لم يكن الشيخ احمد عبدالرحمن مرتاحا لتوقيت زيارة الراحل الترابي للملكة العربية السعودية في أعقاب غزو العراق للكويت ..شيخ احمد يدرك لغة الشيخ الجافة والصريحة وفي ذات الوقت يعرف جيدا مقدار العشم السعودي في مساندة السودان لهم..لقاء قمة جمع الملك فهد والشيخ الترابي القابض وقتها على كل شيء.. انتهى اللقاء الموسع بابتساماتمن الجانبين وانفرد الشيخ بالملك ..حينما يرفع مثل هذا الاجتماع بسرعة يعنى هذا الفشل بعينه .كانت صدمة بالنسبة للملكة العربية السعودية استدعت التفكير في رد الفعل المناسب..كان توجيه القيادة السعودية واضحا كل شيء الا الجالية السودانية في المملكة..مرت العلاقة بين الرياض والخرطوم بسنوات من القطيعة لم يتاثر بها السودانيون ..مثل هذا التعامل جعل للسعودية خاطر عند كل سوداني. اجتمع امس مجلس الوزراء السوداني وأصدر قرارا نص على معاملة الجنوبيين كأجانب ..بل مضى القرار الى اكثر من ذلك حينما وجه بتفعيل (الكشة) على الجنوبيين المخالفين لشروط الإقامة الشرعية في ظرف اسبوع..قبل ايام هددت الحكومة السودانية يقفل المعابر التجارية مع دولة جنوب السودان..هذا التصعيد بالطبع لم يأتِ من فراغ.. الصحف السودانية حملت اخبار عن لقاءات تنسيق جمعت حكومة جوبا مع قيادة الحركة الشعبية قطاع الشمال..هذا يعني ان الغضب الحكومي ليس ناتج من فراغ. بداية كان الرئيس البشير قد وجه بمعاملة الاشقاء الجنوبيين الفارين من جحيم الحرب باعتبارهم كسائر السودانيين ..المكرمة الرئاسية شملت ايضا الإخوة السوريين المستجيرين بمناخ السودان الجاف والحار..من ناحية حسابية انية لم تكن الخطوة في صالح جموع اللاجئين لانها أفقدتهم الفوائد التي توفرها الاممالمتحدة للاجئين والتي من بينها بطاقة تمنع طردهم وتتيح لهم الاستفادة من عوائد مادية بالاضافة لامكانية التوطين في بلد ثالث..الا ان القرار من الناحية الاستراتيجية كان موفقا فقد ابرز وجها انسانيا للحكومة المتهمة في إنسانيتها تجاه المواطن السوداني دعك من الأجنبي ..كما ان الحكومة بشكل او باخر في حوجة الى عمالة اجنبية تسد بها النقص في بعض قطاعات العمل الشاق..المهم ان الحكومة قد استحقت الثناء على صنيعها. في تقديري استثناء الجنوبيين من المكرمة الرئاسية يوطن احساس اننا ننظر الى اشقائنا الجنوبيين بشكل متعال..كما المعاملة القاسية تفقد السودان رصيد من الاحترام والحب كان يمكن ان يزرع بين مواطني بلد أضعناه بسوء التخطيط والتدبير وحسن التعامل..الأهم من ذلك ان حكومة الجنوب بامكانها ان تعاملنا بالمثل ..ملايين الرعاة السودانيين يحجون جنوبا في موسم الجفاف..ليس في يد هؤلاء خرطة ولا جوازات سفر..قفل منافذ التعاون يعني الأضرار بالمنتج السوداني الذي وجد سوقا بكرا يسوق فيه المنتجات السودانية . بصراحة ..هنالك اكثر من طريقة يمكن ان تلوي بها الحكومة السودانية ذراع خصومها في حكومة جوبا..جنبوا الشعوب دفع ثمن اخطاء الحكام تربحوا الحاضر والمستقبل .