فلن ينعم أطفالنا بمجتمع معافى.. ذلك مع اختلاف شكل الاعتداء، فالاعتداء اللفظي أحياناً يكون وقعه النفسي على الطفل أسوأ من الاعتداء البدني، فما بال لو اجتمع الاعتداءان؟ خارج السور دار لغط في موضوع الطفل عصام، بأن المعتدي ينتمي لإحدى القوات النظامية. نحن والجميع في انتظار نفي أو إثبات وتبرير لعدم إلقاء القبض عليه. *نقلا عن السوداني [email protected]