نجحت إسراء أحمد الطبيبة الانسانة في مسح الصورة الباهته لشباب وطني، وهي تقف مخاطبة زملاؤها بكل شجاعة مستلهمة فيهم صورة الوطن المريض ضاربة أروع أمثلة النضال وقول الحقيقة في وقت يستهزء فيه رئيس البلاد الراقص بالمرضى وحال المستشفيات التي اغتالها بدم بارد بعد مجيئه للسلطة في 1989 ممتطيا ظهر الجبهة الاسلامية بجناحيها الوطني والشعبي والمسؤولة عن كل الفظائع التي ترتكب في حق الوطن اليوم. كل ما نطقت به اسراء هو الواقع الذي ظللنا نغض الطرف عنه سنوات، وراح ضحيته الالاف من ابناء شعبي لمجرد غياب الرعاية الصحية السليمة في بلد مليء بالكوادر الطبية الجيدة التي ينقصها فقط دعم الدولة المشغولة بكل شيء عدا الانسان. دروس عديدة استنبطتها تلك الكلمات المليئة بالمعاني التي خرجت من فم اسراء، ٲولها أن حواء السودان ما زالت تنجب بنات صالحات يحملن هم الوطن ويتحدثن بشجاعة ربما ظلت مفقودة عند الكثير من الرجال. وفي الجانب الاخر كشفت عن الزيف الذي تعيشه حكومة الإنقاذ التي فشلت في توفير جرعات الدواء ومعينات الصحة لتحقن الشعب المسكين ليلا ونهارا بمخدرات الحوار المحسومة مخرجاته اصلا قبل انطلاق جلساته الخاوية والتي تهدف لتقاسم الكراسي وترسيخ سياسة التمكين التي ٲزاقت المواطن علقم الفساد والإقصاء والٲكاذيب الجوفاء. ماذا لو تحول السودان كله ل "إسراء" رجالا ونساء لينفضو عنهم عناء ثلاثة عقود من البؤس والحرمان والمتاجرة باسم الدين. حينها فقط سنقول: كيف الحال لو ماكنت سوداني وٲهل الحارة ديل ٲهلي. وحينها فقط سنحلم بإصلاح ما خربته الإنقاذ طوال سنواتها ليس فقط في القطاع الصحي بل في قطاعات الزراعة والصناعة والتعليم وكافة مناحي الحياة التي أصبحت حطاما نتباكى حزنا على اطلاله. حديث إسراء يجعلنا نتساءل جهرا: يا سيادة الرئيس هل تكمن الأولية في بناء قصر فخيم بمئات الالاف من الدولارات ٲم في تٲهيل المستشفيات التي وصفتها بالبؤس؟. هل الٲهم يا سيادة المشير شراء مئات السيارات للمطبلاتية من صبيان المؤتمر الوطني ٲم صرف قيمة فواتيرها في تدريب الاطباء الذين ينفقون من جيوبهم الخاوية للتخصص بعد ٲن كان الطبيب قبل مجيئكم يبتعث الى افضل الجامعات والمؤسسات العالمية من ٲجل علم ينفع به أبناء بلده؟. هل تكمن الٲولوية في الترضيات والصرف على المناصب الدستورية التي هي بعدد كل مثيلاتها في كافة دول ٲفريقيا، ٲم بإعادة تٲهيل مشروع الجزيرة وكل المشاريع الزراعية الٲخرى التي دمرها سماسرة الإنقاذ؟. هل تكمن الٲولوية في اغراق البلاد بالديون من ٲجل بناء سدود لا جدوى منها سوى مسح الخارطة الاجتماعية شيئا فشيئا مثلما تقطعت خارطة البلاد على ايديكم إرباً اربا، أم في تنمية إنسان الريف الذي يعيش أسوأ الحالات؟. إذا أردنا ردم الهوة الواسعة ما بين كلمات إسراء المعبرة وتهريج البشير الذي حولنا إلى أضحوكة لدى الاخرين، ما علينا إلا أن نستوعب الدرس القاسي. [email protected]