كما الأحزاب التقليدية بدأ حزب التحرير والعدالة في التفتيت والانشقاقات والاتهامات في الذمة المالية والسياسية. أمس أعلن تيار من الحزب عن ترشيحات لتولي منصب رئيس السلطة الإقليمية لدارفور خلفاً لدكتور التيجاني سيسي، وذلك بسبب خلافات واضحة بدأت تنخر في عظم التحرير والعدالة منذ خروج أبو قردة في مؤتمره الصحافي الشهير، واستمرت بشكل أقوى الأشهر الماضية. الخلافات مع التيجاني السياسي لم تكن خلافات حول سياسات الرجل الأول في السلطة في إدارة إقليم دارفور ولا حول أولويات مشروعات التنمية وإقرار السلام، بل جلها كان يتجه صوب التشكيك في ذمة رئيس السلطة المالية وعدم الشفافية في الصرف من صندوق إعمار دارفور وأموال المانحين التي قيل إنها تصرف دون وجه حق. ولأن التحرير والعدالة مسجل كحزب سياسي قادم من اتفاقات سياسية؛ جعلته يركن إلى البندقية، اكتفت الحكومة والجهات العدلية المختصة (بمشاهدة القلم دون تعليق). لم يكن هنالك أي تحرك رسمي من الدولة لتحقيق حول مدى مصداقية الاتهامات التي طالت السيسي من أقرب قيادات حزبه إليه، وإذا ما كانت هذه الاتهامات مجرد قتل معنوي وحرق شخصية أمام الرأي العام، أم إنها - فعلاً - ترقى لمستوى فعل جنائي يستحق فتح الملف. الحكومة تصيبها هاء السكت بالرغم من أن الاتهامات أصبحت مادة جاذبة في الصحف اليومية.. سكوت ليس له مبرر ليس فقط للتحقق من أموال الشعب وإنما لجهة التسوية السياسية نفسها لإقليم دارفور وعدم انهيار وثيقة الدوحة. خلاف السيسي – أبو قردة، كانت بدايته خلاف سلطة ونفوذ، بجانب الاختلافات السياسية المعروفة بين الرجلين، فأبو قردة القادم من قيادات الحركة الإسلامية قبل الانضمام إلى الحركات المسلحة، لم يكن على وفاق مع الرجل الأول في حزبه، وهو القيادي الأصيل في حزب الأمة القومي؛ حيث كان السيسي آخر حاكم لدارفور في عهد الصادق المهدي، وحيث أن الموافقة عليه جاءت بالإجماع لكونه من جمع الحركات المسلحة في كيان واحد في أديس، ثم إن السيسي يتحرك في مساحات أوسع بقوة الدفع التي يجدها في المحيط الدولي الذي يسعى إلى استقرار إقليم دارفور. الآن استفحل الوضع جراء الاستقطاب الحاد من كل طرف للمجموعات الأخرى المكونة لاتفاقية الدوحة. بدا هذا الاستقطاب على مستوى العشيرة والأقارب، وقد يتخطاها بعد قليل إلى كيانات أكبر إذا ما استمرت الحكومة تنظر إلى هذه الخلافات بعيون المتفرج. فمثلاً قيادات مثل عثمان البشرى؛ أصبحت أحد أهم قوة دفع لمجموعة أبو قردة، فيما تميل مجموعة دبجو إلى التيجاني السيسي والذي هو أقرب إلى إعادة الثقة فيه وتجديد رئاسته للسلطة الإقليمية، وكل الشواهد تشير إلى ذلك، لكن ذات الشواهد تشير إلى المزيد من تعميق الشقة بين التيارين وسط صمت الحكومة. التغيير